الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
جيش الجياع.. الشرارة الأخيرة قبل الانفجار الكبير
مهدي عقبائي
مهدي عقبائي كاتب إيراني - عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
(Mehdioghbai)
2024 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية
منذ أكثر من أربعة عقود، يعيش الشعب الإيراني تحت وطأة نظام لا يعرف سوى القمع والفساد، نظام سرق الثورة عام 1979 وحوّلها إلى أداة لاستعباد الشعب واستنزاف خيراته. خميني ومن أتى بعده جعلوا من الشعارات الدينية أداة لاستغلال العاطفة الشعبية، فيما انهمكوا في بناء منظومة فاسدة تخدم مصالحهم الخاصة. اليوم، وبعد سنوات من الوعود الكاذبة، يقف "جيش الجياع" على أعتاب ثورة جديدة، يختلف عن الجيش الذي خدع بشعارات الماضي، إنه جيش الجياع، جيش المظلومين الذين لم يعد لديهم ما يخسرونه.
عندما استخدم النظام شعارات مثل "يا جيش صاحب الزمان، استعد!" خلال الحرب الإيرانية العراقية، كان يستغل مشاعر الشباب الفقراء ليزجّ بهم إلى ساحات الموت. تلك الحرب التي لم تكن سوى أداة لترسيخ سلطة النظام، كلفت الشعب الإيراني دماء الآلاف من أبنائه، خاصة من الفقراء وسكان القرى والمناطق المحرومة. هؤلاء الشباب الذين كانوا يأملون في مستقبل أفضل عادوا في توابيت أو أصيبوا بإعاقات دائمة.
ولكن حتى هؤلاء الذين ضحوا بدمائهم للنظام، لم يسلموا من خيانته. بعد انتهاء الحرب، وجدوا أنفسهم مهمشين، محرومين من أدنى حقوقهم، بينما كان قادة النظام يستمتعون بثروات البلاد التي جمعوها من السرقات والفساد.
اليوم، يتحدث النظام نفسه عن "جيش الجياع". صحيفة الجمهورية الإسلامية، وهي لسان حال النظام، حذرت في يوليو 2023 من أن تقسيم الفقر بين الشعب سيؤدي إلى انفجار شعبي وشيك. كتبت الصحيفة: "من الظلم أن يطالب النظام الشعب بالصبر والتقشف بينما تتقاسم النخبة الحاكمة الثروات بينهم. إن استمرار هذا الوضع لن يؤدي إلا إلى تجمع الغضب في صدور المحرومين، وهذا الغضب سيتحول إلى بركان لا يمكن وقفه".
في ديسمبر 2024، كررت الصحيفة التحذير نفسه، مع اعتراف ضمني بأن النظام أصبح عاجزًا عن تقديم أي حلول حقيقية للأزمة الاقتصادية. قالت الصحيفة: "في مجتمع تغلب عليه التفرقة الطبقية والظلم الاقتصادي، فإن أصغر شرارة يمكن أن تشعل ثورة كبرى. هل أنتم مستعدون لمواجهة ثورة الجياع؟".
الأرقام وحدها تكفي لتوضيح حجم الكارثة. العملة الوطنية الإيرانية، الريال، فقدت قيمتها بشكل كارثي. متوسط دخل العامل الإيراني اليوم يعادل 100 دولار شهريًا، في حين أن تكلفة المعيشة ارتفعت بأكثر من 40% خلال الأشهر القليلة الماضية فقط. أسعار الغذاء أصبحت خارج متناول معظم العائلات؛ سعر الدجاج تجاوز مئة ألف تومان في بعض المناطق، وأسعار البيض واللبن والخضروات ترتفع بشكل مستمر.
في الوقت نفسه، يشهد الشعب الإيراني انهيارًا في الخدمات الأساسية. الكهرباء تُقطع عن المنازل والمستشفيات بسبب نقص الوقود، ونقص الأدوية يهدد حياة الآلاف. بينما النظام مشغول بتمويل الميليشيات الخارجية والإنفاق على مشاريعه التوسعية، يعيش المواطن الإيراني في ظلام الجوع والفقر.
حتى الذين دعموا النظام في الماضي، سواء بسبب الجهل أو بسبب الانتماء الطبقي، لم يعد بإمكانهم تحمل الوضع. صحيفة الجمهورية الإسلامية، التي دافعت طويلاً عن النظام، أصبحت اليوم تعترف بخطورة الوضع. جاء في أحد مقالاتها: "كل يوم يتزايد عدد الفقراء الذين لا يستطيعون تأمين لقمة العيش. هؤلاء الذين حرموا من حقوقهم الأساسية سيشكلون يومًا ما جيشًا للإطاحة بالنظام. ثورة الجياع هي النهاية الحتمية لأي نظام لا يستمع لصوت الشعب".
النظام الإيراني يحاول كسب الوقت من خلال القمع والتهديد، لكنه يعلم جيدًا أن القمع لا يمكن أن يوقف ثورة شعبية. "جيش الجياع" الذي يحذرون منه ليس مجرد كلمات في الصحف، بل هو حقيقة تتجسد يوميًا في وجوه الأطفال الذين ينامون بلا عشاء، في أمهات يائسات، وفي رجال فقدوا الأمل.
النظام الذي اعتاد على القمع، يجد نفسه اليوم أمام عدو لا يمكن قمعه بسهولة: الجوع. الجوع الذي لا يعرف الخوف ولا يفهم لغة التهديد. الجوع الذي يحرك الشعوب ويشعل الثورات.
وفي سياق متصل، أعلنت أمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بيان لها بتاريخ 18 نوفمبر 2024، تفاصيل جديدة عن تصاعد نشاطات وحدات الانتفاضة في مختلف المدن الإيرانية. جاء في البيان:
جاء في اللافتات والملصقات والمنشورات والصور الضوئية العبارات التالية: الموت لخامنئي، انتفاضة نوفمبر مستمرة، نار الانتفاضة ستشتعل بجيش الجياع، في ذكرى انتفاضة نوفمبر، رد أبناء إيران هو المعرکة بأضعاف مضاعفة، المرأة-المقاومة - الحرية، النظام لا يفهم أي لغة سوى القهر والقوة
ختامًا: الجوع.. وقود الثورة
النظام الإيراني الذي بنى حكمه على القمع والخداع يواجه اليوم عاصفة من الغضب الشعبي. "جيش الجياع" ليس مجرد شعار، بل حقيقة تتجسد يوميًا في وجوه الأطفال الذين ينامون بلا عشاء، في أمهات يائسات، وفي رجال فقدوا الأمل. الثورة ليست خيارًا بل حتمية، والجوع سيكون وقودها.
إنها لحظة الحقيقة. جيش الجياع قادم، والنظام الذي لم يحترم شعبه سيجد نفسه يومًا أمام ثورة لا ترحم، ثورة تعيد الحقوق إلى أصحابها وتعيد الكرامة إلى شعب عانى طويلًا من الظلم والفساد.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. سوريا : صرافة العملات الأجنبية من السر إلى العلن وتخبط التجا
.. عائلات سورية تواصل البحث عن مصير أبنائها في سجن صيدنايا
.. حوار خاص مع هيكل دخيل رئيس النادي الإفريقي التونسي
.. أبرز ما ورد في الصحافة العالمية بشأن التطورات في سوريا
.. وزير الدفاع الأميركي ميك ميلروي: واشنطن ستقيم علاقات كاملة م