الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قدم بقطار امريكي وغادر بذات القطار ومنحه المتخلفون مجدا لا يستحقه

علي بداي

2007 / 1 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لعل من اهم مايعيب في تاريخ العراق الحديث، ان صدام حسين الذي خرب كل شئ في العراق وسمم الحياة السيا سية فيه ولم ينج منه اي حزب بما في ذلك حزب البعث نفسه، ان صدام هذا اسقطته امريكا بعد ان استثمرته طيلة اربعة عقود استثمارا يفوق الخيال، وذلك ضمن علاقة متبادلة ابتدات منذ منتصف الستينيات من القرن الماضي، ومازالت بحاجة الى جرأة الشهود ومن بينهم مصطفى طلاس، وطارق عزيز، وصلاح عمر العلي لانارتها وكشف حقيقتها امام الناس .

وقد اعتمدت امريكا في تعاملها مع صدام على دراسة معمقة للشخصية العربية وتناقضاتها وتشضياتها، عقدها ومفاصل الركاكة في بنياتها بحيث اتيح لها وبسلاسة باهرة، الوصول الى منطفة الخليج والبقاء فيها كحام ومحرر بعد ان كان مجرد وجود قاعدة امريكية واحدة في الخليج مثار اعتراض واسنهجان الشعوب العربية في السبعينيات من القرن الماضي!
كل مافعلته امريكا مع العرب ومع صدام كان مجرد تكرار لمايفعله اي مصارع ثيران اسباني مع ثوره المعد للذبح : التلويح بقطعة القماش الحمراء، شعارات وصراخ اجوف ودورات استفزازليسقط الثور بعدها صريعا سابحا بدماءه ويرفع المصارع كأسه ويشرب نخب النصر..

وهذا يعني فيما يعنيه التأكيد على حقيقة ستؤلم العراقيين وقتا طويلا وهي ان لااحد من قوى المعارضه مهما كان، يحق له التباهي باسقاط صدام، وبديهي القول انه ليس من البطولة بشئ الاختلاء برجل مقيد اليدين والرجلين محكوم بالاعدام لرفع الصلوات و التكابير وكأن القوم قد أسروه بانفسهم للتو حتى وان كان هذا الشخص هو صدام الذي ارجع العراق قرنا الى الخلف !! وفي الجانب الاخر يعني هذا فيما يعنيه انه ليس من المروءة ان تبني الامة العربية كرامتها وعزتها على اشلاء مليوني شهيد على الاقل هم ضحايا صدام لتقيم مجالس العزاء لرجل قتل الملايين وحوكم كما يلزم ان يحاكم اي قاتل.

ان من سخرية الاقدار وتجليات شيزوفرينبا الوضع السياسي العراقي أن يتولى ملثمو جيش المهدي وجماعة ادعت انتماءها لمقتدى الصدر الاقتصاص من صدام قي لحضاته الاخيرة، بعملية استعراضية بائسة متخلفة ومسيئة لسمعة العراقيين في حين ان الكل يعرف ان رأسمال جماعة الصدر الاساس هو رفض الاحتلال وتحميله مسؤولية خراب الاوضاع ، فهل كان جيش المهدي ليحضى بصدام مقيدا دون جيش الاحتلال الذي اطاح به واعتقله؟ وهل وصل العقل العراقي الى هذا المستوى من السذاجة ليصدق هذه الخزعبلات؟؟

لاشك ان الخالق كان موجودا اثناء فترة حكم صدام حسين وهو موجود الان وهو غير مسوؤل اطلافا عن حمافات البشر، وبهذا المعنى فان الخالق ليس بمسؤول عن حالة الاحتراب بين القوى السياسية العراقية وغياب الاحساس بالوطن فهذه العوامل هي من انجب ظاهرة صدام حسين، وجعلها تنمو لتطيح بكل شئ وليتحول الشعب العراقي بعدها الى رقم لايحسب له حساب في المعادلات الدولية، اذن ليس من المعقول ولا المنطقي القول ان اللة قد انتبه الان واتتقم من صدام والان فقط بعد ان خربت البلاد وازهقت ارواح الملايين في الحروب والسجون وبعد ان تيتم ملايين الاطفال وترملت ملايين النساء.

انها لمشكله حفا ان نلصق بالله والحظ والصدفة العمياء فشلنا الحياتي المتكرر.
فلاكثر من مرة ، وحين كانت تصرفات افراد جيش المهدي تتجاوز حدود المعقول يسارع السيد مقتدى الصدر الى البراءة من هذه التصرفات التي لاتمثل الا ممارسيها، مما يثير شكوكا قوية عن مدى خضوع هذه المليشيات لسيطرة مركز ما، وما اذا كان هذا الاسلوب في العمل السياسي مقبولا اصلا، اذ لايعقل ، مثلا ان يكون منفذي الاعدام بصدام من عوام الافراد في جيش المهدي ، ولايمكن ان يصدق اي عاقل ان فردا بسيطا يمثل نفسه فقط يختار للاشتراك بتنفيذ عملية حساسة كتلك
ولايمكن لاي عاقل ان يصدق ان هذا الفرد يسرب الفيلم الى الانترنيت بتصرف فردي ودون قصد.

لقد استشهد الشهيد بافر الصدرفي نيسان من عام 1980 وكان رجلا مميزا بميله للحوار وانسانا مفكرا نادرا ، وحسبما يذكر السيد اكرم الحكيم وزير الدولة العراقي الحالي كان صدام حسين قد ساوم الشهيد بافر الصدر وهو بسجنه ان يشجع على اصدار فتوى لقتل خصومه الفكريين فرفض قائلا اطلقنا من السجن واطلقهم كذلك ودعنا نتجادل علانية. ولم يكن الشهيد الصدر اول شهيد ولا اخر شهيد.

منذ ذلك الحين تصدى لصدام الاف الشيوعيين والقوميين الكرد ضمن برنامج اجتماعي دنيوي واضح يهدف بناء عراق ديموقراطي واستشهد الالاف منهم ، واعلن الكثير من ضباط الجيش من المنتمين لعشائر الجيور وعشائر سامراء وتكريت تمردهم على منطق صدام حسين فسحقهم بلا ادنى تردد وبقيت احزاب الاسلام السياسي تدور في دوامة فكر الطائفة الواحدة في عراق يعج بالمذاهب ويمتاز بالتعددية القومية. وكصدى لهستيريا القوة والحرب مع ايران وتبني هذه القوى التهج الايراني طالت يد صدام الاف المتدينين من الشيعة من غير المنتمين لاي تنظيم سياسي فدفعوا حياتهم ثمنا لقناعاتهم الدينية .

خلاصة الموضوع ان كل هذه القوى مجتمعة لم تتمكن من اسقاط صدام الا انها جميعها معنية بمصيره ، ومن حقها استرداد حقوق شهدائها المعنوية بالطرق الاصولية القانونية التي اتفق عليها الجميع، اي محاكمة الجناة امام محكمة اصولية متحضرة ، الا ان مجريات الامور تؤكد يوميا ان تهج الطائفة الواحدة التي تود تجيير عهد ما بعد صدام لصالحها فقط مستمر ، وان كل مارسم لاستثمار حرب اميركا في العراق قد رسم من قبل الاحزاب الطائفية وبروح طائفية ابتداءا من ابراز واقعة الدجيل وكانها اولى واهم جرائم صدام ( وهي ليست كذلك) الى اختيار المجموعة الخاصة التي شهدت عملية الاعدام وصورتها الى تجاهل اعلام الدولة وقائع فصول المحاكمة الخاصة بالانفال لانها لا تخص الشيعة.

كعراقي اسأل: هل نسير من فكر الطائفة الواحدة الى فكر التيار الواحد داخل الطائفة؟
وهل يعرف السيد مقتدى كيف يستغل اسمه واسم ذويه الشهداء لمزيد من الاستقطاب الطائفي؟
هل يعي السياسيون مدى عمق الهوة التي ننحدر اليها؟
هل سيتوقف السياسيون امام مناقشة هذا الانحدار؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في