الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صالح المطلك ينوح على صروح الدكتاتور.

طلال شاكر

2007 / 1 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد إعدام الطاغية صدام ظهر صالح المطلق رئيس جبهة الحوار في قناة الجزيرة حزيناً، مكلوماً ، مبدياً الأسف والاحتجاج على الطريقة المهينة الذي اعدم بها صدام، ومستغرقاً في تفسيرات وتأويلات غايتها تخفيف حلكة السواد في صفحة صدام المخزية، وبالطبع لم يستطع تجنب شبح وعار الجرائم المشينة التي ارتكبها ( كلما مرعلى حكم واستبداد المأسوف عليه) ، لكنه كعادته، لجاً الى خلط الأوراق لصنع معادلة يتساوى فيها الحق في الباطل وتذوب فيها الدمعة في الضحكة، وهي الطريقة السائدة ألان في العقل ألأعرابي وهو في أوج نفاقه وتوتره ودفاعه عن قاتل تجرد عن كل معنى انساني في مواجهة خصومه وأزهق أرواح حتى ممن لم يعادوه اويعارضوا طريقته في الحكم، ومثالاً محزناً لاحصراً الأكراد الفيلية الذي نكبهم بدون أي حجة اومسوغ في مجازر منظمة دون أن تحظى تلك الجريمة النكراء بكشف ملابساتها وظروف ارتكابها ، وهذا تذكير فقط. في منطق المعوجين والتضليليين كالعادة، فعندما تذكر جرائم صدام تذكر منجزاته كحجة في وجه من ينتقده ويدينه، ويدور الكلام عن شخصية حضارية جردها أعداؤها من فضائلها، هذه الشخصية التاريخية التي حولت العراق من بلد متخلف الى بلد يعج بالعلماء وبلد متقدم بمقاييس المنظمات العالمية وبنى اقوي جيش في المنطقة وضرب اسرائل...، في هذا الاستطراد والتذكر يقف المطلك على إطلالة تلك الانجازات الضخمة على حد تعبيره من محو الأمية الى الانجازات العلمية والاقتصادية، حتى يجعل من الطاغية ، باني نهضة العراق الحديثة،وعلى هذا المنوال والتضليل يتنادى المثقفون والسياسيون والكثير من منتسبي الشعب العربي الى هذا الركب الصاخب الذي يردد هتافاته بطريقة أخرى، السيد صالح المطلك عضو مجلس النواب الذي لايقيم وزناً لعبر التاريخ ودروسه ولم يستخلص من التجربة الماضية رؤية عقلانية منصفة تدرك خطايا صدام ونظامه وتسمي الأشياء باسائمها، وكان مطلوباً منه ان يراعي دقة الموقف وخطورته وتجنب إلهاب الوضع المتفجر أصلا، بمفاهيم وحقن طائفية تضر العراق ومواطنيه، لاسيما هو يقود تكتلاً برلمانياً قومياً مهماً. في هذه اللحظة كنت أتساءل هل حقاً أن أولئك الذين يملكون الدراية السياسة والثقافة والمعرفة، غير مدركين لما فعله صدام وأي خراب خلفه! تأملت صالح المطلك وهو يتذكر (انجازات) صدام،وأنا أتساءل هل الأمر حتمياً أن تقوم النهضة أي نهضة إلا بمرافقة الدم والعذاب واستذلال الكرامة الإنسانية، لماذا يرى صالح المطلك وغيره من أعراب ثقافة الانحدار والتردي، تلك الانجازات من خلال مشروع قمعي بأدواته وفكره ومؤسساته، ولماذا يكتب علينا أن لا ننهض إلا بقيادة طاغية مستبد، وهل يعجز حاكم معتدل ونظام سياسي عقلاني من انجاز نهضة نظيفة أم أن النهضة التي يتذكرها صالح المطلك كانت بحاجة الى قرابين وضحايا ودموع وحروب وكأن الأمر لايستقيم الابظلم العراقيين وأهانتهم وترويعهم، فانجازات صدام وبعثه لا تقوم آلافي دائرة الفجيعة والخراب والدم..!، هل ماجرى ويجري للعراق والعراقيين كان حتمياً ، بالتأكيد كان من الممكن أن نتجنب كل المآسي وكل الكوارث أذا كان هنالك حاكماً يعي دوره ومسؤوليته ، لكن التمسك بإرث وثقافة الانفراد بالسلطة وفرض فكر الحزب الواحد وإلغاء الأخر والتدمير المنظم لكل تعددية في البلد، هي التي مهدت الطرق نحو بناء مشروع قمعي استناداً الى معطيات فكر وثقافة مختلة تلاقحت مع ارث قوماني متخلف في خطابه ورؤيته، فكنا أمام (خلطة فكرية ) مفجعة شوهت المفهوم القومي والوطني وأطاحت بكل ماهو انساني، وها نحن ندفع وسندفع ثمن تداعياتها عقوداً من التردي والانقسام والضغينة .، لم يترك لنا صدام أي ثقافة إنسانية ولم يبني مؤسسات تحترم الإنسان وأبقى شعبنا محاصراً في دائرة الخوف والرعب والجهل والضياع، وبدا الأمر في حقيقته بان صدام يحتاج الى شعب خانع وجبان وجاهل يحكمه ويسيره حسب أهواه ولابد من إخضاعه بمراسيم الويل والثبور، وهذا ماجرى، فالدكتاتور وكما عرفناه كان يستفزه ويثيره شعب يرفض الموت والخنوع كانت هذه الحقيقة المرة التي تناساها صالح المطلك وتناسى المطبلون وعربان ثقافة السلطان ذلك .. إن النهضة يادكتور صالح المطلك هي نهضة الكرامة والإنسان الحر وليس نهضة البنايات الشاهقة والكليات المنتشرة ، وهذه الصروح على أهميتها وعظمتها لا تصنع الإنسان وتبني وعيه وثقافته، اذا كانت بالضد من حريته واختياراته، فكل المؤسسات العلمية والثقافية تصبح، بمثابة معتقل وإقامة جبرية ،والوطن العزيز يصبح سجناً كبيراً يضيق بأبنائه إذا كانوا فيه غرباء وبلا أمان.. ، فقبل محو الأمية والقضاء عليها، يجب محو ذل الإنسان وفك عبوديته وقبل أن يعرف الحرف ينبغي معرفة حقوقه وعندها ستكون الطريقة سالكة لتعلم الحرف وكتابته والإبداع في خطه. أن غاية المعرفة والتطور هي جعل الإنسان حراً وهذه من بديهيات أي نهوض حضاري، ولا معنى لأي نهضة و أي تطور اذاكانت تصب في استرقاق الإنسان وظلمه وتشريده . هل كل ماجرى في بلادنا كان حتمياً وهل مافعله صدام اقتضته ضرورة المواجهة المصيرية ، مع أعداء العراق..! بكل المقاييس لا كان صدام ونظامه لايملكان مشروعاً تحضيرياً حقيقياً، وما فعلاه كان محكوماً عليه بالفشل، لغياب المعادلة الإنسانية والوطنية،في تلك الموازنة،فالمغامرات والحروب العبثية، التي دمرت العراق, في كل الحالات كانت تعبيراً فاقعاً عن نزوات طاغية مهووس لايقيم وزناً للمسؤولية ولا يمتلك حسها القانوني والأخلاقي،. أن أخطر مشروع تبناه نظام صدام لإخضاع المجتمع العراقي هو تحطيمه لقيم المواطنة باستبدال الهوية العراقية بالهوية البعثية من خلال تهشيم فكرة ومفهوم المواطن الحر، هذا المفهوم الذي نشأ نوعياً بعد ثورة 14 تموز1958 بعد عملية إلغاء النظام الشبه إقطاعي في الريف العراقي عبر قوانين الإصلاح الزراعي وقوانين العمل والضمان الاجتماعي وغيرها من الإجراءات التي حررت الإنسان العرقي البسيط من قيود كبلت حريته واختياراته، بيد أن مفهوم المواطن الحر لم يتطور نحو مفهوم سياسي قانوني يتيح للمواطن اختيار ممثليه عبر انتخابات حرة وبوجود مؤسسات دستورية ديمقراطية، وبقى مفهوماً ناقصاً لم يغتني ويتطور محتواه السياسي في ظل أنظمة عسكرية شبه دكتاتورية تعاقبت على حكم العراق وبخاصة فترة الأخوين عارف1963 – 1968 ومع ذلك بقى هنالك حيزاً مفتوحاً لحرية المواطن ،لوجود مسافة بين المواطن وسلطة الدولة التي لم تنه فكرة المواطن الحر لكنها همشتها . في 1968 جرت الممهدات السياسية والقمعية والقانونية والاقتصادية لإلغاء فكرة المواطنة من خلال استبدال الولاء الوطني بالولاء الحزبي ألبعثي ومن ثم الولاء للدكتاتور. لقد جرى تحطيم وتذويب روح المواطنة الحرة ومعانيها النبيلة في مفهوم قومي شوفيني عائم، بعد أن ألحقت مفهوم المواطن الحر بفكر وعقيدة الدولة الشمولية التي حولت المواطن العراقي الحر الى( قن بعثي) من خلال القوانين والإجراءات والتبعيث والإلحاق ألقسري الذي بدأ من المدرسة الى المحلة الى كل أجهزة الدولة وهذا مالا يتذكره صالح المطلك وهو السلوك الأشد خطورة في كل سلوك دولة البعث صدام، والتي تفرعت منها فكرة التحكم بأرواح العراقيين ومصائرهم في ممارسة غير مسبوقة في تاريخنا الحديث والمعاصر بحيث صار قدر الناس ومصيرهم بيد دولة شمولية مطلقة تقرر بأي وجهة تقوده دون اعتراض أو رأي ، وهذا ماجعل اكبر الانجازات الثقافية والعلمية لاتحمل أصالتها وبعدها وتأثيرها لأنها قامت على سحق فكرة المواطن الحر في كل الميادين والاتجاهات وهذه هي النقطة الجوهرية التي يتناسا من يدافع عن نظام صدام وانجازاته الشكلية، لقد سحق الإنسان العراقي بصورة منظمة وقاسية ولا معنى لصروح علمية وثقافية تقوم على فكرة إلغاء قيمة المواطنة الحرة والمواطنين الأحرار ولا معنى لوطن قوي وحر بدون مواطنين أحرار، لقد حطم نظام صدام القيمة الجوهرية لفكرة المواطنة الحرة التي هي عماد وركيزة لأي دولة عصرية ولأي نظام ديمقراطي ولأي وطن مصان، وما نراه من تمزق وضياع للهوية الوطنية العراقية ماهوالا حصيلة مباشرة لذلك المشروع الإجرامي الذي تبناه الدكتاتور صدام ونظامه وهذا مايحصده العراق ألان. لقد ترك نظام صدام أنساناً عراقياً مدمراً مشوشاً جاهلاً في أغلبيته، صاراً طعماً سهلا ًللنزعات الطائفية والتعصب والخرافات.... وهذا ما لم يذكره صالح المطلك..... في النهاية لم يخلف لنا الطاغية صدام نظاماً ديمقراطياً بمؤسساته وقوانينه، فخربناه، وإنسانا حراً استعبدناه ولم يترك لنا قيماً سياسية نبيلة تخلينا عنها..!. لقد ترك لنا تراثا ًسياسياً مشوهاً ونخب سياسية انتهازية وفقراً فكرياً في كل ميادين المعرفة ودكاترة وأساتذة وايات الله في الغش والكذب وخلط الأوراق وتشويه الحقائق تغص بهم قاعة البرلمان ومراكز الدولة و صالح المطلك منهم... أوغاد السياسة أحط من اوغاد الشوارع........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر