الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدى الغربة

علي الحسيني

2007 / 1 / 7
سيرة ذاتية


صدى الغربة في ايران.....
يوميات حالم
(4)
في احد ايام شهر تموز من عام 1995 خرجت من المخيم هاربا وعبر مزارع الذرة الصفراء التي كانت تحيط به ، حتى وصلت الى الشارع الرئيس وانا اعيش كل لحظة الخوف من عثور دوريات الشرطة عليّ , إلا انني نجحت بالوصول الى مرآب النقل الموحد في محافظة آراك لانطلق منها الى مدينة الاهواز .
وعند ركوب الحافلة لاحظت ان المقعد الذي بجانبي قد جلس عليه شخصا يرتدي بزة عسكرية خلّته شرطيا فساورتني الريبة وقلت لنفسي انت في ورطة ! اذ كما اسلفت ليست معي اية اوراق رسمية غير جنسيتي العراقية وهي كافية لتسفيري كما اني لا اتقن من الفارسية وقتها غير كلمات لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة لذلك وجدت ان فكرة اختلاق كوني (اصم ابكم) هي فكرة عملية وجميلة ! فاخذت بها لقناعتي ان لا خلاص لي اذا ما اكتشف امري . وبهذا الاصطناع سوف لا أُعرّض نفسي للشك بجنسيتي وهويتي وسأكون بمنأى عن أي سؤال يحتمل ان يوجهه لي هذا الشخص لسبب بسيط هو اني اصم وابكم!!.
وهكذا نجحت الفكرة بأمتياز حتى اني حصلت بسببها على العطف والرعاية من الجميع . لكن الذي اضحكني بعد مدة هو اني اكتشفت ان خوفي من ذلك الشخص الذي كان يلبس البزة العسكرية والذي تصورته شرطيا تبين انه ليس كذلك وانما هو طالب في الكلية البحرية العسكرية(!!!) عندها ضحكت كثيرا ولعنت صدام ونظامه الذي كان وراء ذلك الهاجس الذي تملكني.
لبثت في مدينة الاهواز قرابة ستة اشهر قضيت نصفها في دراسة العلوم الدينية في حوزة (البهبهاني) حتى اضطررت للخروج منها بسبب عدم انتظام دروسها وضعف كفاءات اساتذتها وضحالة وعي طلابها على الرغم من اني كنت في بداياتي الاولى لدراسة العلوم الدينية إلا انهم كانوا يعتبرونني استاذا حتى ان احد اساتذتها في مادة المنطق طالبني مرة ان لا أُكثر من اعتراضاتي واسألتي التي كانت تزعجه وتكشف ضعف كفاءته في تدريس مادة علم المنطق الكلاسي.
بعد خروجي من حوزة البهبهاني اعتكفت في بيت قريب لي في مدينة الاهواز ولمدة ثلاثة اشهر اخرى قضيتها في دراسة العلوم الدينية عن طريق الكاسيت الذي كنت آتي به من اكبر المخيمات العراقية في مدينة دزفول - ( 145كم عن الاهواز) - حيث كانت ثمة مكتبة صوتية في ذلك المخيم , اضافة الى متابعاتي وقراءاتي لصنوف اخرى .
حاولت في مدة ثلاثة الاشهر التي نزلت فيها عند احد اقاربي ان اجد لي فرصة عمل لكني لم احظى باية فرصة . بعد ستة الاشهر التي قضيتها في الاهواز (العربية) والتي اعطتني تصورا كاملا عن الشعب الاهوازي العربي وكم هو قريب في تركيبته الاجتماعية والسلوكية للشعب العراقي في الجنوب والوسط تحديدا , كما عشت معاناته الكبيرة في ظل الجمهورية الايرانية الاسلامية وكم ان حقوقه مهمشة ومنتهكة وان حجم التفريس كبير وقد نجحت من خلاله الدولة الايرانية ان تغير بنية وعي هذا الشعب العربي المظلوم . وادركت ايضا مساوئ هذا الشعب وسلبياته في تمسكه الغريب في تقاليد الاباء وعادات الاجداد البائدة مما صنعت منه انسانا متخلفا جاهلا متعصبا لاتفه التقاليد القبلية العشائرية نظير: (النهوة ، زواج ابن العم ، الفصول ، غسل العار) ، لكن برغم من هذه المستويات المتدنية لشعب الاهواز فهو ايضا يضم كفاءات اكاديمية وعلمية ورياضية وحتى عسكرية عمل النظام الايراني على تهجيرهم من مناطقهم الى مناطق لا يمكن ان تجد فيها عربيا واحدا وهكذا استطاعت الدولة الايرانية ان تميت في الكفاءات الاهوازية روح الانتماء لعربيتهم ومدينتهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتصامات الجامعات الأميركية وانعكاسها على الحملات الانتخابية


.. ترامب يكثف جهوده لتجاوز تحديات الانتخابات الرئاسية | #أميركا




.. دمار غزة بكاميرا موظفة في الا?ونروا


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد بإسقاط التا?شيرة الا?مريكية ع




.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور