الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من مدينة الحي ..

طالب الجليلي
(Talib Al Jalely)

2024 / 12 / 4
الادب والفن


من .. مدينة الحي..
قصة قصيرة..و بيت شِعْر !!


كان الجو يجفف الماء في أوراق الشجر ، وكانت سعفات النخلة متدلية على حافة الدار المجاورة وكأنها تبحث عن ظل يقيها شمس اب الذي وصفه اجدادنا ( اب يخلع المسمار من الباب)!!
في تلك الظهيرة كان الحاج عبيد ياسين يمر في ذلك الزقاق ويده تستند على عصاه التي كان رأسها مقوسا تحتضنه كفه النحيلة المرتعشة ..كان يمشي الهوينا وهو يتحسس الارض ب( عوكيته) متحاشيا الحصا والحجارة التي لا تميزها عيناه المغطاة بتلك النظارة ذو العدسات السميكة .! كان الرجل قد تجاوز السبعين من عمره او كاد .. أنهى لتوه صلاة الظهر التي كان بحرص على ان يؤديها في الجامع الكبير في سوق النجارين .. اعتاد ان يقطع مسيرته باتجاه ( عكد عَوعَو ) بين الحين والآخر ليقف متأملا الطريق وهو يرفع رأسه متطلعا للأمام .. لا ندري هل كان كذلك ام كان يفكر وهو يمشي ويجتر أيامه السابقة او حاله الحاضر ، لكنه هكذا .. يقف .. يتلفت بهدوء يميناً وشمالا وقد يعود ينظر الى الارض ثم يزيح حجرة صغيرة بطرف عصاه التي لها مآرب كثيرة كما سمع من شيخ المسجد ! في تلك اللحظة خرجت فتاة شابة ذات الستة عشر ربيعا من احدى دور الزقاق .. كان يبدو عليها الاستعجال والغضب !! هل كان ذلك جزعا من آب وحرّه الذي كان يشوي ! ام كان احد من اَهلها قد استفزها وأغضبها .. راحت ترفع عبائتها عاليا عن رأسها بكلتا يديها وكأنها تحاول ان تحرك الهواء وتصنع مهفةّ..!! كانت الفتاة جميلة جدا ومن أولئك اللواتي ينطبق عليهم وصف خوخ مدينة الحي ( ابو خد اوخد) !! بدا للحاج ذلك الصدر الناهد وكأنه تفاح العجم وقد انفتح الثوب عن اعلاه والى جانبي الفتحة كانتا اثنان من الجدائل السود يرفرفون مع حركة العبائة !! توقف الحاج في منتصف الزقاق الذي كان ضيقا !!! تفاجأت الفتاة ! توقفت ... تسمرت في مكانها مندهشة .. ماذا يريد هذا العجوز ؟! ظل رافعا وجهه وهو يتطلع في عينيها منبهرا ويكاد ان يسد الطريق عليها ببرائة طفل و بدون ان يدري..
ها ... شتريد حجي ؟!
قال مشدوها وكان فعلا غائبا عن وعيه : عمي ما تنطيني حبَّه!!!
جفلت وهي تلم عبائتها وتتجاوزه وظهرها يمسح الحائط بنرفزة وتقول : يا ..! شنهي خاله فرهوود ؟!؟!؟!
راح الحاج يكمل مسيرته وهو يزيل الحصا بعصاه من الطريق بعصبية، ويمكن بيأس .. دب الشعر على لسانه كدبيب النمل وبدا كأنه قد غادر الواقع المر وقال:

دالِع تَلاكا اوياي .. ومشَمِّر السود
تَو زَمَّن النَفنوف .. كَبّات النهود !
ذَبني الهوى اوطلبيت .. بوسه امن الخدود !
صَد
واشتمَر
ويكول...
يا ...!
خالي فَرهود ؟؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكاتب والسيناريست باسم شرف: معرض القاهرة الدولي للكتاب أهم


.. مهند مصطفى: مشاهد يحيى السنوار متنقلا في تل السلطان تتناقض م




.. -وردة ترمب في يد بوتين-.. كاريكاتير حول -المفاوضات- بين الرئ


.. صحيفة كندية تنشر رسمة كاريكاتير تظهر ترمب وهو يؤدي القسم ويم




.. ساعة بقرب الحبيب - الحلقة 07 - نوال الزغبي