الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرار سيادة الرئيس محمود عباس ودلالاته السياسية والدستورية: حكمة القيادة في تعزيز النظام السياسي الفلسطيني

لما طه الفقيه

2024 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


في خطوة تاريخية تعكس حكمة القيادة وحرصها على حماية النظام السياسي الفلسطيني، أصدر سيادة الرئيس محمود عباس قرارًا سياسيًا ودستوريًا يقضي بتولي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني مهام رئيس السلطة الفلسطينية في حال شغور المنصب، وذلك إلى حين إجراء انتخابات رئاسية. هذا القرار يُعتبر أحد أهم الخطوات الرامية إلى تعزيز الاستقرار السياسي والمؤسساتي في فلسطين، ويؤكد التزام القيادة الفلسطينية بالحفاظ على الشرعية الوطنية وتعزيز الوحدة بين مكونات الشعب الفلسطيني.

وتأتي أهمية هذا القرار في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه القضية الفلسطينية، حيث يُعد المجلس الوطني الفلسطيني الهيئة التشريعية العليا التي تمثل أكثر من 13 مليون فلسطيني في الداخل والخارج. من خلال هذا القرار، يرسّخ سيادة الرئيس فكرة أن التمثيل الفلسطيني يتجاوز الأشخاص أو المناصب الفردية، ليُجسد روح العمل المؤسساتي القائم على الشراكة الوطنية.

إن هذه الخطوة الحكيمة تعكس رؤية بعيدة المدى تهدف إلى ضمان استمرارية العمل الوطني ضمن أطر مؤسساتية شاملة، تعلو فيها المؤسسات الوطنية على الأفراد، وتبرز فيها منظمة التحرير الفلسطينية كالإطار الجامع لكل الفلسطينيين في الوطن والشتات. القرار أيضًا يعكس التزام القيادة الفلسطينية بوحدة الوطن، وتأكيد أن غزة جزء لا يتجزأ من النظام السياسي الفلسطيني.

من أبرز جوانب هذا القرار أنه يحمي النظام السياسي الفلسطيني من أي فراغ دستوري قد يهدد وحدة القرار الوطني أو يعرض المشروع الوطني الفلسطيني للخطر. إضافةً إلى ذلك، فإن هذا القرار يعزز العملية الديمقراطية، حيث يضمن تمكين الشعب الفلسطيني من اختيار قيادته عبر انتخابات حرة ونزيهة تعبر عن إرادته الوطنية، في مواجهة الظروف الصعبة التي يفرضها الاحتلال.

سيادة الرئيس محمود عباس، ومن خلال هذا القرار، يؤكد حرصه على حماية المكتسبات الوطنية وضمان انتقال السلطة في إطار دستوري وقانوني. هذا النهج يعزز شرعية النظام السياسي الفلسطيني، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية.

يحمل القرار رسائل متعددة الأبعاد، على المستويين الوطني والدولي. داخليًا، يُجسد القرار حرص القيادة على تعزيز النظام المؤسساتي وترسيخ مبدأ الشراكة الوطنية، بعيدًا عن الفردية أو القرارات التي قد تُضعف الإجماع الوطني. أما على المستوى الدولي، فهو رسالة واضحة بأن الشعب الفلسطيني، رغم ما يواجهه من تحديات وإجراءات قمعية من الاحتلال، متمسك بحقه في تقرير مصيره واختيار قيادته ضمن إطار ديمقراطي يُعبر عن إرادته الحرة.

المجلس الوطني الفلسطيني، الذي تأسس في عام 1964، هو البرلمان الذي يمثل الفلسطينيين في كافة أماكن وجودهم. يضم المجلس أكثر من 700 عضو، يعبرون عن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، وأراضي 1967، واللاجئين في الشتات، وفلسطينيي المنفى. تاريخيًا، قاد المجلس شخصيات بارزة، بدءًا من أحمد الشقيري مرورًا بخالد الفاهوم وسليم الزعنون، وصولًا إلى الرئيس الحالي روحي فتوح، ما يُبرز دوره المحوري كجسر لوحدة الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن وجوده.

بالمقارنة مع خيار تعيين نائب للرئيس، يُظهر هذا القرار بُعد النظر السياسي لسيادة الرئيس محمود عباس. فالقرار لا يختزل المنصب في شخص معين يتم اختياره، بل يضع العملية السياسية ضمن أطر ديمقراطية تحترم إرادة الشعب الفلسطيني. كما يعزز القرار من شرعية القيادة المقبلة، ويُجنب السلطة الفلسطينية أي أزمات قد تؤثر على استقرارها الداخلي.

إن قرار سيادة الرئيس محمود عباس يعكس حكمة سياسية ورؤية استراتيجية تهدف إلى حماية النظام السياسي الفلسطيني، وضمان استمراريته ضمن أطر مؤسساتية وديمقراطية. هذه الخطوة تُبرز حرص القيادة الفلسطينية على صون الوحدة الوطنية، وترسيخ مبادئ الشرعية والشراكة الوطنية في وقت تمر فيه القضية الفلسطينية بتحديات مصيرية.

القرار يحمل رسالة واضحة للشعب الفلسطيني والعالم أجمع: أن فلسطين، بقيادتها وشعبها، متمسكة بحقوقها الوطنية والديمقراطية، وتعمل على بناء نظام سياسي قوي قادر على مواجهة التحديات الراهنة، وترسيخ مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

هذا القرار ليس فقط تأكيدًا على حرص سيادة الرئيس محمود عباس على تعزيز المؤسسات الفلسطينية، بل هو أيضًا خطوة حكيمة تؤكد أن الشعب الفلسطيني وحده هو صاحب القرار في اختيار مستقبله وقيادته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحكم حلب هيئة انتقالية؟.. الجولاني يكشف خطته في سوريا


.. جندي كوري جنوبي ينحني معتذرًا لمواطن بعد نزولهم لفرض الأحكام




.. محللان: موسكو وطهران تضغطان على الأسد واجتماع الدوحة سيكون م


.. مصادر طبية للجزيرة: 36 شهيدا جراء الغارات الإسرائيلية على قط




.. ما حظوظ نجاح جهود التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة؟