الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
-أزمة الكهرباء في جماعة وليلي زرهون: بين التهميش والتمييز وغياب العدالة التنموية-
بن سالم الوكيلي
2024 / 11 / 29كتابات ساخرة
في ظل سياسة التنمية الشاملة التي تنهجها المملكة المغربية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تستهدف تحسين حياة المواطنين في جميع مناطق المملكة، يظل واقع العديد من الجماعات القروية والمناطق النائية بعيدا عن هذا التوجه السامي. واحدة من هذه الجماعات التي تظهر بوضوح التباين بين الخطاب الرسمي وواقع الحال هي جماعة وليلي زرهون. ففي هذه المنطقة الريفية، يحرم المواطنون من حقهم في الحصول على الكهرباء تحت ذريعة "عدم وجود طلب رسمي"، وهو تفسير يبدو وكأنه نتيجة لغياب الوعي بالاحتياجات الأساسية للمواطنين في المجتمعات الفقيرة.
هذه المعضلة ليست مجرد قضية بيروقراطية أو تقاعس إداري، بل هي قضية تتعلق بعدم المساواة والتفاوت التنموي الذي يشهده المغرب، في وقت تعمل فيه الدولة على تحقيق التنمية المستدامة، ومحاربة الفوارق الاجتماعية والمجالية. في الوقت الذي تشهد فيه المناطق الكبرى والمشاريع الاستثمارية الكبيرة تسهيلات ودعماً حكوميا هائلين، يتعين على المواطن البسيط في جماعة وليلي زرهون أن يخوض معركة للحصول على أبسط حق من حقوقه: الكهرباء.
من الملاحظ أن المشاريع الكبرى في هذه المنطقة، مثل المشاريع الفلاحية أو الاستثمارات الصناعية، تحصل على تراخيص بسهولة، حتى في مناطق محظورة للبناء، بينما يبقى المواطنون الذين يعيشون في القرى المجاورة معزولين عن شبكة الكهرباء. يتم إغفال حاجاتهم الأساسية، في الوقت الذي تمنح فيه الأولوية للمشاريع التي تحقق الربح وتدعم المصالح الاقتصادية للمستثمرين.
ولكن ما يثير الاستغراب أكثر هو التناقض بين هذا الواقع والالتزامات التي قطعها المغرب على نفسه، سواء في العهد السابق أو في ظل السياسة المولوية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. ففي خطاباته المتتالية، يولي جلالته اهتماما بالغا للعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة في المناطق القروية. وقد شهدنا، في السنوات الأخيرة، إطلاق العديد من المشاريع الكبرى التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة في المناطق النائية، مثل برنامج "المغرب الأخضر" و"الجيل الأخضر" اللذين استهدفا تحسين البنية التحتية، بما في ذلك شبكة الكهرباء، في المناطق القروية. إلا أن هذه المشاريع تظل أحيانا غير كافية أو تتأخر في الوصول إلى العديد من القرى الصغيرة مثل جماعة وليلي زرهون.
المشكلة ليست في غياب السياسات أو القوانين، بل في طريقة تطبيقها. ففي وقت يصر فيه المسؤولون المحليون على ضرورة تقديم طلب رسمي للحصول على الكهرباء، يعاني السكان من غياب الوعي أو الفهم العميق لاحتياجاتهم. فالمواطن الذي يفتقر إلى الإمكانيات لا يستطيع تقديم هذا "الطلب الرسمي" الذي يشترط للحصول على الخدمة، في حين أن العديد من هؤلاء المواطنين يعانون من أوضاع معيشية صعبة، ويعيشون في ظلام دامس بسبب تهميشهم المستمر.
ما يزيد من تعقيد الوضع هو التركيز المفرط على المصالح الاقتصادية والتجارية على حساب حقوق المواطن البسيط. فتسهيلات الحصول على التراخيص للمشاريع الاستثمارية الكبيرة التي تقام في مناطق محظورة، رغم أنها قد تكون غير قانونية أو موجهة لخدمة فئة معينة، تظهر بوضوح التفاوت في المعاملة. بينما يحرم المواطن من أبسط الخدمات، مثل الكهرباء، وهو حق لا يمكن الاستغناء عنه في القرن الواحد والعشرين.
في هذا السياق، يبقى السؤال الأكبر: هل سيتحمل المواطن المغربي العادي هذا التهميش الطويل الأمد؟ وهل ستستمر هذه الفجوة التنموية التي تميز بين فئات المجتمع؟ من سيقف أمام هذه الحالة من الاستهتار بحقوق المواطنين في المناطق النائية؟ ألم يحن الوقت لمراجعة السياسات العمومية والتأكد من وصول خدمات الكهرباء والإنارة إلى جميع المناطق، وليس فقط تلك التي تشهد مشاريع استثمارية كبرى؟
إن المسؤولية اليوم لا تقع على عاتق المواطنين فقط، بل على جميع الفاعلين المحليين والجهويين في تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع التي تضمن للمواطنين أبسط حقوقهم في العيش الكريم. فالتزام المملكة المغربية بالتنمية المستدامة يتطلب أن تشمل جميع المواطنين، من جميع الفئات والمناطق، دون استثناء.
وأخيرا، فإن الأمر يتطلب تحركا عاجلا من السلطات المحلية والجهوية للوفاء بتوجيهات جلالة الملك محمد السادس في مجال العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة. فالمغرب، بفضل سياسته التنموية تحت القيادة الملكية، قادر على تجاوز هذه التحديات وبناء مستقبل أفضل لجميع أبنائه، في جميع أنحاء المملكة، سواء في المدن الكبرى أو في القرى النائية مثل جماعة وليلي زرهون.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. عمر متولي يثير جدل في الوسط الفني بسبب حديث عن موهبة الراحل
.. النادي الأميركي في الجزائر.. مساحة جديدة للتعريف بثقافة الول
.. الدوحة تستعد لعودة منافسات بطولة -ون- للفنون القتالية في فبر
.. تفاعلكم | القصة الكاملة لضرب الفنان عبدالمنعم عمايري في دمشق
.. القصة الكاملة للتعدي على الفنان السوري عبدالمنعم عمايري: -ضر