الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأريخ الفن الحديث في أوربا 5

نبيل تومي
(Nabil Tomi)

2007 / 1 / 9
الادب والفن



التعـبيريه
جميلة هذه الكلمة في محتواها،الواسع وهي تعني وتبغي الدلالة والتوضيح عن ما يدور في خلجات النفس ، وما تراه العقول من خلال العيون وتعبر عنهُ المشاعر والأحاسيس ، بشتى الطرق منها التعبير عن الذات بالكتابه الأدبيه في الشعر والروايه ومنهم من يعبرون في الخطابه وآخرون في الرسم ، وكذلك من يعبر بالعنف أو غيره من الأساليب وهي كثيره والقائمة طويلة، ونحن الأنسان نمارس مختلف التعابير في حياتنا في مختلف الظروف والأماكن والأفعال والنشاطات التي نمارسها يوميا ً أما هنا فأنني أرغب في التعبير عن كيفية نشوء الفن التعبيري نفسه وماذا يعني لنا، رغم إن الكلمة واضحة وهي تفسر نفسها، والفكره في التعبيريه في الفن بالساس هي ان الفن لا ينبغي له ُ التقيد بتسجيل الأنطباعات المرئية ، بل عليه أعتماد التجارب العاطفيه والقيم الروحيه ، وكما قال فرانز مارك/ إننا نسعى للوصول إلى ما وراء قناع المظاهرالتي تبدو لنا إنها أهم من أكتشافات الأنطباعين والتعبيريه هي تسمية لحركه فنيه قد تكون أعتباطيه أحياناً ، ويمكننا القول غير مرضّيه ، أما التسميات جميعها فيطلقها الكتاب والصحفيون أو , النقاد في هذا المجال أو ذاك وبتالي تظهر المصطلحات الجديده من أجل التميز هذا عن ذاك ، وبعض الأحيان تحمل أسرار بقائها بسبب وجود المبررات التأريخيه الخاصه بها ، ولهذا تصمد ونبقى في التداول ، أما كسياق فني فنشأت التعبيريه في آلمانيا 1910 وحُدد بفن آوربا الوسطى ، والفكره كانت كما أسلفنا جعل الفنان حراً في أختيار المواضيع التي تهتم بتسجيل التعابير والتجارب العاطفيه والنفسيه والقيم الروحيه إن أجازنا التعبير . نشر ماتيس في باريس > ملحوظات رسام < ومن ظمن ما جاء فيه ( إني اهدفُ التعبير أولاً ، فأنا لا أستطيع الفصل بين الإحساس في الحياة ، وعن طريقة التعبير عن ذلك الإحساس ووفق طراز تفكيري والذي لايشمل العاطفه المرتسمه على وجه الإنسان ، أو حركاتهُ العنيفه الفاضحة ، وإن ترتيب صوريّ باجمعه ُ تعبيري ، الأشياء التي تشغل الاماكن الأشكال المسطحه والمساحات الفارغه وغيرها من العناصر المختلفه ) لهذا أقترن أسم ماتيس بالتعبيريه وأرى أن نتعمق في معرفة نشأة ماتيس الفنيه لكي نتأمل علاقته ُ بالتعبيريه .... و
هنري ماتيس المولود عام 1869 و الذي لم يبدء الرسم إلا في التسعينات من القرن التاسع عشر متتلمذاً في مشغل "غوستاف مورو " التابع لكلية الفنون الجميله باريس المسمى ( البوزار ) ، حيث كان ماتيس لا يعلم ولم يكن واعيا ً للتأثيرات الثوريه الجديده التي أحدثها الفن الأنطباعي أو ما بعد الأنطباعي ....... حتى عام 1905 حين بلغ ماتيس الخامسة والثلاثين من العمر ظهر إلى الجمهور كقائد للرسامين الجدد وهو الذي كان قد وضع ستراتيجية عمل لحياتهُ أولاً بدء بنسج أعمال الفنانيين القدامى الذين سبقوه وبألتاكيد كان لهم تأثيراً جدياً عليه في تجليات فنه ُ وتطورهُ الكبير ومنهم كورو/ مانيه / مونيه / بيسارو / سيزان / غوغان / سورا ، و " وإنهُ لا بد من أن نتأثر ونستأثر بأحد الفنانين أو أكثر من اللذين سبقونا في التجربه والأبتكار والخلق الأبداعي ، وإلا لن نكون مخلصين لفننا . من بعض ما طرحه ُ لأبونيير سنة 1907 وهو الذي لم يتجنب ذلك التأثير مطلقاً . ولو تفحصنا لوحة هنري ماتيس المسماة ( كارميلينا ) والتي انجزت في 1903 نلاحظ جلياً تلك التأثيرات ، وفي البدء نعتقد بأن لفويلار و لوتريك بعض التأثير ، وبعد بره نكتشف أن اللوحه هي مجرد نموذج للفنان وأقف في المرسم وهو منهمك في العمل، ويظهر في المرآة الظهر العاري للفتاة ، بهذا الشيئ نتذكر مانيه وكوربيه أو علهُ لوحة فيلاسكيذ (لامينينا ) وهي خدعة صناعة الصوره ، وعندما ندقق في تكوين الصورة نرى أن هندسة التصميم فيها معتمدة على أشكال مستطيله تبرز فيها الأعضاء مشكّلة جسد الفتاة العاري ، وهنا يجري التأكيد على هيكل العمل بالذات ، وبعدها تأتي سيطرة الفنان على النغمات اللونيه المتدرجه بحذاقه من الظلمة إلى الضوء ..... وتلك الأمكانيه في السيطره اللونيه الجميلة ظهرت أيضا ً عند كورو . لم يكن ماتيس من المعجبين بالألوان البراقه لفنانيّ ما بعد الأنطباعية وفي الحقيقه هذا ما شغله ُ كثيرا ً في الحقبة الأولى لشبابه ُ والتي تلخصت بأتباعهُ الطريقه النظاميه لسورا وسينياك ، وأخيراً أستطاع الاهتداء إلى ايجاد الحل . في الحقبه التي تلت وفاة جورج سورا ، أخذ بول سينياك (1863-1935) مبادرة قيادة المجموعة الصغيره للأنطباعيين الجدد ،،، وهم أقليه مكافحه آمنت بأنها وحدها أستطاعت إدراك الرؤية الحقه ، !!! وكان سيناك قد شجع هنري ماتيس بعد تحول الأخير ، والظاهر في عمله الطموح (ترف وهدوء ولذه) والتي إشتراها سيناك منهُ حيث تبينت المنهجية واظحة فيها حتى سميت بـ(الرسم البياني للنظريه) ، حتى ان رساماً شاباً آخر وأسمه ُ راؤل دوفيّ (1877-1953) تاثر بشدة به ِ وأعتبر هذا العمل بأنهُ معجزه في الخيال واللون والتصميم ،،! وبذلك فقدت الواقعيه الأنطباعيه سحرها ، وفيما لو قارنا بين ( كارميلينا و ترف وهدوء ولذه ) نرى ان الفنان لم يعبه في الثانيه بالنغمة اللونيه كثيراً ، ولكن هنا ركز كثيراً على اللون والتكوين وأعطى الألوان المحلية وألوان الضوء والظل عنايه خاصة ، ثم نسق بينهما كمعادله هندسيه متكاملة الأبعاد والأطراف ، وبهذا نجح هنري ماتيس في إستخدام الوسائل الشكلية للتعبيرعن المزاجيه ذات التناغم الفرح والسعيد . ولهذا تجاوزت " ترف وهدوء ولذة " موضوعة الأنطباعيه الجديده دون أن تناقضها أو تنفيها ، ونستطيع القول أنه آمن كما آمن أصحاب الانطباعيه الجديده بالمستقبل الزاهر . إن ذكاء ماتيس وحرسهُ على أن يثبت ذاتهُ في تقليد فني وصوري جديد كان مقصوداً وهذا ما فعلهُ في السنوات الممتده بين عامي 1905-1915
وهي المرحلة الغنيه والمعطائه الكبيرة في حياة هنري ماتيس الفنيّه ، إن ما فعلهُ ماتيس لكي يؤسسُ إستقلاليه كامله..... هو التخلي 1- عن مجاراتهُ للأنطباعيه الجديده ومشاريعها الصارمه. 2- وعدم الأكتراث بتقاليد تلك المجموعه وغيرها . ومن الممكن القول ان من ساعده على ذلك علاقتهُ القويه مع الفنان أندريه ديران (1880-1954)، حيث عمل جنباً إلى جنب معهُ في صيف عام 1905 في ( كوليور) ، وفي اول تشخيص لأعمالهم المنتجه هناك اطلق تسمية الوحّوشية على أسلوبهم ذاك !!! فالوحوشية إذاً هي إعادة أقرار و جمع الخصائص التي ظهرت في ما بعد الأنطباعيه معاً ، وهذا ما أثر على الجيل اللاحق والأحداث التي جائت معه ُ، فماتيس أشاع فهمـاً خاصاً لسورا عند عمله ُ في ( كوليور) ، فأن زميله ُ ديران مثلهُ مثل صديقهُ موريس فلامنك (1876-1958) كان مفتوناً بفنسنت فان كوخ ، وبذلك أضاف إلى نظام ماتيس شحنة عاطفيه كبيرة فكانت الألوان وأستثماراتها بنجاح ، إذ ذاك وسع هنري من كتلة الصبغ المستطيلة إلى مساحات لونيه منبسطه مطلية بطلاء خفيف ، فبهذا يكون قد خلق نوعاً جديداً من الفضاء والضوء في الرسم محرزاً النجاح الذي بحث عنهُ ، وفي عملهُ (بهجة الحياة 1905-1906) حيث كان الأكبر والأفخم كثيراً من (ترف وهدوء ولذه) ، حيث فيها أستطاع ترجمة الأيقاعات الفنية بحرية تامه كالخطوط والألوان ولا تظهر لها أية وظيفه زخّرفية ، ويمكن القول إنهُ فيها تتساوى المفاهيم والخصال مثل السعادة والحزن / البراءة والشر وغيرها من العناصر في إنسجام جميل آخاذ ، حتى إنهُ بنفسهُ وصفها -- إنها تغني معاً ... مثل الأوتار في الموسيقى -- وفي الحقيقه أنهُ هذا ما سعى أليهِ هنري ماتيس بكل قوة ..... وهو أمتلاك ناصية عملهُ والتحكم بهِ ثم الأنفراد به للوصول إلى أحاديه جديدة من التناغم واللحن والأيقاع ينفرد بها هو وحده ، وهذا ما قدمهُ في الجداريتين ( رقص و الموسيقى ) والذي بالغ في البساطة فيهما . في الحقيقه أن ماتيس بحث عن البساطة في فنهُ ولكن لم يكن ليدرك بأنهُ جعل منهُ أكثر تعقيداً ، بهرنهُ مباهج الغنى في الحياة ، وحاول أقتناصها ورسمها منها الأنسجه والبسط العربيه وكذلك منمنمات الشرق ، وأنماط جميلة من المطبوعات اليابانيه وغيرها ، ومن الممكن رؤية ذلك واظحاً في صورتهُ (أسرة الفنان 1911) أن الاشخاص قدّ رسمهم بشكل بسيط ومسطح ، وزاد إهتمامهُ بخلفيتها حيث زينها بنقوش كثيرة وغنية حتى إنها بدت كأنها تدفع الأشكال قدماً ، ثم أولى أهتمامهُ بـ أنبساطية اللوحة ..... وكان كل شكل مرتبط بعلاقه بالشكل الاخر، وكذلك لعب الأنعكاس دوراً رئيساً حيث الأشكال المستطيلة تصف الفراغات ، وليس الأشياء الصلدة و يعم اللون بعض الاحيان الصورة بأجمعها ، من الملاحض أن ماتيس كان شجاعاً في تحقيق ما لم يستطيع أقرانهُ من تحقيقهُ من قبل ، والملاحض توقف ماتيس المفاجئ من أستمرارة في مسلكهُ التجريبي سنة 1916 ، ثم أنتقل إلى نيس ...... وفيها تمتع بالهدوء وأراد بذلك تحقيق ما كان قـدّ أعلنهُ قبل سنوات بأنهُ ( يريد أن يخلق فناً مجرداً من آي موضوع ، فناً مريحاً ) . في ذلك الجو قام ماتيس برسم أعمالهُ المسماة (هيدونية) و هي مبدأ أخلاقي يعتبر اللذه والمتعة الجماليه هما الفضيله الكبرى والهدف الحقيقي من الفعل وأصلها اليوناني . وأهم صور تلك الفترة كانت لجواري يرتدين قليلاً من الثياب .... ولكن دواخلهن مترفة . استمر هنري ماتيس في عطائه لعام 1954 ، قدم خلالها أعمالاً وصوراً فاخرة مختلفه مثل ( الكولاج ) وهو العام الذي توفى فيه ، لكن بقت الأعوام العشرة الممتدة بين 1905-1915 متميزه في حياته، حيث أظهر ماتيس بعضاً من البرود الحسّي تجاه الحرب العالمية الأولى ، وما صاحبها من مآسي وويلات وفظائع ضد الانسانية ، بعكس بيكاسو . في حين ماتيس هو الذي كان قد قال بأنهُ -- عندما يعمل لا يريد أن يفكر بل يحّس فقط -- وصُعّب على منتقديه وعلينا أيضاً تقدير موقفهُ بأنهُ لا إحساس له في تلك الحالة ....!! أما في عملهُ ( ذكرى حياة المحيط ) فكانت تحمل رسالة لذاتهُ ، حيث كانت بلغة وشكل وتكوين تجريدي بحت مما أشعرهُ بالنقاوة والتحرر وكانت قد نجحت في نقل الرسالة . وفي الحقيقه أنهُ حقق الريادة في صالون 1905 في عرضهُ للوحاتهُ الوحوشية كما اسلفنا ، وكانت ( بهجة الحياة ) قد جذبت الأنظار بدون منازع لبعض الوقت حتى تحداهُ بيكاسو في ( آنسات آفينيون ) ، بألاظافة إلى وجود سيزان في الموقع القيادي ، ومن المعروف أن السنوات الثلاث عشرة الأولى من القرن العشرين كانت عظيمة وصاخبة بالحداث ، ففيها الكثيرمن المعارض والصالونات الأسترجاعية لأعمال رواد في القرن المنصرم ، وأشهرها معرض ( سوندر بوند ) في كولون 1909 ، ومعارض الأنطباعية المتتاليه وغيرها ، ومن ثم جائت وفاة سيزان التي زادت في تعلق الفنانين الشباب به من أجل أدراك مضامين فنهُ المبهمة ، وبالتأكيد كان هناك تأثيركبير لسيزان على ماتيس و فلامنك و ديران و بيكاسو وبراك وديلوني و مودلياني وغيرهم .

بالنظر للماده الكثيفه نكتفي بهذا القدر ونتابع البقيه لاحقاً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار


.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة




.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن


.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع




.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات