الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
التطبيع مع الطائفية السياسية كالتطبيع مع الصهيونية
علاء اللامي
2025 / 1 / 18مواضيع وابحاث سياسية

حين نقارن اليوم كيف كان العراقيون وبخاصة المثقفون يحاذرون من مفردات الخطاب الطائفي بل ويشمئزون من الكلام في الأمور الطائفية السياسية في بدايات حكم المحاصصة الطائفية والدستور المكوناتي بما يحدث هذه الأيام من تحليلات وأحكام وأخبار مفعمة بالمضامين الطائفية بل إن البعض أخذ يفاخر بفلان أو علان لأنه "خير من يدافع عن مصالح الطائفة والمذهب" إضافة إلى أن عبارة "الدفاع عن المذهب والطائفة" أصبح يجري بشكل عادي على ألسنة بعض السياسيين والإعلاميين المشتغلين عندهم.
أتذكر أن جلال الطالباني كان أول مسؤول بعد الاحتلال الأميركي يبادر الى التطبيع مع الحكم الطائفي الذي كان هو عرابه الأول حين علق على نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 2005 بقوله: هذا هو العراق؛ الشيعة انتخبوا نوابا شيعة، والأكراد انتخبوا نوابا أكراداً، والعرب السنة انتخبوا نوابا عربا سُنة. وهذا كلام تبريري ولا معنى له وينطبق عليه بيت الشعر العربي الجميل:
ألقاهُ في اليمِّ مكتوفاً وقالَ لهُ ............. إياكَ إياكَ أنْ تبتلَ بالماءِ
فالطالباني وأمثاله يقفزون على حقيقة أن الانتخابات نفسها والمنظومة الحاكمة كلها والدستور النافذ نفسه ركبت على أساس طائفي توافقي يرفض أي اندماج مجتمعي على أساس الهوية الوطنية العراقية (الطالباني نفسه رفض الاندماج المجتمعي واعتبره عملية صهر قومي فهو يخلط بين الاندماج المجتمعي مع الاحتفاظ بالخصوصيات لكل فئة اجتماعية عراقية كهوية ثانوية وبين الصهر القومي أي تعريب الأكراد وغيرهم وهذا مجرد احتيال سياسي فظ فالاندماج المجتمعي شيء والصهر القومي شيء آخر) وإعلاء شأن الهويات الفرعية الطائفية والعرقية. ولذلك تم تشكيل مفوضية الانتخابات على أساس المحاصصة الطائفية وتمت صياغة قانون الانتخابات على الأسس المكوناتية نفسها، ورفضوا أن يجعلوا العراق دائرة انتخابية واحدة يحق لكل مواطن أن يترشح في أي محافظة حتى ولو لم يكن ولد فيها. فكيف -والحالة هذه - لا ينتخب الشيعي شيعيا والكردي كرديا والسني سنيا وقد تم ربط يدي الناخب وإلقاؤه في نهر الانتخابات المكوناتية؟
هذا الواقع الذي لا يستطيع أحد إنكاره أوجد ثلاث دويلات طائفية وعرقية على أرض الواقع؛ الأولى كردية في الشمال وكانت قائمة قبل الاحتلال الأميركي وترتبط بعلاقات خاصة مع الولايات المتحدة وحتى مع الكيان الصهيوني الذي وقف معها مؤيدا وحيدا محاولتها الانفصال خلال استفتاء أيلول 2017. والدولية الثانية شيعية في الجنوب وأجزاء من الوسط والثالثة سنية في المنطقة الغربية والشمالية وتشمل الأنبار وصلاح الدين ونينوى. هذه الدويلات هي الثمرة المرة التي أنتجها واقع الحكم التوافقي الطائفي الذي جاء به الاحتلال الأميركي وقد أصبح التطبيع ساريا وعاديا مع هذا الواقع وترويجه والدفاع عنه بحجة: لا نريد حربا أهلية وهي الحجة التي منعت مؤسسات النظام من الاتفاق على الكثير من الأمور ومنها علم الدولة وشعارها وبناء جيش عراقي حقيقي وتسليحه وتحديث الصناعة والزراعة العراقية.
إن عملية التطبيع مع هذا النظام التوافقي الطائفي ومحاولات تبريره تجري بوتيرة سريعة وغير معلنة منذ عدة سنوات، والخشية كبيرة من أن تتحول الطائفية السياسية إلى واقع حال غير قابل للنقاش أو الاعتراض وتصبح حتى محاولات تشكيل حكومة أغلبية كالتي حاول القيام بها التيار الصدري وانتهت بإخراجه من المشهد السياسي بعد فتوى المرجع الحائري ضده، أصبحت هذه المحاولة شيئاً متطرفاً لا سبيل إلى التفكير به، وربما سيعتبرونه "تهديدا بالحرب الأهلية". لقد أصبح هذا التهديد سوطا بيد حكام الفساد والتخريب وحماتهم الأجانب يساط به حملة الخطاب الوطني التوحيدي المناهضين للفساد والطائفية السياسية والتخريب والتبعية للدول الأجنبية.
إن أسوأ ما يقوم به العراقي، وخصوصا العراقي المتعلم والمثقف والعامل في مجال الإعلام والثقافة هو التطبيع مع حكم المحاصصة الطائفية التوافقي ومع واقع التقسيم الفعلي للعراق إلى دويلات واستمراره في الخلط بين الطائفية التكوينية كواقع موروث من أكثر من ألف عام والطائفية السياسية التي جاء بها الاحتلال الأميركي وتلقفها ضباع الطوائف والعرقيات ليثروا وينهبوا أموال وخيرات العراق!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تصاعد التوتر بين الهند وباكستان مع تبادل الإجراءات العقابية

.. استعراض لأبرز المحطات في مسار العلاقات السورية العراقية

.. الصين تفاجئ ترمب بعد الضربة الأولى وتدفعه للتراجع وطلب التفا

.. ماسك يحرج ترمب أمام رئيسة وزراء إيطاليا.. واشتباك في البيت ا

.. وزير الخارجية السوري يرفع علم بلاده الجديد ويلقي خطابا في مج
