الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العزوبة: حياة الرفاهية أم فخ الوحدة؟

بن سالم الوكيلي

2024 / 12 / 3
كتابات ساخرة


في عالمنا اليوم، يروج العديد من الأشخاص لفكرة العزوبة كحالة من الحرية المطلقة، حيث يعتقدون أنهم قد اكتشفوا سر السعادة في الابتعاد عن التزامات الحياة الزوجية والاجتماعية. هؤلاء الأفراد الذين يرفعون شعار "أنا حر، لا أحتاج لأحد"، يظنون أن حياتهم تمثل قمة الرفاهية. لكن، رغم كل المظاهر، قد يكتشف هؤلاء الأفراد في وقت ما أنهم محاصرون بين جدران وحدتهم، حيث يقضون الأمسيات بمفردهم يتناولون البيتزا الباردة في منتصف الليل أو يشاهدون المسلسلات بدون رفقة. قد تبدو هذه الحياة مغرية في البداية، ولكن هل هي حقا حياة سعيدة؟

لنأخذ العزوبة كمثال لرحلة بحرية على متن يخت فاخر. في البداية، كل شيء يبدو رائعا؛ لا التزامات، لا مواعيد مع الأهل، ولا مسؤوليات تذكر. لك كامل الحرية في تنظيم وقتك كما تشاء، دون أن تضطر لتبرير أي من اختياراتك. ومع ذلك، سرعان ما تتبدد هذه الصورة المثالية، وتتحول الرحلة إلى قارب صغير يواجه عاصفة من المشاعر الداخلية. فبدلا من الاستمتاع بالحرية، يبدأ الشخص في التساؤل: "أين ذهب الجميع؟" ومع مرور الوقت، تصبح الوحدة أكثر وضوحا، وتبدأ أسئلة مثل "هل هذا حقا ما أريده في حياتي؟" في الظهور. تصبح حياة العزوبة، التي كانت في البداية مليئة بالحرية، مصدرا للعزلة والفراغ.

على النقيض، يأتي الزواج الذي يعتبر في كثير من الأحيان كالدخول إلى حلبة مصارعة. في البداية، يتطلب الزواج الكثير من القوة والصبر. فهو ليس مجرد علاقة عاطفية، بل شراكة تتطلب القدرة على التكيف مع التحديات والتعامل مع المسؤوليات اليومية. يحتاج الزوجان إلى التعاون المستمر والقدرة على مواجهة الصعوبات معا. ورغم أن هذه العلاقة قد تكون مرهقة أحيانا، إلا أن هناك في النهاية حلاوة وسعادة غير قابلة للمقارنة. فكلما زادت التحديات، زادت اللحظات الجميلة التي تنشأ نتيجة للتعاون والاحترام المتبادل. تخيل مثلا أن تكون في ليلة ممطرة، تحت غطاء دافئ، تتحدث مع شريك حياتك عن أحلامكما وطموحاتكما بينما يتلاشى العالم الخارجي. هل يمكن أن توفر العزوبة لك هذا النوع من الراحة العاطفية؟ هل يمكن أن تحقق لك هذه السكينة الداخلية؟

قد يبدو من السهل أن تروج للعزوبية كحالة مثالية للهروب من مسؤوليات الحياة الزوجية، ولكن الحقيقة هي أن الحياة الزوجية، رغم تحدياتها، توفر شيئا لا يمكن أن توفره العزوبية: المشاركة العاطفية والدعم النفسي. ففي الزواج، لا يقتصر الأمر على العيش مع شخص آخر، بل يتعدى ذلك إلى بناء حياة مشتركة قائمة على التفاهم والتعاون. الزوجان لا يتشاركان فقط لحظات الفرح، بل أيضا لحظات الصعوبات والضغوط، وهذا هو ما يعزز العلاقة ويمنحها عمقا. في الأوقات التي يمر فيها الشخص بتجارب صعبة، يجد في شريك حياته مصدرا للراحة والدعم العاطفي.

إن العزوبة قد تكون خيارا مريحا لفترة من الزمن، ولكن مع تقدم العمر ومرور الوقت، تبدأ الحاجة إلى التفاعل البشري العميق في الظهور. فحتى لو كانت الحياة العزوبية ممتعة في البداية، إلا أن الأنشطة الفردية قد تصبح مملة مع مرور الوقت، ويبقى الفراغ العاطفي والانعزال عن المجتمع عائقا كبيرا. فالحياة تحتاج إلى المشاركة مع الآخرين، وعندما يجد الشخص شخصا آخر يشاركه التحديات والأحلام، تصبح الحياة أكثر ثراء وإشباعا.

في النهاية، إذا كنت تفكر في العزوبة كخيار دائم، يجب أن تدرك أن الحياة ليست مجرد رحلة على متن يخت فاخر. الحياة الحقيقية هي تلك اللحظات التي تقضيها مع شخص آخر، سواء كانت لحظات الفرح أو الأوقات الصعبة. إن الزواج ليس مجرد شراكة عاطفية، بل هو مغامرة حقيقية مليئة بالتحديات واللحظات الجميلة التي تشاركها مع شريك حياتك. لذا، في المرة القادمة التي تفكر فيها في العزوبية، تذكر أن الحياة ليست مجرد بيتزا باردة في منتصف الليل، بل هي وليمة من اللحظات الجميلة التي تستحق أن تشاركها مع شخص تحبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزن نجل الفنان فكرى صادق بعزاءه بمسجد الحامدية الشاذلية


.. الفنان الكوميدي العراقي أحمد وحيد لـ-ترندينغ-: -طموحي الوصول




.. الفنان أحمد مكي بلطجي تائب


.. سمو الممثل الخاص لجلالة الملك يحضر تخريج الفوج الثاني من برن




.. ياسمين عبد العزيز تشيع جثمان والدها والعوضي يساندها رفقة مجم