الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجربة مقاطعة ميكلنبورغ الألمانية في إدارة المخلفات الصلبة

نعمى شريف
دكتورة مهندسة مدنية باحثة وكاتبة

(Noama Shareef)

2007 / 1 / 11
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


تقع مقاطعة ميكلنبورغ الألمانية في شمال ألمانيا بمساحة قدرها 23170 كيلومتر مربع ويبلغ عدد السكان1,8 مليون نسمة وتشتهر بالزراعة والسياحة وصناعة السفن.
عند الحديث عن معالجة المخلفات في أي بلد لا بد من التطرق إلى مستوى التكنولوجيا المتوفر، وإمكانية الدولة المادية لشراء وتنفيذ الحلول البيئية السليمة بالإضافة إلى الاعتماد على أسس علمية وقوانين بيئية يستند إليها البحث العلمي في هذا المجال.
لقد كان الطمر الصحي هو الطريقة الكلاسيكية في ألمانيا للتخلص من المخلفات حتى عام 2005 ولكن النواتج الخطيرة من الغازات والسوائل التي يمكن أن تدوم 10000 سنة والكلفة الاقتصادية العالية منعت هذه الطريقة في ألمانيا بعد عام 2005
إن التخلص الآن من النفايات في أوروبا من خلال تدويرها والاستفادة منها يحتل المرتبة الأولى حيث تبلغ نسبة تدوير النفايات في بعض الدول الأوروبية بنسبة 40% حتى 60% من المخلفات التي يجب التخلص منها.
أما بالنسبة للتخلص من النفايات بالحرق التي كانت الطريقة الأقدم في أوروبا الغربية للتخلص من هذه النفايات، أما الكلفة العالية صرفت الاهتمام عن هذه الطريقة سابقا خاصة تلك الكلفة المتعلقة في تقنية معالجة غازات الاحتراق.
ولكن خلال السنوات الأخيرة حصل تقدما كبيرا في مجال تحسين جودة المحارق خاصة من ناحية معالجة الغازات وإقلال خطرها البيئي، حيث أن هناك أنواع خاصة من المخلفات لا بد من حرقها.
إن الشركات الألمانية تطرح الآن في الأسواق المحارق الصغيرة بحجم 50000 طن في السنة إلى جانب المحارق الكبيرة مثلا 300000 طن/السنة. ويشكل جمع ونقل النفايات القسم الأكبر من تكاليف إدارة النفايات بشكل عام ويمكن أن يصل إلى 60%.
ما هو واقع معالجة النفايات والتخلص منها في مقاطعة Vorpommern- Mecklenburg:
تبلغ كمية النفايات المنزلية في مقاطعة Vorpommern- Mecklenburg بحدود 825000 طن في السنة. يفصل ويدّور منها بحدود 340000 طن والباقي يطمر. وبعد العام 2005 توجب منع طمر النفايات العضوية لأسباب بيئية واقتصادية حيث تم التخطيط لهذا قبل عشر سنوات تقريبا. وهذه مشكلة تعتبر كبيرة تشغل وزارة البيئة والجهاز البيئي في كل ألمانيا بما فيها القطاع الخاص المسؤول وعامة الشعب.
من المتوقع والمخطط له بناء ثلاث محارق باستطاعات مختلفة 50000 طن و100000 طن و 150000 طن وخمس محطات للمعالجة الميكانيكية البيولوجية في هذه المقاطعة.
باعتبار أن هذه المقاطعة هي منطقة زراعية في معظمها اعتمدت بشكل كبير عل تدوير النفايات حيث يوجد فيها المحطات التالية لتدوير المخلفات:
 50 منشأة لتصنيع الكومبوست من المواد العضوية المفصولة.
 5 منشآت لتوليد الغاز الحيوي والكومبوست من المواد العضوية.
 30 منشأة فرز للنفايات من الأماكن التجارية والمواد المفصولة من المنازل ومواد البناء.
 51 محطة تدوير.
 7 محطات لتوليد الطاقة من الخشب القديم.
 175 محطة لتحضير وفرز مواد البناء.
 44 منشأة للسيارات القديمة.
عدا عن ذلك يوجد للمخلفات التي توجب طمرها قبل العام 2005 أكثر من 13 محطة نقل و8 مطامر صحية ومحطة ميكانيكية بيولوجية.
الخبرات التي يمكن الاستفادة منها من تجربة مقاطعة Mecklenburg
الألمانية في إدارة المخلفات الصلبة
من خلال هذا العرض لا بد من الإشارة إلى إمكانية الاستفادة من هذه الخبرات في بلد مثل سورية الذي يبدأ الآن خطواته الأولى في مجال إدارة النفايات وهو يعاني من النقص الشديد في الخبرات والتكنولوجيا وطرق التمويل التي يجب أن يسلكها ليغطي تكاليف هذه الإدارة.
الخبرات التي يمكن أن يستفيد منها من التجربة الألمانية تتلخص فيما يلي:
 فرض الضرائب على منتج المخلفات حسب المصدر والتكاليف اللازمة للمعالجة.
 تحديد وتعريف أصحاب الخبرات والمسؤولية وإعطائهم الصلاحيات الكاملة.
 الاستعانة بالقوانين الأوروبية مثل الكتلوك الأوروبي للمخلفات، شروط مصانع السماد وجودة السماد وصلاحيته للاستخدام الخ ...
 لا بد من فتح الاستثمارات الخاصة والاعتماد على القطاع الخاص الذي نلاحظ غيابه في هذا المجال.
 الاعتماد على الخبرات الألمانية باعتبارها سباقة في هذا المجال وهذا ما يفتح مجالات كبيرة أمام المهندسين والعمال والمصانع في سورية.
 التصنيع المشترك بين الشركات الألمانية والسورية فيما يتعلق بآلات معالجة ونقل وجمع المخلفات بما يتناسب مع الوضع في سورية لان هذه الآلات حساسة جدا وتعتبر مرتفعة السعر، لذلك تحتاج لأيدي خبيرة .
 الاعتماد على الحلول التي يمكن للقطاع الخاص في سورية أن يقوم بالقسم الأكبر منها.
 تدريب العناصر القادرة على إدارة مشاريع المخلفات وهذا مهم جدا.
 العمل مع الجامعات ومراكز البحوث لنقل وتطبيق الحلول على الواقع السوري.
 يجب دعم القطاع الخاص والنهوض به اقتصاديا من خلال مساعدة وزارة البيئة ووزارة الاقتصاد السورية.
إن التخلص من النفايات في الكثير من الدول هو غير منظم بشكل جيد ويظهر هذا بشكل أوضح في الدول النامية.
وبالرغم من أن الدول الصناعية تعاني أيضا من مشاكل التخلص من نفاياتها، فإن التخلص من النفايات والتعامل معها هو أمر مهم جدا الآن بسبب الكميات الكبيرة وتنوع المخلفات والازدحام السكاني حيث يصعب حل هذه المشكلة في المدن الكبيرة.
لذلك لابد من الاهتمام بالنقاط التالية عند إدارة النفايات:
· ينجم عن المخلفات غير المعالجة صحيا مشاكل صحية بالإضافة إلى تلوث المياه السطحية والجوفية.
 في المناطق السكنية تكون الشروط الصحية غير كافية في أغلب الأحيان حيث أن المخلفات العضوية تؤمن وسط ملائم للحشرات ومسببات المرض وهذا ما يؤدي إلى انتشار الأمراض.

 تزايد استخدام مواد التغليف من النوع البلاستيكي والمعادن التي لا تتحلل في الطبيعة وتتجمع في حال عدم وجود أنظمة جمع نفايات في المناطق السكنية وفي المساحات الخضراء لتشوه نظافة المنطقة.
لحل هذه المشاكل بشكل فعال لا بد من تبني محطات كبيرة لمعالجة المخلفات والاستفادة منها والتي تهدف إلى تحسين وضع التخلص من المخلفات.
هناك أيضا خطوات إيجابية وتحسينات يمكن التوصل إليها من خلال الخطوات الهامة التالية:
 إدخال نظام الجمع في البلديات حيث يجب تنظيم عملية الجمع والنقل بشكل دوري منظم .إن حتمية وضرورة جمع المخلفات يجب أن يتم تنسيقها من قبل الأجهزة الحكومية ويجب أن يتم الجمع والنقل والتدوير وفق قواعد قانونية وتقنية حيث أن الطمر والحرق العشوائي يمكن منعها بالتدريج.
 إن عملية الجمع والنقل والمعالجة تحتاج إلى ميزانية والتي يتوجب على البلديات تأمينها من ضرائب النظافة التي تجمع من المواطنين أو من الدولة نفسها. و لا بد هنا من إشراك القطاع الخاص في هذه الإدارة فمن خلاله يمكن رفع فعالية التخلص من المخلفات وإدارتها ولكن يجب حمايته وتشجيعه ومراقبته أيضا.
ومما سبق نستنج أن جمع النفايات بشكل صحيح هو القاعدة الأساسية للمعالجة عالية الجودة ولتدوير النفايات حيث أن المواد العضوية يمكن تحويلها إلى أسمدة عضوية وفق قوانين خاصة تحدد درجة حرارة التعقيم ونسبة المعادن الثقيلة من خلال المراقبة المستمرة للكومبوست.
إن سورية الآن بحاجة إلى تحديث إدارة النفايات الصلبة، وذلك وفقا لزيادة إنتاج النفايات بالإضافة إلى تأثيرها المرتفع على الصحة والبيئة وهي تقوم الآن بدراسة تشمل كل محافظات القطر.
هل نستطيع في سورية الاستفادة من التجربة الألمانية في إدارة النفايات باعتبارها رائدة في هذا المجال عالميا وذلك بما يتناسب مع وضع النفايات في سورية وتركيبها وخصوصيات المناخ والعوامل المحلية أيضا، وخصوصا أن سورية تخطو الآن في هذا المجال خطوات جادة؟.
هل يمكننا الاعتماد على القدرات المحلية في تحقيق ذلك ؟
هل سيلعب القطاع الخاص دوره إلى جانب مؤسسات الدولة في عمليه إدارة المخلفات كما في الدول الأوروبية حيث تصبح جودة العمل هي عنوان التنافس بين الشركات وهذا هو سر التقدم التكنولوجي السريع في هذه البلدان؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية