الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سنة، بعد نصف قرن من الاستقلال

أسبوعية المشعل المغربية

2007 / 1 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


سنة، بعد نصف قرن من الاستقلال
نعيش خلال هذه الأيام على إيقاع الاحتفال بالذكرى الواحدة والخمسين لاستقلال بلدنا، يعني السنة الأولى بعد نصف قرن من الاستقلال، هذا النصف قرن الذي خلدناه السنة الماضية بكثير من الاحتفال أولا لرمزيته وثانيا للانجازات التي تحققت، كما يروج لذلك الإعلام الرسمي بخروجنا من عهد الحجر والحماية إلى عهد الحرية والاستقلال وإن كانت أجزاء من وطننا لازالت مستعمرة وخاضعة لسيادة دولة أخرى، دون أي رد فعل صارم لاسترجاعها.
المهم لنبتعد عن جراح الاستعمار، ونقترب كثيرا من عهد الاستقلال، لنتساءل ذلك السؤال الكلاسيكي ماذا تحقق؟ بالتأكيد سنكون جاحدين، إن قلنا لا شيء، لكن سنكون مبالغين أو بعيدين عن الحقيقة، إن قلنا كل شيء، ليظل الواقع والتاريخ خير شاهدين.
الواقع والتاريخ يجسدان مغربين متناقضين: مغرب عرف فيه البعض، كيف يستفيد من خيراته لينمي ثرواته الشخصية، ومغرب أفنى فيه البعض زهرة عمره ليبنيه بدمه وعرقه لينميه؛ الفئة الأولى استفادت وتحكمت، والفئة الثانية همشت وفرض عليها الخضوع لحكم الأولى.
وهنا تتوضح الصورة، طيلة نصف قرن والمغرب يعيش على إيقاع نوتتين، نوتة الطبقة الحاكمة تسيطر وتستغل وتراكم الثروات، ونوتة الطبقة المحكومة، خاضعة مقهورة وتراكم الإحباطات، وبين الطبقتين ثمة إفرازات، غنى إلى حد التخمة وفقر إلى حد الحكرة.
صحيح أن اللوحة الواقعية التي رسمناها تحكمت فيها آليات، فرضتها ظروف تاريخية معينة وأشخاص بعينهم انتعشوا بلحظات الأزمة وساهموا في تكريسها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح الآن ما العمل؟ بعدما اقتنع الجميع بأن ذاك زمان وهذا زمان، وللتوضيح أكثر، ذاك عهد قديم وهذا - كما يحلو للبعض أن يسميه - عهد جديد.
هل نعيد اقتسام الثروة، بعد أن نخضع الجميع للمساءلة تحت يافطة سؤال كثيرا ما تردد دون أي تفعيل من أين لك هذا؟ أم نطوي الصفحة على شاكلة تخريجة هيئة الإنصاف والمصالحة، ونعلن شعار: "عفا الله عما سلف؟"
كلا الحلين، يتطلب من أصحاب قرار العهد الجديد، استراتيجية محكمة وتخطيط معقلن، لأن جيل ما بعد خمسين سنة من الاستقلال ليس الجيل الذي قبله، لأن طرق تدبيره للحياة وتخطيطاته للمستقبل تختلف جذريا عن تخطيطات الجيل السابق؛ فإذا كان هذا الأخير قد تشبع بالإيديولوجيات والهموم السياسية، فالجيل الحالي مثقل بالهموم الاجتماعية وبالحلول الآنية، لذلك يجب استحضار البعد الاجتماعي ذو الحاجات السيكولوجية قبل فتح أي ورش آخر. فالمواطن الآن في حاجة إلى شغل قار وسكن كريم وخبز رحيم، وليس إلى تخطيطات متوسطة أو بعيدة المدى، فأهم تخطيط هو التدبير الآني الذي يضمن الأمن والاستقرار الاجتماعي، فبلادنا، أراد من أراد أو كره من كره، وصلت إلى درجة الاختناق، والمواطن البسيط فيها أصبح شبيها بالأسلاك الكهربائية العارية، مجرد أي احتكاك بسيط ممكن أن يطلق شرارته، لذلك وجب أولا وأخيرا الاهتمام بما هو اجتماعي، لأن مواطن اليوم أصبح معولما، لا يكاد يطيق الفوارق الصاروخية؛ فإذا فكر اليوم في الحريك أو في الانتحار، للهروب من واقع رفض أن يحميه، وهما قمتا الانعكاسات السلبية لانصهار الذات مع الموت، فمن الممكن غدا أن يدفع ذاته لتنصهر مع ذوات أخرى وتحرق الجميع.
لا ننكر أن البصمات الأولية الآن، تبصم على مشاريع مهمة، ستنعكس إيجابا على البلاد والعباد مستقبلا إن هي دبرت ضمن رؤية واضحة المعالم ومحددة المقاصد، لكن يجب أن نثبت البصمات الآن، لإطعام الجائع لأن نتائجها ملموسة عن قرب، حتى نتجنب أية غضبة قد تعصف لا قدر الله بكل التخطيطات المستقبلية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس: ما مبرّرات تكوين ائتلاف لمناهضة التعذيب؟


.. ليبيا: ما سبب إجلاء 119 طالب لجوء إلى إيطاليا؟ • فرانس 24




.. بريطانيا: ما حقيقة احتمال ترحيل مهاجرين جزائريين إلى رواندا؟


.. تونس: ما سبب توقيف شريفة الرياحي رئيسة جمعية -تونس أرض اللجو




.. هل استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي لفض اعتصامات الطلاب الداعمة