الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


?ماذاعن اطفال العراق

ناهده محمد علي

2007 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا عن أطفال العراق
انتهت آخر أيام العيد , ولم اعد اذكر منه شيئا سوى مكالمة تلفونية من صديقة بعيده لازالت تعيش
داخل الوطن , لم يكن العيد كما كان سابقا يعبق بروائح الهيل والحلويات والحناء , بل اصبح حزينا
قاتما حتى وانا اعيش برخاء في بلد جميل وهادئ , لكن لاشيئ يعوض عن رائحة النسيم في وطني .
قالت لي صديقتي هل تريدين ان احكي لك قصة فلم ( Action ) , قلت وهل لازالت دور السينما مفتوحة
في بغداد ؟ ضحكت وقالت لا , فقصة هذا الفلم حقيقية ابطالها اطفال المدرسة التي اعمل فيها , ومخرجها
شخص مُلثم لانعلم من اين اتى , اثار الحديث فضولي , فقلت وبعد , قالت في حوالي الساعة العاشرة صباحا
سمعت في ساحة المدرسة صوت اطلاق رصاص كثيف , ثم بدأ صراخ الصف الاول والثاني , وهم اطفال في
سن السادسة والسابعة , هرب معظم المعلمات الى بيوتهن , ولكوني المعاونة بقيت انا والمديرة لحماية الطلاب
الصغار وتهدئتهم , كان الرصاص ينهمر على شبابيك المدرسة , فأمرت الصغار بالانبطاح تحت المصاطب
والطاولات وان يضعوا ايديهم فوق آذانهم , ثم انتبهت الى الطلاب الصغار المرضى , وخاصة مرضى القلب
والسكر - وهناك الكثيرمنهم في العراق الان - اخذتهم الى غرفة المديرة ووضعتهم تحت الطاولات لحمايتهم ,
وفي هذه الأثناء تجمع الكثيرمن الأهالي بعد ان سمعوا صوت اطلاق الرصاص , وطالبوا باولادهم , فخرج
بعض الاطفال وبقيِّ الكثير منهم في حمايتي وحماية المديرة , كنت اخاف عليهم من الخطف , فاوصيتهم بان
لا يذهبوا إلا مع اهاليهم . بعد حين طرق باب المدرسة طارق , واذا به شخص مُلثم قلت له وانا ارتجف انهم
اطفال خائفون , فقال اغلقي باب المدرسة , تركته يذهب بعيداً , وبعد ساعة من الخوف والانتظار شاهدت
رجال الشرطة يمسكون به بعد ان قتل اثنين منهم , إنتابتني مشاعر مختلفة من الخوف والحزن والغضب ,
لاادري ماذا افعل فابناء وطني بعضهم يقتل البعض الآخر, وسماء بغداد ملبدة بغيوم حمراء قاتمة , لاوجود
للعيد لدينا , قالت اتذكرين ايام الطفولة , كنا نسير هادئتين الى مدرستنا , نخرج من حقيبتينا قطعة الخبز
والتمرونأكل طوال الطريق سعيدتين تحت الشمس الدافئة وبين ابناء الوطن الطيبين , نستعد للعيد ونحلم
بالملابس والأحذية الجديدة , ورائحة صحن الحناء وحلوي ( التنور ) , الشمس تدغدغ وسائدنا في الصباح
الباكر على سطح المنزل فنعلم انه صباح العيد , اسمع اهازيج الاطفال في الشارع ( جانه العيد وإنعيّد.....)
فنسرع لمشاركتهم والطوفان حول بيوتنا الوديعة الامنة . اليوم لاصوت إلا صوت الديناميت المتفجر
والرصاص المنهمر في كل شبر من ارض بلادي , والموت اصبح المهرب الوحيد لمن عجز عن الهرب
خارج الحدود , لا مناسبات ولا افراح ولا زيارات , سوى زيارات المآتم , لايقول ابناء وطني فلان مات,
بل فلان قُتٍل أو اختطف , حيث اصبح القتل وسيلة وغاية , غابة من الوحوش الضارية تقتل وهي شبعى ,
ولو تدرس علم نفس الحيوان , سترى أن الحيوان المفترس لا يقتل الا إذا جاع أو في حالة الدفاع عن نفسه
وصغاره , في حين ان البشر في جميع انحاء العالم يقتل وهو غيرمضطر وبدون سبب منطقي .
ذات يوم سمعت لنقاش بعض كبار السن في احدى الحدائق في البلد الذي اعيش فيه , قال احدهم وهو ممسك
بالصحيفة اليومية ( لا ادري ماذا سيفعل بنا الله عما نفعله ببعضنا البعض ) , ابتسمت وأنا اسير بهدوء , قلت
محدثة نفسي , تنتهي انسانية البشر حين يبدأ الأخ بقتل أخيه لأجل المال أو السلطة , وحيث تمتلأ البيوت
بالمسدسات وسكاكين القتل , وحيث انتشرت الفلسفة ( الميكيافيلية ) , أية غاية تبررها استخدام أية وسيلة ,
لافرح لديك ايها الانسان , ولن تجده حيث تبحث .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ