الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار.. و اليسار.. ثم اليسار، بطنجة

و. السرغيني

2007 / 1 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


يبدو أنه بات من المؤكد أن يسار طنجة لا يشبه اليسار "المتعارف عليه دوليا" في شيء، من حيث الكم و من حيث النوع.. متميز مناطقيا و قطاعيا و في تصوراته الغريبة لأية قضية من القضايا.
و يبدو كذلك أن موجة الغلاء التي مست مقدرة الكادحين الشرائية سواء همٌ الأمر المواد الغذائية الأساسية أو العديد من الخدمات الاجتماعية الحيوية.. قد أفرزت نوعا من الخطابات و المسلكيات الغريبة التي لم نتعودها قط في صفوف اليسار و في ثقافة اليساريين.
فهل أتاكم حديث تأسيس تنسيقية سرية بمدينة طنجة؟ تنسيقية تؤسس في الخفاء عن المناضلين الميدانيين و عن المواطنين الكادحين المتضررين و المكتوين بنار الغلاء.
فبعد التنسيقية الأولى التي أنشأها أصحابها تحت مسطرة الدعوات للبعض و المنع و الإقصاء في حق المناضلين الميدانيين أفراد و جمعيات و تيارات سياسية.. تشكلت تنسيقية ثانية جمعت شمل الجميع بعد النقد و الرد و التقويم.. خاصة تجاه الأدوار التي لعبتها اتفاقات اللقاء الوطني للتنسيقيات المحلية في شكل إعلان مرجعي و برنامج نضالي و ملف مطلبي أولي.. و قد تبين منذ البداية أن الخلافات عميقة و عميقة جدا، سواء من حيث المواقف أو من حيث التصورات لتدبير الملف الذي أفاض الكأس ألا و هو الارتفاع الصاروخي للفواتير الخاصة باستهلاك الماء و الكهرباء.
تبين كذلك أن التنسيقية تأسست للحوار و النيابة التمثيلية عن المواطنين و ليس التأطير و التنظيم و المساهمة الميدانية للمتابعة و المشاركة في كل ما يتعلق بحركة الاحتجاج لمناهضة الغلاء..
تبين أن بعض عناصرها لم تشارك الجماهير المحتجة في أي من وقفاتها التي تجاوزت الثلاثين وقفة و أن البعض الآخر يتكلم باسم حزبه مدشنا بذلك حملة انتخابية على حساب بؤس و شقاء الكادحين.
تبين أن بعض "النبهاء" تفطنوا "لتطرف" الشعارات الجماهيرية و التي لا تختلف في جوهرها عن مواقف المجلس الوطني للتنسيقيات، ألا و هي المطالبة بالتراجع الفوري عن الزيادات و فسخ العقدة مع شركات الخوصصة أطاسا و أمانديس.
و بعد أن تطورت الأمور في الميدان أي بعد تصميم الجماهير المتضررة على مواصلة الكفاح من أجل مطالبها، و بعد أن تبين لجميع المتكالبين و الانتهازيين المتخاذلين صعوبة المواكبة و الارتباط الصادق بقضايا المحتجين.. انطلقت المبادرات الخيانية المكشوفة منها و المتسترة، من أجل إطفاء نار الاحتجاج خاصة بعد نجاح المسيرة الشعبية و بعد اعتقال الطلائع الميدانية المناضلة و كذلك بعد اتساع دائرة الاحتجاج و انتقالها لقلب الأحياء الشعبية.
و في هذا السياق اندفعت العديد من الجمعيات القريبة من الحكومة و من اليمين المعارض لتلعب دور المتكلم باسم المحتجين و لتنخرط في العديد من الحوارات مع السلطات و العمدة و إدارة شركة أمانديس محاولة من خلال مشاركتها هذه تلميع صورتها من جهة و من جهة أخرى زرع الإحباط و اليأس حول عدم جدوى النضالات بهذه الطريقة، أي من خلال الاحتجاجات، الاعتصامات و التظاهر.. إلا أن الميزة التي اختصت بها المدة الأخيرة، أي في الأسبوعين الأخيرين، كانت لتشكيل تنسيقية ثالثة بسرية مطلقة لم يُعلن عن مكانها و لا زمان انعقادها و لا طبيعة تشكيلتها!
تنسيقية علمنا فيما بعد أنها تشكلت من أحزاب الكوطا اليسارية، التي عودتنا التجربة الميدانية لسنين، بمدينة طنجة، عدم خضوعها لأي منطق أو معيار نضالي، كوطا تنتج أسماء و تطيح بأخرى كيفما اتفق، كوطا يتداخل فيها السياسي بالإقليمي و المصالحي و العنصري.. و أحيانا يُنصر فيها ابن الحومة أو الطنجاوي ضد العروبي أو ضد الريفي.. كما وقع مؤخرا خلال تحديد مكتب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ـ على خلفية عروبي تم إسقاط أحد أسماء النهج من طرف رفاق له في النهج ـ قد يحاسبنا البعض و ينعتنا بالعداء للتعددية و ربما لليسارية و لنقول و بدون خجل أننا يساريون نقدر عن حق يساريتنا النقدية و المبدئية و ملاحظاتنا الفاضحة و الجريئة التي تلتمس تقديم و تطوير الأداء الميداني و إعادة الاعتبار و المصداقية لخطاب و قيم اليسار الجذري المرتبط بقضايا الكادحين أطروحة و ممارسة، نعلن بأن يساريتنا انتزعناها عن حق من خلال أطروحتنا الماركسية اللينينية و من خلال المجتمع الاشتراكي البديل الذي ندافع عنه، و من خلال الآليات التنظيمية الطبقية التي نرى فيها تسهيل الانتصار لأطروحتنا، و من خلال شكل السلطة البديلة التي ندافع عنه، سلطة المجالس الشعبية تحت و بقيادة الطبقة العاملة المنظمة في مجالسها، لجانها، نقاباتها، ميليشياتها و حزبها الشيوعي الماركسي اللينيني المستقل.. و من خلال ربط النظرية بالممارسة في آخر المطاف و في آخر التحليل.
أمام هذه التوضيحات و هذه المستجدات، انتفاض جديد للمواطنين المتضررين من الزيادات في أثمنة فواتير الماء و الكهرباء، من جهة، و من جهة أخرى تشكيل تنسيقية على خلفية تحالف اليسار الديمقراطي G4 ـ G4 من العينة الشمالية و الطنجاوية على وجه الضبط ـ تنسيقية لم تتشرف بحضور و على مدار الأسبوع الفارط الذي تخللته وقفات يومية بوابة أمانديس الرئيسية و ببعض البوابات الخاصة بالشركة داخل الأحياء ـ درادب ـ فما الهدف إذن من تشكيل تنسيقيات مناهضة للغلاء إذا كانت عاجزة كل العجز عن المواكبة الميدانية و عن تقديم تصوراتها لقضية الغلاء، عاجزة كذلك عن العمل في فضاءات جديدة و مع يساريين جدد عنها و مع يساريين جدد عنها و مع طلائعها الشبابية للأحياء الشعبية الطلائع المحتاجة للتأطير و التنظيم.. و محتاجة كذلك لمن يصغي لآلامها و لتطلعاتها و لاقتراحاتها.. محتاجة لمن يشاركها نضالاتها و ليس من ينوب عنها و يقترح باسمها و يفاوض بضغطها..الخ
الجماهير بطنجة ترفض المس بالعدادات و تطالب برحيل أمانديس و بالتراجع عن الزيادات بل و بإعادة النظر في جميع ما يتعلق بفواتير الماء و الكهرباء.
إلى حدود الآن ما زالت أحزاب اليسار الديمقراطي بالجملة و بالمفرق لم تعلن عن موقفها من هذه الأمور علانية و لم تمارس أي نوع من التعبئة و التوضيح فيما يتعلق بدينامية النضال على هذا المستوى، من حيث الشكل و من حيث المضمون.
عشية اليوم، أي يوم الجمعية، التأم لقاء بمقر الشركة حضرته الصحافة المحلية و بعض الهيئات السياسية و الجمعوية و برلمانيي حزب العدالة و التنمية الظلامي للتفاوض من جديد حول مشكل الزيادات التي لم تعرف تراجعا بل تصاعدا و تعميما على مستوى أحياء جديدة.. التمس أحدهم من الجماهير المحتجة تقديم تمثيلية للحضور فرفضت الجماهير بقوة، الحوارات المغشوشة و الغير مبنية على أي أساس.. يعني الحوارات المبنية على ادعاء أن الزيادات لم تتعدى 7% في أقصى الحالات في حين أن أدنى الحالات عرفت زيادة 100%.
تشبثت الجماهير بخيارها الاحتجاجي المفتوح و بمطالبها الواضحة التي لا تقبل التراجع و لا المساومة، فعلى ماذا استند الحاضرون في طاولة المفاوضات؟ و ما هي طبيعة حضورهم؟ و من هم أصلا؟
فعدا حزب "العدالة و التنمية" و بعض الاتحاديين، و صحافيو المنابر المحلية؟ ما زالت التشكيلة قيد التكتم و نتخوف من أن نجد داخلها محترفي التنطط هنا و هناك، الراقصون على الحبال، أصحاب رجل معكم و رجل عليكم!
أخيرا و ليس آخرا لأن النقاش ما زال مفتوحا و المعركة ما زالت طويلة و مدينة طنجة ما زالت تنبت الأحرار الشرفاء و ما زالت تستقبل المناضلين من كل مكان فوحدتنا موضوعية بسبب من تضررنا و الميدان لا يمكن إلا أن يصحح الآراء و المواقف في اتجاه مصلحة الجماهير عموما إلى أن يتم النصر.

و. السرغيني
22/12/2006








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. محمود أحمدي نجاد يتقدم لخوض سباق الترشح لنيل ولاية ر


.. تقارير تتوقع استمرار العلاقات بين القاعدة والحوثيين على النه




.. ولي عهد الكويت الجديد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح يؤدي اليم


.. داعمو غزة يقتحمون محل ماكدونالدر في فرنسا




.. جون كيربي: نأمل موافقة حماس على مقترح الرئيس الأمريكي جو باي