الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حكايات
خالد خليل
2024 / 12 / 4الادب والفن
كان القمرُ يتهجّى الحروف
على جدرانِ الليلِ،
والكلماتُ تبتسمُ كأنها تعرفُ سراً،
سراً لا يُقالُ.
"كان هناكَ رجلٌ"،
يبدأ الحكاية،
"كانت هناكَ امرأةٌ"،
تكمل الريحُ صوتَها.
ثم تتثاءبُ الحقيقةُ
وتتكوّمُ تحت طاولةِ النسيان.
في المدينةِ،
الوجوهُ تُطلي نفسَها كلَّ صباحٍ
باللونِ الذي يطلبُه السوق،
تارةً أحمرَ،
تارةً رمادياً،
وأحياناً... لا لونَ على الإطلاق.
الطفلُ الذي رسمَ شمساً فوقَ الورقِ
قالت له أمُّه:
"لا شمسَ في الشارعِ،
احذفْها".
فمزّقَ ورقتَه.
المنافقونَ...
يُبدّلون الأقنعةَ أسرعَ من تغيّر الفصول،
ويشربونَ نخبَ الخداعِ بفرحٍ طفولي.
يحكونَ حكاياتٍ عن الفضيلةِ
ولا ينسونَ أن يسرقوا الملحَ
من مائدةِ الفقراء.
في زاويةِ المدينةِ،
كان الكلبُ يهزّ ذيلَه
لحاكمٍ مرَّ،
ثم عطس.
قالوا:
"آهٍ من قلةِ الأدبِ!"
الحكايةُ الأخيرةُ...
لم تنتهِ بعد.
القمرُ عادَ ليتهجّى ما بقي
من الحروفِ المكسورةِ،
والليلُ يبتلعُ ما لا يُقال.
الحكاياتُ تبتسمُ دائماً،
لأنها تعرفُ:
كلُّ الأقنعةِ...
تذوبُ تحتَ شمسٍ
لم تُحذفْ بعد.
في الحكايةِ التي لم تُكتبْ،
قالَت الغيمةُ للريحِ:
"لماذا نُطاردُ الورقَ الميتَ
ولا نسألُ الشجرةَ عن اسمِها؟"
فأجابتِ الريحُ:
"لأننا نُحبُّ الأصواتَ،
وليس الجذور."
في المدينةِ،
يتقافزُ الظلُّ كأنه مهرجٌ قديمٌ
يريدُ أن يسرقَ ضحكةً من جدارٍ أعرج،
لكن الجدرانَ…
لا تضحكُ.
المرأةُ التي تبيعُ النسيانَ
في زجاجاتٍ صغيرةٍ
قالت لزبونٍ متردّدٍ:
"خذْ هذه،
ستُنسيكَ أنك نسيتَ."
فابتاعَ الزجاجةَ،
ونسيَ أنه دفع.
الحكاياتُ ترقصُ في الأزقةِ،
تمسكُ بأطرافِ بعضها
وتدورُ كأنها ثملةٌ،
ثم تسقطُ في البئرِ.
البئرُ يعرفُ كلَّ الحكايات،
لكنه…
لا يتكلّم.
يقولونَ إنّ الحقيقةَ طائرٌ،
لكن أحداً لم يَرَ جناحَيها.
ربما لأنها ترفرفُ فقط
عندما نغمضُ عيونَنا،
وننصتُ
للصمتِ.
في الزاويةِ المنسيّةِ،
كان العابرونَ يتبادلونَ نظراتٍ من زجاجٍ،
كلُّ واحدةٍ تَنكسرُ
قبل أن تصلَ.
قال أحدُهم:
"من يشتري وجهاً جديداً؟
وجهي ملّ المرآة."
فصمتَ السوقُ،
وصارتِ الأقنعةُ أرخصَ من رغيفِ الخبز.
الحكاياتُ التي لا تُحكى،
تبقى على أطرافِ اللسانِ،
كطعنةٍ عالقةٍ
بين الشهيقِ والزفير.
لا تموتُ،
ولا تَعيشُ.
في المدينةِ،
الأبوابُ تتكلّمُ أكثرَ من أصحابِها،
والنوافذُ تشهقُ في وجهِ الشمسِ،
كأنها تستجدي ظلّاً صغيراً
يهربُ بهدوءٍ
من ضوءِ الخيبة.
كان العاشقُ يكتبُ رسالةً
لحبيبتهِ التي لا يعرفُ اسمَها.
قالَ:
"كلُّ الكلماتِ مثقوبة،
لكنني سأبعثُها
لأتركَ صمتي يتكلمُ."
ثم طوى الرسالةَ
ووضعَها تحتَ جناحِ حمامة.
الحمامةُ
حلّقت...
ولم تَعُد.
في النهاية،
الحكاياتُ تُطفئ نفسَها
كشمعةٍ تعبتْ من الاحتراق.
تتركُ خلفَها دخاناً خفيفاً،
يُخبرُك:
كلُّ شيءٍ قالَ شيئاً
لم تسمعهُ.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تامر المسحال يوضح أبرز التفاصيل الفنية بشأن اتفاق وقف إطلاق
.. محمد سعد : مشهد التوبة في فيلم الدشاش مستوحى من الحقيقة ور
.. رئيس هيئة الموسيقى السعودية بول باسيفيكو لـ-العربية-: الفضول
.. محمد سعد: أبويا كان مؤذن جامع وصوته في الغناء أحلى مني بكتير
.. محمد سعد فيلم الدشاش كان ?كوميدي فارس? ورفضت أقدم مشاهد تموت