الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الضحية والجلاد (2) : صدامان وثلاثة أعدامات

عبد الرحمن سليمان

2007 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


مابين صدام حسين ( الشخص ) وصدام حسين ( الرمز ) بون شاسع . ويتسع أكثر كل يوم من خلال الكتابات والسياسات والمصالح المتضاربة التي تتعمد خلط الاوراق وطمس الحقائق وتلك التي تحاول ترتيبها واظهارها للعلن ، وخصوصا اثر اعدامه أو اغتياله شخصا ( بالعرف القانوني ) واعادة الاعتبار اليه رمزا( بالعرف التاريخي ) ، وبعد مرافعات هزيلة وبائسة( سميت محاكمة العصر ) ، ووسط حفلة همجية وهتافات بدائية ( هتفوا لمن ؟ ولماذا ؟ لاأدري)، تذكر بأعراس الدم وبأنخاب الجماجم التي كانت تقيمها اوربا خلال حروبها الدينية في العصور الوسطى . حضر الحفلة تجار وسماسرة وساسة ومافيات وكاميرات أمريكا كانت هناك بطبيعة الحال وأيضاعيونها وعقولها التي تراقب الحدث ( الفخ ) لتعيد رسمه وفقا للسياق الذي تريد ، أما الغائب الوحيد الذي لم يدعوه أحد : هو صوت الضحية الحقيقية التي التقت تلك المصالح والسياسات على خنقها دوما

بل وعلى العكس من نوايا المخلصين في الحكومة العراقية الحالية وعلى الرغم من صوت الحق المتأخر والضعيف الذي ضاع وسط هدير الباطل وجاء ( كضرطة في سوق الصفافير ).!!!ا

في تلك المساحة الفاصلة بين الشخص الذي اعدم( غير مأسوف عليه) طبعا ، والرمز الذي بقى أو أبقي رغما عنا ورغما عن الجميع كي يعود ويتكرر بصور وأسماء أخرى فيما بعد ، دفنت حقائق وأرقام وآلام ودموع جنبا الى جنب المقابر الجماعية الذين لو قدر لهم أن يعودوا للحياة ثانية ، لبصقوا على الجلاد وعلى الضحية التي تساير وتساهم في اعادة انتاج الجلاد ثانية ، هكذا ، سواءا بسواء ، والسبب لانهم الموتى الوحيدين في التاريخ المسجل للمقابروالذين كتب لهم أن يموتوا مرتين في بلاد النهرين وأرض السلام والسعادة المؤجلة الى الابد .!!!ا

اليوم تقول أمريكا : " اننا طالبنا حكومة المالكي بتأجيل الاعدام مدة اسبوعين " ، هكذا أيضا وبكل بساطة ، تطلب راعية حقوق الانسان وقلعة الديموقراطية وكعبة أصحاب الكعبة وقواديها وأعراب صهيون وراقصات الاعلام المرئي والمسموع ، محجبات الرأس أو محجبات العقل( مع احترامي الشديد للاختيارات الشخصية ) الذين واللواتي دربوا وبسرعة في دوائر المخابرات الدولية ومراكز الارتزاق على حساب عذابات اليتامى المستمرة منذ قرون ، لسرقة قوتها وأمانها وحقها في العيش بكرامة وبسلام
ولكن أمريكا المعاهد والجامعات والتكنولوجيا المتقدمة تتناسى وهي تحرج ما تبقى من مخلصين في حكومة السيد المالكي ، بأن أي ساذج في جزر الواق واق ، يمكنه طرح السؤال التالي : " لماذا لم يتم تأجيل تسليم صدام حسين للحكومة العراقية مدة أسبوعين وهي التي أصرت على الاحتفاظ به عندها مدة ثلاث سنوات ؟ هل ثلاث سنوات وأسبوعين اضافيين تغير شيئا ؟ " الجواب لمن لايسكن جزر الواق واق هو : أن الولايات المتحدة جاءت الى العراق كما أشرت في مقالي السابق بمشروع متكامل ومدروس رغم ما أعترته من أخطاء تكتيكية اعترفت بها الادارة الامريكية ذاتها ، لما عرفت به طوال تاريخ تدخلاتها في شؤون البلدان قبلنا ، من غطرسة وعنجهية وتفرد بالقرار ، أما ما جرى الحكم عليه بالاعدام في وقت واحد ، فهو يتخلص في ثلاثة اعدامات : وهي مترابطة ومتسلسلة بكل دقة ودهاء

أولا : تم اعدام المشروع الديموقراطي لعراق فيدرالي موحد

ثانيا: تم اعدام الحقيقة التي تسمح وتمهد للانتقال الى مرحلة جديدة ( أرجوا مراجعة المقال القيم للدكتور برهان غليون والمنشورة بتاريخ الثالث من كانون الثاني على صفحات الحوار المتمدن ) وبها نتعرف على طبيعة المقابر الجماعية لاحلام البشر وآمالهم في التحرر والانعتاق من الظلم

وثالثا : تم اعدام الجسد الفاني أصلا لصدام حسين بعد استيفاء شروطه التاريخية واخلاء المكان لوكلاء أكثر حداثة وقبولا

أما الرمز الذي ستظل تختلف حوله الاعراب والرومان والفرس ، سيظل متحكما فينا أحياءا وأموات ، طالما أن الضحية لم تنفصل بعد عن أسلوب جلادها ولم تتحرر وتتصالح مع النفس كخطوة اولى على درب الحرية الطويل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة