الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيناريو المشهد الاخير في مواجهة حماس

عماد صلاح الدين

2007 / 1 / 10
القضية الفلسطينية


المتتبع جيدا للمشهد الفلسطيني منذ فوز حماس في الانتخابات التي جرت في مطلع العام الماضي يرى كما يبدو إن الجهات التي تناوئها وتناصبها العداء قد استنفدت معظم أساليب المواجهة من اجل احتوائها أو تدجينها أو تشويهها وبالتالي العمل على إقصائها عن المشهد السياسي الرسمي بوسائل كان من أهمها الحصار المالي والسياسي وتأليب الشارع الفلسطيني عليها من خلال الإضراب المسيس في اتجاه إظهار حماس والحكومة بانهما السبب في تجويع الشعب الفلسطيني بسبب عدم واقعية برنامج حماس والحكومة السياسي في مواجهة ما يسمى بالمجتمع الدولي.

من المعروف بديهيا في الأدبيات الاستعمارية الكولونيالية أنها تلجأ إلى الحسم بالقوة العسكرية وتحت مسميات ومبررات مختلقة من اجل تحقيق الهدف المتمثل في القضاء على قوة وحضور الخصم في أي ساحة من الساحات، لاسيما في المنطقة العربية على وجه الخصوص، والشواهد القريبة والبعيدة في هذه المنطقة لا تحتاج إلى سرد أمثلة تفصيلية سواء كما حدث مع نظام الرئيس الراحل صدام حسن أو ما حاولوا فعله وتنفيذه ضد حزب الله اللبناني في تموز من العام الماضي، هي المعادلة الاستعمارية ذات الأجندة السيطرية والتوسعية في نهاية مطافها وآخر مراحلها.

المشهد الحالي في مواجهة حماس يبدو انه الأخير في محاولة إقصاء حماس وبالتالي تطبيق الحل الأمريكي والإسرائيلي المتعلق بإقامة دولة ذات حدود مؤقتة والذي يمكن التفاوض حوله وطرحه على الاستفتاء لاحقا من خلال ما يسمى بالقيادة المعتدلة في الساحة الفلسطينية التي يعد من رموزها الكبار الرئيس عباس ومحمد دحلان وصائب عريقات وآخرون.

اللقاءات المتتالية بين أولمرت والملك الأردني وبين الأول وعباس في القدس ومن ثم بين اولمرت نفسه والرئيس المصري حسني مبارك وحديث بل حقائق صفقات تمويل الحرس الرئاسي بالمال والعتاد في قطاع غزة وما هو آت في المستقبل كذلك بالإضافة إلى تسريع وتيرة الجهود المختلفة من اجل استقدام قوات بدر بأسرع وقت ممكن تحت مسمى حالة الانفلات الأمني في قطاع غزة وما تشهده الساحة مؤخرا في الضفة والقطاع من رفع وتيرة الفوضى وأعمال القتل والخطف لرموز سياسية وأكاديمية وكوادرية افتعلتها الجهة الانقلابية ابتداء من اجل فتح الباب وإيجاد المبرر للدخول في مواجهة دموية مع حركة حماس علها تستطيع من خلالها تحقيق الحسم السياسي المعول أساسا على أمل الفوز في الانتخابات المبكرة، حيث إن المؤسسة الرئاسية ومعها أطراف إقليمية ودولية تراهن على خضوع وقبول حماس لمطلب التبكير في الانتخابات تحت وطأة وضغط المواجهة الدموية، إذ إن أطراف وأقطاب التيار الانقلابي يعولون أن حماس طبقا لأدبياتها المستمدة أصلا من مرجعية الأخوان المسلمين سيضطرون في النهاية لقبول عملية تبكير الانتخابات لحقن مزيد من سفك دماء الفلسطينيين وان كانت على سبيل الافتراض إجراء مثل هذه الانتخابات كارثة بحق حماس وقاعدتها الشعبية.

التيار المتنفذ في فتح تدعمه أطراف عربية ودولية سيقولون ويدَعون أمام الشعب الفلسطيني بان المانع الرئيسي والحاجز الأساسي أمام حالة سفك الدم الفلسطيني والاقتتال الداخلي هو إجراء انتخابات مبكرة تشريعية ورئاسية من باب الأمر الواقع في المشهد الفلسطيني وان كان الأمر لا يستند إلى شرعية قانونية ودستورية بادعاء أن الخلاف ألبرامجي واضح وبيَن وصعب الالتقاء.

في كل الأحوال ليس من خيار أمام حماس إلا أن ترفض حالة الابتزاز هذه وان تحاول قدر الامكان الالتفاف بل الابتعاد قدر الممكن والاستطاعة عن دوامة الدم والعنف الداخلي التي تحاول جماعة التيار الانقلابي استخدامها وتوظيفها كوسيلة لتحقيق أغراضها من خلالها, وهذا ما حذرت منه في مقال سابق بعنوان " تبكير الانتخابات بالدم الفلسطيني ".

تبكير الانتخابات التشريعية الفلسطينية تعني من الناحية الأخلاقية والسياسية إهانة كبيرة للشعب الفلسطيني ولخياره الديمقراطي إذ إن الأمر في إجرائها وفي عقدها يعود إلى أطراف خارجية ليس إلا وليس الأمر بالتالي متعلق بالإرادة الشعبية للفلسطينيين، في حال إذا ما أجريت هذه الانتخابات سنرى حالة استنكاف ونفور شعبي عن التفاعل معها لن يكون الخاسر في مستوى التأييد الشعبي حماس فقط بل باعتقادي حركة فتح ستكون الخاسر الأول، خسارة حماس ستأتي حتما إذا ما قبلت بالسيناريو الذي يخطط له الانقلابيون لان قبولها به يعني الإهانة أولا وأخيرا للشعب الفلسطيني ومن ثم لن يكون هنالك حاجة لانتخابات أصلا طالما أن أمرها بيد الخارج لا الداخل الفلسطيني، سيكون عقاب الشعب الفلسطيني شديدا لحركة فتح وحماس إذا استطاع المتنفذون في الأولى استغلال واستثمار الدم الفلسطيني من اجل تبكير الانتخابات وقبلت الثانية " حماس " بحالة ضغط هذا الاستغلال والاستثمار لدماء الفلسطينيين بقبولها أخيرا بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في غير وقتها القانوني والدستوري بل الأخلاقي والسياسي في الأساس، من الممكن والمتوقع أن تتجه أصوات الناخبين بطريقة عبثية وتعبيرا عن الانتقام من المشهد الديمقراطي المزيف إلى فصائل وأحزاب صغيرة، وهذا سينعكس سلبا على المشروع الوطني الفلسطيني إذ سيكتب على الفلسطينيين كما يبدو نظام الاختبار بلا نهاية مع الفصائل والأحزاب الفلسطينية بدلا من حالة البناء الايجابي التراكمي لما بنوه وقدموه وضحوا به عبر الفصائل الكبرى .

لقد أوصلت حماس رسالة واضحة للفلسطينيين عبر أكثر من عشرة اشهر من خلال دخولها في المشروع السياسي أن السلطة كمشروع حكم ذاتي أنتجه المشروع الاوسلوي الأمريكي الإسرائيلي هي سلطة محكومة بشروط هذين الطرفين التي تقف عائقا أمام المشروع الوطني الفلسطيني، فهي سلطة مقيدة ماليا واقتصاديا وسياسيا ولايمكن أن يستمر بها إلا ذلك المتعاون العميل أو الموهوم المخدوع الذي يقبل بشروط هكذا بناء مواده واداوته وطريقة بنائه وتصميمه صنعت بأعين أمريكية وإسرائيلية، يجب على حماس من خلال فهمها لطبيعة وفلسفة هكذا مشروع أن تضع الاستراتيجية المناسبة والممكنة للعمل على إنهاء وجود هذا البنيان المتهالك الذي لم يأت ياي خير للشعب الفلسطيني، بل إن حماس منذ أن دخلت في هذا القفص الأمريكي والإسرائيلي وهي مضطرة لذلك اختل ميزان الخسائر والرعب المتبادل بين الفلسطينيين وإسرائيل ففي حين لم يقتل من الإسرائيليين خلال العام الماضي سوى عدة أشخاص يعدوا بالعشرات بينما استشهد من الفلسطينيين قرابة ال700 شهيد والاف الجرحى وهذا يعني أن حماس هي العامل الأساس في المشهد العسكري الفلسطيني في تحقيق حالة توازن الردع والرعب مع العدو الإسرائيلي.

فرصة حماس ستكون كبيرة ومعها الشعب الفلسطيني للتخلص من الكيان السلطوي الذي هو بمثابة العبء على نضال وكفاح الشعب الفلسطيني، ذلك إذا ما تحقق فعلا السيناريو المتعلق بمحاولة تبكير الانتخابات تحت وطأة وضغط حالة الاقتتال الداخلي، إذا ما حدث ذلك فليس أمام حماس إلا تجنب الانجرار نحو المواجهة وبالتالي تفويت الفرصة على أصحاب السيناريو المذكور سابقا، والاتجاه فورا إلى المقاومة بكافة أشكالها مع تمسكها في البقاء في الحكومة، إذ إن هذه المعادلة ستجبر الحكومة الإسرائيلية الفاقدة التركيز والمضطربة جدا نحو الرد المندفع ضد شخوص وربما هيئات النظام السياسي للسلطة بصبغته الحمساوية الجديدة، والأمر لاشك يحتاج إلى تضحيات جسام لان المآسي التي جاء بها فريق اوسلو إلى الشعب الفلسطيني لاشك أنها أيضا جسيمة وكبيرة جدا، ربما يكون ما سبق مدخلا حقيقيا وعمليا لإنهاء المشروع الاسلوي بإطاره السياسي والمادي، فهل يتحقق ذلك ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي