الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدام الأعور ملك بين العميان

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2007 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


في نواحها على الطاغية المقبور صدام ، التقت قناة الجزيرة بجورج غالاوي ، السياسي الانكليزي ، الذي يعرف جيدا ، كأي إنتهازي ، من اين تؤكل الكتف ، والذي يتابع شؤون المنطقة العربية واحداثها ويتعامل معها كسوق يبيع فيه بضاعته . هذا الرجل ذكر مثل ، كان زلة لسان ، لخص فيه بعمق ودقة متناهية موقع صدام ، وأمثاله ، في مجمل مانراه في البلدان العربية من جزيرة سلمى ومدن سبته ومليلة المحتلة في المحيط الهادر الى جزر ابو موسى وطنب الصغرى والكبرى المحتلة في الخليج الثائر ، فقال : "لدينا مثل انكليزي يقول - الأعور ملك بين العميان- وصدام كان بعين واحدة (أعور) ، فهو ملك في أمة من العميان" !
ولا يساورني أدنى شك في صحة ماقاله هذا "الفهلوي" ورجل الأعمال الشاطر ، الذي يبحث الآن عن سوق جديدة في المنطقة لترويج بضاعته ، يقال أنها سوق الحميدية بدمشق ، بعد أن إنتهى زمن النفط العراقي . وفي الواقع ، ومع إستثناءات غير مؤثرة في الحالة العامة ، فالأمة بمتأسلميها وقومجيتها ويسارها ويمينها ، أمة من العميان ، منذ زمن طويل . ولأنها فاقدة للبصر والبصيرة ، وتسير على غير هدى ، نراها تنتقل من مطب وفشل الى آخر . وهي ، بعيدا عن مظاهر البهرجة والشعارات ، في حالة خمول وسكون "مكانك راوح" ، وإن تحركت فإلى الوراء أو نحو الهاوية . وفي كلا الحالين ، فإن قائد الأمة ورمزها وفارسها المغوار هو الطاغية "الأعور" مهما كان إسمه ، الذي تدور في فلكه جوقة من السياسيين والمثقفين ورجال الدين ، فتسبّح بحمده وتصوّره للعميان بأنه تحفة نادرة ، وفلتة زمانه ، والقائد الضرورة الذي نزل هدية من السماء .
والنتيجة الطبيعية والمنطقية لأية أمة متخمة "بالعوران" من الطغاة على شاكلة المقبور صدام والمجنون القذافي وبن لادن والظواهري وجوقة المطبلين التي تبدأ بعطوان وبشور وبشرى ومصطفى بكري ولا تنتهي بغالاوي .... ان تقع في مطب اللبننه ، وبعده الجزأرة ، ثم الى العرقنه ، لتصل الى الصوملة ، وفي طريقها الى .... السودنه !
مع أمة العميان هذه لن تنفع خرائط الطريق ، ولا كل أطالس العالم ، بعد أن ضلت طريقها ، وصفقت للأعور الدجال صدام ، يوم إدعى أنه سيحرر القدس التي تقع في جهة الغرب ، ولكنه إتجه بجوقته في وضح النهار نحو الشرق ، بنظرية مفادها "الطريق للقدس يمر من عبادان" ورغم انه لم يستطع أن يدخل عبادان كما لم يصل الى القدس ، فقد عاد منتصرا ، مثل صلاح الدين ! أين هذا الانتصار ، وكيف ؟ لا أحد يعرف غير الراسخون في العلم من العميان . ويكرر نفس الأعور ونفس الجوقة ، التي تقيم اليوم سرادق العزاء عليه بعد أن فطس ، بالتطبيل والتزمير حين غزا الكويت في الشهر الحرام وشرد أهلها واستباح حرماتهم ، لتتغير قواميس اللغة وتتحول الهزائم الى انتصارات لأعور العميان ، وتتساقط كوارث على رأس الشعب العراقي ومعه الكويتي هذه المرة .
إن أعور العميان لايمكن ان يقهر أو يهزم أبدا لا في حياته ولا حين فطس كمجرم . لذا فإن ردة فعل "العمى العربي" مفهومة تماما ، وهي ستكون مفاجئة وخارج السياق لو تمت بشكل آخر . وبصدق لا أستغرب أن يكون الطاغية الجلاد عند العميان شهيد وقديس ، وأن يتحول الضحايا عندهم الى خونة وعملاء مارقون وصفويون ومجوس . ولكن المثير للدهشة ، هو مواقف الضحايا ، خاصة العراقيين ، رسميا وشعبيا ، من "العمى العربي" التي لا تتجاوز حالة الإستغراب ، أو الشرح والتوضيح وكأنهم مذنبون ، أو إستجداء الموقف (كما في رسالة اتحاد الكتاب والأدباء العراقيين الى مؤتمر اتحاد الكتاب والأدباء العرب الذي عقد مؤخرا في القاهرة ) ، أو بطريقة الإنفعال ورد الفعل المؤقت !
إن مايجري يمثل فرصة جديدة لإعادة النظر في المواقف ، ولإنضاج رؤية واضحة تحدد المسار وتعيد الاعتبار للعراق والعراقيين ، وبعدها الضغط بهدوء وبعد نظر ، ولكن بثبات على الفعاليات السياسية والثقافية في الدولة والمجتمع لكي تتخذ مواقف حازمة وسياسة ، تعتمد على :
- الثوابت والمصالح الوطنية العليا ، للارتقاء بالاداء الأمني والسياسي والاقتصادي والثقافي . وهذا هو السبيل الافضل للرد وقطع دابر كل التدخلات والتخرصات ، وسيبحر بالسفينة العراقية بعيداً عن العوران والعميان .
- وضع المصالح العراقية العليا ، كحجر زاوية في السياسة الخارجية والاقتصادية والاستثمار وخطط الاعمار والعمالة ، والامتناع عن منح التسهيلات أو تقديم النفط كهدية أو باسعار رمزية لمن يسيء لهذه المصالح .
- نقل نشاط كل المنظمات الدولية والانسانية والمتعلقة بالعراق الى منطقة كردستان ، بدلا من الاردن ، خاصة مع توفر الأمن ووجود مطاري أربيل والسليمانية مع غيرها من الامكانيات .
- معايير جديدة في قضايا التضامن مع الآخرين ، اساسها الموقف من الطاغية المقبور ، والارهاب وقيم الديمقراطية وإحترام حقوق الانسان ، مع مبدا المعاملة بالمثل . وهذا يضع حد "للحب من طرف واحد" ، بحجج مختلفة طائفية ، وقومية ، وايديولوجية ، ولجهات تمجد الطغاة ولا تقيم وزنا للقيم والمثل الانسانية ، بل لمصالحها وأجندتها الخاصة فقط .
ولسنا بحاجة للأمثلة فهي كثيرة جدا على مر تاريخ الألم العراقي ، آخرها تضامن بعض العراقيين من منطلق طائفي مع حسن نصر الله وحزبه ، الذي ينتقص منهم في كل خطبه ، ويضع أجندته ، الطائفية والمتخلفة ، على حسابهم .
صحيح ان الفوضى والفساد وفقدان التوازن ... ، قد يعيق القيام ببعض الإجراءات ، ولكن آجلا أم عاجلا ، ستنتهي هذه الحالة الاستثنائية . وحتى ذلك الحين ، ولكي لا ننسى ، لابد ، من تسجيل المواقف للتمييز بين الصديق الذي وقف معنا في المحنة ، والعدو الذي جمع مالا أو بنى مجدا على حسابنا ، وحينها لابد أن يرجع الحق لنصابه وواجب الاعتذار يكون أقل المطلوب ... ولكن مجاناً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر