الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أو وجه الحياة الآمنةIfri n Σuna

محمد زاهد

2007 / 1 / 4
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


أصدر الروائي والكاتب الأمازيغي محمد بوزگو مجموعة قصصية موسومة بعنوان: «Ifri n 3una» في طبعة أنيقة أثث غلافها بلوحة جميلة الفنان عبد العالي البوستاتي.
ويعتبر هذا العمل بمثابة الخروج الثالث للكاتب محمد بوزگو إلى وطن الأسئلة واللامعقول وطريق البحث عن الحياة الآمنة والمجردة من كل أصناف القيود التي فرضها الواقع والظواهر الاجتماعية المعاشة عبر العالم المحلي.
ويذكر أن محمد بوزگو سبق وأن أصدر روايتين، الأولى تحت عنوان: «Ṭicri x ṯama n tsarrawṯ» ورواية «Jar u Jar» الحائزة على جائزة قاضي قدور الدولية.
وفي هذه البكورة الأدبية الجديدة، نجد الروائي محمد بوزگو يقوم بالصياغة الأدبية للمتداوليات الموجودة في هذه المجموعة القصصية، وذلك من خلال اللغة الموظفة والأسلوب الأدبي الرفيع وتقنيات الكتابة المعتمدة ومختلف أشكال المونولوك... التي وظفها في هذا العمل الأدبي الذي ينضاف إلى قائمة الأعمال الأدبية الأخرى المكتوبة باللغة الأمازيغية مثل ما نجده عند ميمون الوليد ومحمد شاشا... وأسماء أخرى على مستوى الإنتاج الشعري والروائي.

وإن كان الشعر الأمازيغي قد عرف إنتاجا متقدما بالمقارنة مع الأجناس الأدبية الأخرى مثل القصة والسرد والرواية، فإن مثل هذه الأعمال من شأنها إغناء الإنتاج والتراكم في مجال الأدب الأمازيغي الذي لا يمكن أن يتطور ويحقق العالمية إلا إذا ما تم ذلك بموازاة مع تطور النقد الأدبي.
Abriḏ
أول قصة استهل بها محمد بوزگو مجموعته القصصية، و «Abriḏ» هنا هو حالة الطريق الذي قد يكون قاد الكاتب إلى معانقة الحياة وما يرافق رحلة البحث عن وجه هذه الحياة من أسئلة، بعد أن كان قد سلك طريقا أوليا وهو الذي يوصل منزله/ مهده بالطريق الكبير. يقول الكاتب في إحدى المقاطع:
« Ar mani itawi ubriḏ a ? Ḏ unniḏ aseqsi kiḏi isiγ uca ḏ fareγt » p :4، ويضيف، « Mani itmatta ubriḏ a ? Aḏ yiri itmetta mani i tqatta ṯuḏart » p :4. ، وإذا كانت حالة الطريق في هذه القصة رمز السبيل الذي يعبره الإنسان في رحلته لمعانقة أسئلة اكتشاف الحياة وكل ما يوحي به هذا الرمز من آفاق وإقبال على المجهول، في مقابل قوة التحدي وإرادة الاكتشاف التي تحدو الكاتب.
« I manis id issenta ubriḏ izi d usiγ nec... Nec ḏ abriḏ azirar i ked γa mquttuseγ »
ومن أجل إعطاء صبغة أدبية وجمالية فنية للفكرة المركزية التي تقوم عليها هذه القصة، نجد الكاتب محمد بوزگو يعمل على توظيف مجريات البيئة المحيطة به وتعدد نماذج الواقع المعاش من خلال حالات رحلة إتباع الطريق- السبيل الذي يقود إلى الحياة. لذلك نجده يستحضر صورة الحمار، الجدة ومجموعة من الناس إلى جانب الكاتب نفسه بكل ما توحي إليه هذه العناصر من إيحاءات وما تحمله من رموز ومصير، ذلك أن كل طرف كيف يسير وكل وطريقه واتجاهه إلى الحياة التي قد يصل إليها وقد ينتهي به المطاف إلى دائرة مغلقة، مع ما يستتبع ذلك ويرافقه من تساؤلات تهم المسار والمسير، يقول الكاتب في هذا المقطع.
« mri mara min tuyur ḏ abriḏ jar ṯara ḏ taddarṯ ṯuyur iṯ aked ubriḏa , iri ṯwed γar mani itawi uca iri ṯΣaweḏ ayit »
أو حينما يقول:
Ḏ wa ḏ aseqsi i kidi isiγ uca ḏewreγ.
Rami iḏ as innufser ixef nnes.
يعتمد الكاتب محمد بوزگو في هذه القصة روح جمالية النص وتقنيات الأدب المكتوب بالمواصفات العالية، كما أنها تحفل بالصورة التي وظفها الكاتب:
« ... yufa abrid imrec akeḏ tebrit jjind attas ibreḏen, abarru n tebriḏin, ṯina jjint id imesraq ḏ txuxxuṯin, gin rwacun i yeqqimen itmarnay akeḏ usan» p: 12.
وإذا كانت القصة الأولى تعبر عن معانقة الحياة، فإن هذه القصة هي رمز التحول في الحياة وما يرافق ذلك من تعقيدات، وهي أيضا رمز الانسلاخ عن مرحلة وخوض غمار مرحلة أخرى بما تنطوي عليه من مسؤوليات. إنها نقطة نهاية حياة وبداية حياة جديدة. إنها لحظة توديع حياة الأمس والماضي نحو حياة اليوم والغد. أي من التطلع إلى معانقة التطلع، ويعبر عن ذلك كله الكاتب بوزگو حين يكتب:
« Rxezraṯ n babas, ḏ uridad id yiwyen ṯandfurt, imexṯan i iḏ as ggin, ḏ manaya iṯ ijjin isyam araji ḏeg uswingem ar armi iḏ as innufser ixf nnes.
Idennaḏ, azγaṯ... ussan nni iddar, nnufsran as, aqqayen zzaṯes Σaḏ tmenγan, temẖizwarend γares, γar uxarres nnes, γar uswingem nnes » p : 14.

ومن الرموز الذي يحفل بها هذا النص القصصي بشكل جميل، رمز «azawwaj» بما يوحي إليه في الثقافة الأمازيغية ووظيفته داخل المجتمع وكل ما تنم عليه هذه الوظيفة، إذ أنه أيضا رمز نهاية حياة وبداية حياة أخرى على أمل الارتماء في أحضان الأسئلة التي لا تنتهي والتفكير الطويل. يعبر عن ذلك الكاتب بقوله:
« yisid reqendir usennaj, iccur it s rgaz n uzewwaj. Itfafa, yarezzu x iḏennaḏ, x azγat... x ussan tuγa iddar, inni tuγa zzaṯes rami iqqunjer. ṯarγa ṯfawṯ x arragub ismurḏsen araji. Γar ussijji, s usuṯar, ixtutter jar ṯixuxxiṯin tuγa yarzem x ṯewecca» p: 15-16.
Ahwic yuyren
إن الكاتب محمد محمد بوزگو يوظف في هذه القصة الموسومة بالعنوان أعلاه، أحداث الواقع ومحيطه المعاش ورمزياته مثل (Ahwic, ṯigḏfat, Warṯu, Ajḏid...) وذلك قصد إيصال رسالته. إنه دائما ينطلق من حياة الواقع من أجل تحقيق واقع الحياة المأمولة. يطل على الماضي. وقبله على المستقبل، ثم ما يلبث حتى يعود إلى استكمال طريق الحياة.
وبقدر ما توجد الحلاوة والمرارة في مكان/ حياة، توجد الحياة في كل مكان حلو ومر، رغم أن المكان الذي يفقد أحيائه قد يبدو بدون حياة، أو على الأقل توجد هناك رموز ورمزية هذه الحياة فقط. حياة الماضي التي يمكن أن يكون سلاح المستقبل. سلاح بقية العمر.
« ssiwren... nnan... qqaren... maca min ssiwren ḏ min nnan ḏ min qqaren ur ḏin oği ḏi rewṣifeṯ nni ! ... mani ğan iwḏan??! Mani ğant ṯkeḏfin??! Mani ğan ijḏaḏ??! ur ḏin mγar aseγdi ijna x ṯaẓyudi. Ahwic ixra...
zureγ as zeğif i henna, ur xafs arriγ. ṣewḏeγ s uγezdis ḏeg u ẖwic warγen ḏi rewṣift yuyren γar rḥiḏ, gewḏeγ uma ameẓyan ḏewreγ nyiγ ḏi ttumubil» p: 25.
Ifri n Σuna
إنها القصة التي تجسد وتعكس الفكرة الأساسية والخيط الرابط بين كل قصة في هذه المجموعة، الفكرة التي تصب في اتجاه إعطاء معنى للحياة والبحث عن المكان الآمن للعيش في زمن اللامعنى، وما تبقى من الأطلال والذكريات وما تعلق بالذهن من تأويلات وتفسيرات لظاهر الحياة. إنها قصة تؤسس لعلاقة الذاكرة بالحياة. أي ما كان وما لم يكن من وجوه الحياة.
وبقدر ما توجد وجوه أمنة للعيش، توجد كذلك وجوه غير آمنة للحياة، وهي الوجوه التي تبدو موحشة خربها ودمرها الأشرار الذين أفقدوا كل معنى طيب وجميل للحياة. تلك الحياة التي تعجز الأسئلة على تفسيرها. في مقابل ذلك هناك وجوه تبدو غير ملائمة للحياة، لكن تلك هي الحياة الآمنة كما هو الشأن ل «Ifri n Σuna»، الذي يلتهم كل ما يقال عنه من طرف الناس، قبل أن تبزغ نظرة أخرى، نظرة تتفرس وتكتشف الحياة في هذا الغار، النظرة/ اللحظة التي أحس فيها الكاتب بالوجود/ الحياة، أو لحظة الموعد مع العشق والحياة معا.
يقول الروائي والقاص بوزگو:
« Marrana, din i imnaγ akeḏ ixef nnes. Isfarnen Igga ṯaryasṯ,... Iṣwiẓẓeḍ γar iğis n Temrabeṯ.
“ifri n Σuna ḏay s ṯifras n tuḏarṯ”. P: 30.
ورغم ذلك يستمر السؤال:
“Maca min iΣna ifri n Σuna...?”
وإذا كانت عقارب حياة الآخرين قد توقفت عند حد التاريخ الجامد والأقاويل والتفكير المعلق على أبواب الخوف والوحشية والمجهول، فهناك حياة أخرى تتجاوز حد السائد وحياة الظاهر. إنها الحياة التي يوقعها «Merrana» في قصة «Ifri n Σuna» الذي اختاره واهتدى إلى العيش بين أحضانه ومكانا للحياة الآمنة:
« Ifri n Σuna iyman ḏay s inni iṯ ggin ḏ abriḏ” p: 34.
Manku
إن شخصية «Manku» شخصية واقعية، لكن بجانب ذلك أرادها الكاتب أن تكون إحدى شخصيات كتاباته الأدبية وعنوان إحدى قصصه التي تتخذ فيها الحياة بوضوح صورة ووجه الحرية. إنه تعبير عن اختيار آخر في الحياة. إن الكاتب هنا ينقل لنا أوجه الحياة وحياة الأوجه من خلال الواقع المحلي المعاش.
وإذا كانت هذه القصة يحكمها كل ما يحكم الأجناس الأدبية الأخرى من قواعد وضوابط وتقنيات، فإن الكاتب بوزگو يجعل من ذلك منطلقا ويضيف إليه ما يملكه من حس أدبي وفني وما يتوفر عليه من أدوات وتخيل وجمال ولغة، تعتبر كلها سمات وخصائص تجعل الأدب الأمازيغي المكتوب في صف الأدب العالمي. إن قصة «Manku» هي رمز الحياة التي ترتبط بعطاء السماء وتقترن على حد سواء بالمطر والشمس. وعوض أن نعلق مصيرنا إلى ما تجود به السماء من عطاءات، فإنه ينبغي أن لا نظل دائما متعلقين بحياة الانتظار والنظر إلى السماء:
« Mri id tefγent ṯuṯra inu iri mermi id arriγ afus i nu... Ammu i inna Manku Σaḏ i iswa tuddint taneggarut n reqhwa ṯabarcant iḏ asiqqimen di ṯisi n irkas n laḥyati”
ṯanemract
تبدو هنا إحدى أوجه وصور الحياة مؤجلة. إنها صورة «ṯanemract». صورة الزواج بالحياة المؤجل؛ إذ أن المرأة رمز الحياة والخصوبة والاستمرارية، وهي صورة موظفة أيضا في قصة «Ifri n Σuna». يقوم الكاتب في إحدى المقاطع:
« cek war ṯzriḏ mγar tanemracṯ u umas n tnemracṯ nnec. Ammu id xaf i ṯarra utecma amen ṯesnuffar ṯittawin nnes jar ifassen nnes.
- ṯanemracṯ n umas n tnemracṯ inu!?
Imma inu IΣizzan attasa i γa ṯrajiḏ...” p: 50.
Ṯasγart
إن «Ṯasγart» رمز الحق في الحياة. وهي أيضا رمز العدل والمساواة. حياة بوجه آخر. وجه آمن توفره قيمتي العدل والمساواة.
إن الكاتب دائما يستوحي أحداث ومجريات هذه المجموعة القصصية من الواقع والبيئة المحيطة ب. ومن ذلك ينتقل عبر الصياغة الأدبية إلى تقديم ذلك الواقع الموظف كعقبة نحو المراد من الرسالة التي يحملها النص الأدبي.
« Ammu i inna refqi uca yisi “rmeΣruf’ x ṯasγart iḏ asen d ikkaren ḏ ixf nnes ḏ imerḏay ami izzizew uḏem s arriḥeṯ n taṣγart iḏ asen....» p: 63.
وإذا كان من غير المناسب أن نكتب على عمل بغير اللغة التي كتب بها، فيمكن القول بأن هذه المجموعة القصصية تجعلنا ندرك كيف نختار الطريق إلى الحياة الآمنة. تلك الحياة التي يرمز إليها «ifri n Σuna» أو كما قال الكاتب محمد بوزگو نفسه بأن هذا "الإفري" هو وجه الحياة الآمنة، رغم ما يوحي به من وحشية، إذ أن وحشية المخزن أكثر من الصورة المخيفة التي يبدو عليها «ifri n Σuna».








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم