الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعدام صدام .. قصاص عادل أم أنتقام

حكيم أحمد حميد

2007 / 1 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بداية , لست بصدد الدفاع عن صدام حسين ,أو أستحقاقه لحكم الأعدام الصادر بحقه من عدمه , وكذلك لست بصدد سرد الجرائم التي أرتكبها النظام السابق , تلك الجرائم التي أرتكبت بحق العراق وشعوبها وبكل أطيافها والعرب . بأعتقادي أن الأمر قد تجاوز مرحلة الشك , لمعظم العراقيين , أن لم يكن للجميع , عن الجرائم الكثيرة التي أرتكبها نظام صدام حسين طيلة العقود الماضية من حكمه , بحيث أن آثارها طالت جميع العراقيين دون أستثناء , ولو أمعنا قليلآ بالوضع العراقي الحالي من كافة النواحي الأقتصادية والأجتماعية والسياسية والثقافية والعلمية , لأدركنا الوضع المأساوي التي اوصلتنا اليه السياسات الفاشلة لتلك الحقبة المظلمة من تأريخ العراق . فجميع العراقيين كانو ضحية تلك السياسات , عدا فئات قليلة من الذين أرتضوا لأنفسهم أن يصبحوا أدوات بيد النظام لتطبيق سياساتها القمعية , فقط هؤلاء كان المستفيدين الحقيقيين من هذا النظام ولكن بالمقابل حتى هؤلاء أيظآ كانوا ضحية النظام , نتيجة فقدهم الشعور والضمير الأنساني , بعدما أغر بهم السلطة بمكاسب مادية .
كنا نأمل ونتمنى وبعد سقوط النظام السابق, من السلطة السياسية العراقية الجديدة والأحزاب العراقية بكل أطيافها , أن يتجاوزو الأخطاء التي أرتكبتها النظام السابق بحق العراق وشعبها , والأستفادة منها لأرساء رؤيه سياسية تتخذ من الوطن والوطنية هدفآ لبناء نظام سياسي تستطيع أن تلم شمل جميع العراقيين بعد أن فرقتهم سياسات الحكومات السابق وخاصة النظام الدكتاتوري الصدامي , بعيدآ عن فكرة الأستحواذ على السلطة والتطرف الديني الطائفي والحقد والأنتقام .
لا أريد أن أتوقف عند أجراءات المحكمة كثيرآ , بالرغم من المآخذ الكثيرة عليها , من حيث أطغاء الطابع السياسي والصبغة الطائفية والضعف في الأداء . لكني أريد أن أتوقف عند تنفيذ حكم الأعدام الصادر بحق المجرم صدام وما رافقها من أمور لم تخدم العدالة ولا العملية السياسية المستقبلية للعراق بالقدر التي تزيد من الفرقة الطائفية بين مكونات العراق , وهنا اؤكد للمرة الثانية لست في موضع الدفاع عن صدام ونظامه الدموي , بل أريد أن أركز على عملية تنفيذ حكم الأعدام , والتي كنا نتمنى أن تكون قصاص وتحقيق للعدالة الألهية عن ما أرتكبه بحق العراقيين من جرائم تنفر منها البشرية , وأظهارها بهذه الصورة للرأي العام العربي والعالمي ولمنظمات حقوق الأنسان والتي لطالما كانت بعيدة , أو أبعدت عن كل ما كان يرتكب في العراق من جرائم بحق الأنسان طيلة العقود الماضية , وبذلك كنا نكسب عطف كثير منها الى جانبنا , لو تم تنفيذ الحكم لهذه الجريمة ولجرائم أخرى كثيرة أقترفها النظام السابق , وخاصة أننا كنا في المراحل الأخيرة لجلسات المحكمة لقضية الأنفال والتي راح ضحيتها 182 ألف مواطن من القومية الكردية , مما كان يضفي قدرآ أكبر لصفة جرائم حرب وجرائم ضد الأنسانية والأبادة الجماعية, ويقوي من الموقف كثيرآ ويبعدها عن المسحات الطائفية والحقد والأنتقام , التي طغت وبشكل واضح كثيرآ على عملية تنفيذ حكم الأعدام , ومما زادها , الأختيار الخاطئ لتوقيت تنفيذ لحكم في أول أيام عيد الأضحى متحديآ مشاعر الملايين من المسلمين .
الحقد والكراهية والروح الأنتقامية , هي بلا شك صفات تؤدي بالأنسان الى أخطاء كثيرة , وتكون لها آثار محدودة وعلى نطاق ضيق , تقتصر على الأنسان المعني الذي يمارسه وعلى الأشخاص الذين يدخلون معه في الصراع , ولكن عندما تتسم حكومة بهذه الصفات , وبالذات الحكومة العراقية الحالية والتي ينتظر منها أن تقود برنامج سياسي توافقي و تصالحي , تضم جميع العراقيين الذين مزقتهم السياسات الخاطئة للحكومات السابقة و وزادت من حدتها التوجهات الخاطئة للعملية السياسية الفاشلة للسنوات الثلاث الأخيرة ومع وجود قوات الأحتلال . ولكن ما قامت بها الحكومة من تنفيذ خاطئ في الأسلوب والتوقيت معتمدآ على فئة ميليشاوية , نعرف جميعآ أن لها الدور الأكبر في أحداث العنف الطائفي وفرق الموت التي تمارس في الشارع العراقي من عمليات قتل وخطف وتهجير طائفي وبأجندة خارجية خدمة لمصالح أيران الطامحة في العراق , وأن الحكومة بعملها هذا تكون قد نسفت كل الآمال القليلة لو كانت موجودة لعملية سياسية قائمة على المصالحة الوطنية ولبناء مؤسسات دولة يمكن للعراقيين أن ينعموا في ظلها بالأمان والسلام والعدالة الأجتماعية .
أذا كانت الحكومة تفكر وتعمل بهذا الشكل , فكيف تستطيع أن تتعامل مع مختلف الأطياف العراقية وتقنعهم بالأنخراط في العملية السياسية , وكيف لهؤلاء الوثوق بهذه الحكومة الآن وفي المستقبل.
وأخيرآ أن الحكومة بأسلوبها الخاطئ في تنفيذ الحكم الصادر يحق صدام حسين , قد زادت من كرامة ومكانة هذا المجرم وزادت من الشعور التعاطفي تجاهه لكثير من الشعوب العربية والأسلامية , وظهرت هذا في التظاهرات الأحتجاجية ومراسم العزاء التي أقيمت في عدد من الدول العربية والأسلامية , في الوقت الذي كنا قادرين أن نكسب هذا التعاطف الى جانب شعبنا المظلوم والى جانب العدالة الأنسانية , لو كانت الحكومة متعقلة في ممارستها , تحكمها دوافع وطنية وأنسانية , بعيدة عن الطائفية والحقد والكراهية والنفس الأنتقامي .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تعلق على مساعي الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق


.. من بينهم طبيب ومعلم وطالب.. مقتل 7 فلسطينيين بنيران إسرائيلي




.. مستقبل السياحة في جزر المالديف لن يعتمد على سحر شواطئها فحسب


.. مقتل 7 فلسطينيين وإصابة 9 باقتحام الجيش الإسرائيلي لجنين




.. بين سليماني ورئيسي .. ما هو سرّ الخاتم؟