الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نشوة اللذه

علي جاسم

2007 / 1 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


انهى اعدام الديكتاتور صدام حسين فصلا هو من اكثر فصول التاريخ العراقي المعاصر ماساوية, تميز باستخدام ابشع الاساليب دموية وارهابا,اي استخدام ارهاب الدولة المنظم ضد المجتمع ككل.ومثل اعدام راس النظام البائد النتيجة المنطقية لانتصار العداله والقانون اخيرا لصالح ضحايا نظامه الدموي, والذين هم كل اطياف المجتمع العراقي وفئاته المتعدده الذين عارضوا النظام وسياساته على مدى سنوات حكمه.ولكن الطريقه التي جرى فيها تنفيذ قرار الاعدام تبعث على الكثير من الاسئلة والتداعيات كما تعكس ايضا والى حد ما خيبة الامل بمستقبل الديمقراطية الناشئة في بلادنا.
ان مجرد عرض مشاهد الاعدام على الشاشه يمثل استفزازا همجيا للمشاعر الانسانيه, ويتنافى مع كل ما هو حضاري, وجاءت الصور التي سربت عبر شبكة الانترنت لمشهد الاعدام لتكشف ما تستر عليه التلفزيون الحكومي, وهنا كانت الفضيحه بحيث لم تدع مجالا للشك بان الذي جرى هو حفلة اعدام وهو عمل انتقامي مخالف للقانون وبعيد عن الاخلاق والسلوك المتحضر, اذ ما الفرق بين هذا وبين ما كان يفعله النظام انذاك والذي كنا نرفضه ونعمل على فضحه وادانته حين كنا نناضل ضد النظام.
اثارت مشاهد الاعدام تلك لدي ذكريات مؤلمه جدا وحفزت ذاكرتي لاسترجاع احداث عمرها قرابه الخمسين عاما,ومن بين الكثير من تلك الاحداث ساكتفي بذكرحدثين فقط لما لهما من علاقة بحفلة اعدام الديكتاتور,من جانب سيادة ثقافة الانتقام وروح التشفي وهدر كرامة الانسان وخصوصا اذا كان هذا الانسان اعزل او سجين .
الحدث الاول كان في صبيحة 14 تموز 1958,كنت صغيرا , حينها لم اكن قد بلغت الثامنة من العمر, شاهدت بام عيني ويا ليتني لم اكن شاهدت ذلك, شاهدتهم وكانوا هم جمعا كبيرا من الناس يتراكضون باتجاه شارع الكفاح والذي كان يسمى حينها بشارع الملك غازي عبر ساحة السباع الشهيرة قادمون من جهة شارع الشيخ عمر,
شاهدتهم يسحلون جثة شخص ما مربوطة بحبال وقد اختفى وجه الجثه وانمسح تماما من طول فترة السحل, وكان الناس المتجمهرين حول تلك الجثة ينشدون ,ويرقصون وقسم اخر منهم يرمونها بالحجارة حتى اني ساهمت برمي الحجارة عندما رايتهم يفعلون ذلك, وكن الاخرون يوجهون كلمات بذيئة وشتائم الى
وكان ذلك هو الكابوس الاول في مسيرة الانتقام واهدار كرامة الانسان حتى ولو كان ميتا.حدث ذلك اثناء ثورة تموز 1958 وكان القتيل هو صباح نوري السعيد كما اخبرنا الكبار انذاك.والحدث الثاني جرى في اثناء انقلاب 8 شباط 1963 الاسود ومجيء البعث والحرس القومي الى الحكم وقيام الانقلابيون بقتل الزعيم بطريقةوحشية لاانسانية وايضا بدافع الانتقام كما اعدموا الاف الشيوعيين وعلى راسهم سكرتير الحزب الشيوعي العراقي سلام عادل وايضا بدافع الانتقام والتشفي.وبعد خمسين عاما على تلك الاحداث تتكررالماساة والجلادون لم يتغيروا وان غيروا اسمائهم, وثقافة البطش والانتقام لم تتغيرعلى مر الزمان وها هو احد مسؤولي الحكومةيؤكد بكل افتخار. انها نشوة الانتقام وثقافةالبطش والتنكيل التي يمارسها الغالب على المغلوب وقد مارسها النظام البائد ضد معارضيه بكل وحشية ودموية,علما ان ثقافة الانتقام ولذة التنكيل ليست بالثقافة الغريبة او الطارئة على مجتمعنا العربي_الاسلامي الغارق في الجهل والتخلف ولنا في التاريخ العربي_ الاسلامي خير امثلةعلى ذلك فها هو معاوية بن ابي سفيان يامر بان يلعن علي وذلك بعد مقتلة يوميا وفي كل صلاة,كما قام ابناءة بقطع راس الحسين ومن معه في حادثة الطف الشهيرة,وها هو الحلاج يسلخ جلده حيا,ويعدم ابن المقفع,وابن الراوندي,وبابك الخرمي وصاحب الزنج,كل ذلك وغيره الكثير في تاريخنا العربي القديم والحديث ما يدل على شهوة البطش ولذة الانتقام من كل معارض يقف في الطرف الاخر.ومن المعلوم ان صدام حسين ونظامة الديكتاتوري كان يقتل ويضطهد معارضيه, ليس بسبب انهم ينتمون الى هذه الطائفه او تلك.بل كان يضطهدهم لكونهم معارضين لسياسته ولنظام حكمه, ولهذا فان اضطهاده شمل الجميع بالقتل والسجون والمطارده عربا واكرادا, قوميين وديمقراطيين وشيوعيين,واسلاميين,ومن مختلف الطوائف والمذاهب والاديان.وطال اضطهاده حتى اعضاء البعث وافراد عائلته ايضا,فالصراع ضد النظام والبعث حينها لم يكن صراعا طائفيا ابدا مثلما يريد البعض تصويره, بل كان صراع المعارضه الوطنيه بكل الوانها من اجل اسقاط النظام الديكتاتوري واقامه نظام الحكم الديمقراطي بديلا عنه,ولما سقط النظام بدات العداله تاخذ مجراها في محاكمه راس النظام وازلامه على ما اقترفه من جرائم وهي كثيرة وصارت معروفة للقاصي والداني.وكم كنت اتمنى ان تكون المحاكمة وكذلك تنفيذ قرار الاعدام بحق المجرم صدام حسين مرحله ايجابية لصالح تطوير الديمقراطية الناشئة في بلادنا وان تعكس الصورة المشرقة لثقافة العدالة والقانون, كان على حكومة المالكي ان تكون اكثر حكمةوعقلانية وحذرا في الكيفية التي سيعدم بها صدام حسين, وان تثبت للعالم مصداقية العراقيين وتوقهم للعدالة وتمسكهم واحترامهم للقانون والدستور,وكان يفترض اختيار افضل طريقة لتنفيذ قرار الاعدام بحق ديكتاتور ارتكب ابشع الافعال بحق العراق ارضا وشعبا لا يمكن تبريرها باي حال من الاحوال. , القتيل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة