الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رد على مقالة ميثم الجنابي - تعزية صدام – طائفية أزلام وأعراف قبائل-

محمود الحمزة
(Mahmoud Al-hamza)

2007 / 1 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا أعرف د. ميثم الجنابي شخصياً ولكنني سمعت أنه أستاذاً في جامعة روسية في موسكو.
قبل كل شيء أود أن أعبر عن انزعاجي الشديد من مقالته التي تفوح منها رائحة الطائفية متخفياً وراء حقده وكرهه لصدام والصدامية كما يقول. فكيف يسمح لنفسه من يدعي أنه مثقف بالحديث بهذه الروح المتخلفة التي يخجل منها المثقف العربي المتحضر خاصة وأنه يعمل أستاذاً في جامعة أوروبية. كيف تستطيع أن تتهم إحدى عشائر العراق العربية بالطائفية والأزلام . اعتقد أنك وقعت في التعميم الخاطئ والذي لا يقبله إنسان عاقل ذو حس وطني وعقلاني. لا أنفي أن الكثير من أبناء هذه القبيلة وغيرها من القبائل والطوائف بما فيهم السنة والشيعة والمسيحيين والعرب وحتى بعض الأكراد استفادوا بنسب مختلفة من فترة حكم صدام. لأنه في الحقيقة كان ديكتاتوراً على أبناء شعبه وسيفه مسلط على رأس كل من تسول له نفسه حتى بالتفكير في الوقوف ضده. ذلك ما يؤكده كل من عرف صدام أو عايش فترة حكمه. فهو لا يرحم أحداً كائناً من كان فقد قتل أقرب أقربائه وأخلص الناس إليه عندما شعر بأنهم قد يشكلون خطراً عليه. وكانت حاشيته من السنة والشيعة والمسيحيين والأكراد وغيرهم. فهو لم يكن طائفياً بل ديكتاتوراً والديكتاتور لا يميز بين الناس إلا على أساس ولائهم المطلق له ومن يشذ ولو قليلاً عن هذه القاعدة يلقى حتفه بلمح البصر.

إذاً صدام كان ديكتاتوراً وهذا ليس اكتشاف بل حقيقة مرة عانى منها أبناء الشعب العراقي الشقيق. ولا أريد أن أذكر أية نقطة إيجابية له في هذه المقالة حتى لا أخرج عن الموضوع.

ولكن أليس من المعيب وأنت رجل مثقف أن تكتب بهذه الروح الطائفية الضيقة الأفق الأحادية الجانب والتي تضع الأمور في موقعها غير الصحيح وكأنه حق يراد به باطل.

لقد قتل صدام وتسبب في قتل آلاف العراقيين الأبرياء وخاض حروباً مدمرة لا مصلحة للعراق أو للجيران فيها. ولكن لماذا لا تحلل وضع العراق الحالي وتذكر الظروف القاسية التي يمر بها العراق.

ماذا جرى في العراق ؟ هل أن الاحتلال الأمريكي الصهيوني الذي دمر المجتمع العراقي اقتصادياً واجتماعيا وسياسياً وثقافياً هو ما يُسْكَت عنه. هل الطائفية المفضوحة التي فرضت على أبناء العراق من قبل الأمريكان وأزلامهم الذين يلعبون دور الأداة المنفذة الخسيسة بحق أبناء شعبهم. كم عراقي بريء قتل بسبب الاحتلال والسياسة الطائفية المتعطشة لدم العراقيين. هل قتل صدام من العراقيين أكثر من الأمريكان وأعوانهم. صحيح أن الاحتلال دفع العراقيين الوطنيين لمقاومته وصحيح أن هناك من يسعى لتشويه المقاومة وخلط الأوراق مع بعض الإرهابيين الذين يقتلون الأبرياء. ولكن من وراءهم؟ من خلق الإرهاب في العالم وفي العراق؟ هل هم السنة العراقيون كما يحلو لبعض عملاء أمريكا أن يدعوا أم هي أمريكا و أتباعها أي أجهزة الاستخبارات المختلفة وعلى رأسها المخابرات المركزية الأمريكية والموساد ومن اشتروهم في العراق من النفوس الضعيفة.

لا يختلف اثنان على أن عدد الضحايا في العراق الآن أكثر بكثير منه في فترة صدام ولست بصدد المقارنة لاختيار الأفضل بين فترتين في تاريخ العراق إحداهما أسوأ من الثانية, بل لأذكر بأن صدام – الديكتاتور- استحق العقاب ولكن بقرار من محكمة عراقية مستقلة وليس في ظل الاحتلال وبقيادة الأمريكان. ومن جهة أخرى ألا ترى بأن توقيت إعدامه فيه دلالات كلها ضد مشاعر العرب والمسلمين لأنه لا من قيم العرب ولا من تعاليم الإسلام التصرف بهذه الطريقة. فهل يمت إلى الإسلام أو العروبة أو لديه ذرة من القيم الإنسانية, أمثال المالكي ومن في تحالفه من الزعامات والقوى التي تدعي الوطنية والإسلامية ولكنها عميلة وطائفية (والحديث هنا عن قيادات هذه القوى وليس عن الناس البسطاء المغلوب على أمرهم لأسباب مختلفة). يقال أن بعض زعماء الأحزاب الطائفية الشيعية قد حضروا مشهد إعدام صدام كما أن المالكي أقام حفلة عرس ابنه في هذا اليوم وكانت هناك هتافات طائفية من قبل أناس شاركوا بعملية الإعدام مما أعطاها طابع الاغتيال السياسي بامتياز. ولكن التاريخ لا يرحم ويسجل كل شيء. فهل تريد إقناع الناس بأن إعدام صدام هو قرار محكمة عادل ومستقل أم أنه قرار أمريكي نفذ بأيدي طائفية عميلة.

لماذا لا تتحدث عن الحقيقة كاملة يا دكتور ميثم ؟ لماذا تأخذ جانباً من الوضع العراقي وتعممه وتفلسفه لدرجة لا تحتمل ولماذا كل هذه التحليلات الفلسفية والفكرية المعقدة ؟ ماذا تريد أن تثبت؟

أن صدام كان ديكتاتوراً فهذا يتفق عليه أغلب الناس. أما أنك تريد أن تصور الوضع أثناء حكم صدام وكأنه شيء متفرد في العالم والتاريخ. فهذا جهد بلا نتيجة لأن أمثال صدام في العالم كثيرون. أما أنك تريد أن تثبت أن قبيلة بو ناصر العربية العراقية كلها عميلة وصدامية وأنها كانت دعامة الحكم الصدامي فهذا تجني على الحقيقة بل أن ذلك طرح طائفي خطير بل وفي منتهى الخطورة وخاصة أنه يصدر عن شخص مثقف بمقامك لأن ذلك يبرر الحرب الطائفية والقبلية والعرقية.

من المؤسف أن تصدر هكذا تحليلات لتثبت عبثاً أن قبيلة بعينها تحمل إيديولوجية معينة وكلها تحمل فكر سياسي واحد فهذا لم يحدث في التاريخ. لماذا لا تفكر في أن صدام نفسه كان يسعى لخلق هذه الصورة عن حكمه وذلك بأن قبائل وعائلات معينة هي قاعدته ومصدر دعمه لكي يموه الصفة الشخصية الديكتاتورية المطلقة عن حكمه وهكذا يفعل الكثير من الدكتاتوريين في العالم. فواحد يتستر بحزب وواحد بقبيلة وآخر بطائفة وهكذا...ولكن ليس كل الناس مستفيدين من الحكم وليس كلهم يحمل سمات ذلك الحكم وليس كلهم باعوا ضمائرهم للطاغية وقد يكون مفروضاً عليهم الأمر الواقع. فماذا يفعل الإنسان البسيط من تلك القبيلة أو الطائفة أو الحزب أو الجماعة أمام ماكينة جبارة من القمع والتسلط والقوة التي كان يملكها الديكتاتور. طبعاً كل من ساهم في اضطهاد الناس وقمعهم, أو حقق مكاسب شخصية مثبتة عليه, فإنه يتحمل مسئولية نفسه ويخضع للمسائلة أمام القضاء الوطني العادل.

كلمة أخيرة. اعتقد أن دور المثقف التقدمي الوطني الإنساني بغض النظر عن قوميته ودينه وطائفته وقبيلته وتفكيره السياسي يكمن بالدرجة الأولى في تثقيف الشعب وتوجيه أنظاره إلى المخاطر الرئيسة الكبرى التي تحيق به داخلياً وخارجياً وليس في تمييع الصورة وتشتيت القوى والتركيز على الجزئيات التي بالرغم من أنها لا تعتبر ثانوية ولكن يجب أن تطرح في سياقها الصحيح وأن تعطى حجمها الواقعي وليس تضخيمها بدوافع طائفية. والمثقف التقدمي عليه أن يكون في طليعة الشعب وأن يكون نموذجا في التفكير والأخلاق وحب الوطن لا أن يثير الفتن الطائفية والقبلية ولا أن يستعدي أبناء شعبه بعضهم على بعض بل يساهم بتمتين اللحمة الوطنية بتنوعها القومي والديني والقبلي والطائفي لمواجهة أعداء الشعب في الداخل والخارج.

أنا إنسان علماني وضد جميع أشكال التعصب القومي والديني والمذهبي ولكن ما يجري في العراق هو انتقام طائفي تمارسه الميليشيات والحكومة العميلة للأمريكان .

وعن أي ديمقراطية وحرية وعراق حديث يجري الكلام. ألا ترى أن الاحتلال الأمريكي وأذنابه دمروا العراق وأعادوه إلى الوراء مئات السنين. ذلك ما يقر به حتى المراقبون الأجانب بمختلف توجهاتهم.

ما أتمناه هو أن لا يخلط أي إنسان بين الاحتلال الأجنبي الذي يجب أن يرفضه كل وطني رفضاً قاطعاً وبين النظام داخل البلد الذي يمكن انتقاده وحتى العمل على إسقاطه إذا شاء الشعب ذلك ولكن فقط بأيدي وطنية ويمكن الاستفادة من التأييد والدعم الخارجي من الدول التي لا تضع شروطاً تمس من سيادة البلد وحريته وكرامته.

وكل ما تحقق في العراق من تغيرات يعتقد البعض عبثاً أنها ديمقراطية لا يضمن أحد بقائها وديمومتها بعد خروج القوات المحتلة من العراق.

وكل ما نتمناه للشعب العراقي الشقيق هو أن يعيش بحرية وديمقراطية وأمان في ظل دولة عراقية موحدة بعيداً عن أي تدخل خارجي. لقد عاش أبناء العراق مئات السنين بإخاء وسلام والآن نرى أن من يدمر هذه القيم هو المحتل الأمريكي- الذي عارضه حتى الشعب الأمريكي نفسه- وكذلك من يصر على بقائه.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح