الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استراتيجية ترامب في الشرق الأوسط

الطاهر كردلاس

2025 / 2 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


مقال سياسي:
استراتيجية ترامب في الشرق الأوسط:
بقلم الطاهر كردلاس

إن الرؤية السياسية للرئيس الأمركي ترامب في الشرق الأوسط لا يمكن فصلها عن نهجه العام في السياسة الدولية ، الذي يتسم ببراغماتية مفرطة، فهي ترتكز بالأساس على المصالح الاقتصادية والعسكرية.. دون اكتراث بالقانون الدولي ، أو التوازنات الإقليمية.. فخلال ولايته الأولى ، عمل على إعادة تشكيل معادلات القوة في المنطقة، وهو ما يبدو في كل تصريحاته النارية المفاجئة للكثيرين والجريئة بدون لف ولا دوران..

1- دعم غير مشروط لإسرائيل: نحو شرق أوسط جديد؟
أظهر ترامب انحيازًا مطلقًا لإسرائيل.. بلغ ذروته في "صفقة القرن"، التي كان من أهدافها القصوى تصفية القضية الفلسطينية من خلال فرض الأمر الواقع. لكن الجديد في موقفه هو دعمه العلني لسياسات التهجير القسري . والتي كانت تُطرح سابقًا بشكل غير رسمي أو على استحياء ومن وراء الكواليس..

فلماذا يدعم ترامب تهجير الفلسطينيين؟
هناك عدة احتمالات منها
** ترسيخ الهيمنة الإسرائيلية:
إن إخراج الفلسطينيين من المعادلة الديموغرافية هو خطوة نحو تحقيق "إسرائيل الكبرى"، بما يتجاوز حدود 1967 والتي يسميها بعض السياسيين والمفكرين العرب "بالنكسة"

** إرضاء اللوبي الصهيوني:
حيث شكل دعم إسرائيل ركنًا أساسيًا في حملته الانتخابية السابقة خصوصا المسيحيون الصهاينة في المتواجدون بقوة في الدولة العميقة بالولايات المتحدة.

** مشروع الشرق الأوسط الجديد:
إعادة تشكيل المنطقة بحيث تصبح إسرائيل القوة العظمى الوحيدة .. مع تحييد أي تهديد عربي محتمل.

2. إعادة تعريف مصطلح التحالفات العربية: فالتطبيع مقابل البقاء على المصالح المتبادلة على جميع الأصعدة هو عنوان المرحلة...
لذا عمل ترامب على قلب المعادلة التقليدية في الشرق الأوسط.. حيث لم يعد الدعم الأمريكي للدول العربية مشروطًا بالحفاظ على الاستقرار.. بل أصبح مرتبطًا بمدى استعداد هذه الدول للدخول في تحالف مباشر مع إسرائيل. وقد تمثل ذلك بوضوح في اتفاقيات "أبراهام"، التي فتحت الباب لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، خاصة الخليجية.

لكن السؤال المحوري والذي يطغى الآن على كل صفحات الإعلام العربي والدولي :

هل يمكن أن يقبل العرب بتهجير الفلسطينيين؟

**مصر**
رفضت رسميًا أي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.. إذ تدرك أن ذلك قد يشكل تهديدًا للأمن القومي المصري. كما أنه قد يُشعل اضطرابات داخلية.

**الأردن**
تعتبر عمّان أن أي تهجير للفلسطينيين يشكل خطرًا وجوديًا. وقد يعيد إحياء مشروع "الوطن البديل"، الذي لطالما رفضته رفضا قاطعا.

** الخليج**
رغم التوجهات التطبيعية لبعض الأنظمة ، فإن فكرة دعم تهجير الفلسطينيين تظل حساسة إلى حد بعيد. لأنها قد تؤجج الرأي العام العربي والإسلامي.

3. الاقتصاد كأداة للهيمنة: هل غزة أصبحت سلعة قابلة للبيع؟

يعتمد ترامب على "الدبلوماسية الاقتصادية" كوسيلة لفرض سياساته.. حيث يرى أن الحلول تكمن في المال . وليس في الاعتبارات التاريخية أو الحقوقية. في هذا السياق ، جاءت فكرة تحويل غزة إلى منطقة اقتصادية مزدهرة.. مقابل تهجير سكانهاإلى مجموعة من الدول المقترحة وذلك في أسرع وقت ممكن. !!!

لكن هذه الفكرة تنطوي على مغالطات خطيرة. فالفلسطينيون لا يناضلون فقط من أجل تحسين ظروفهم المعيشية. بل من أجل حقهم في الوجود على أرضهم المغتصبة ويحملون نعوشهم على أكتافهم كما قال سميح القاسم الشاعر الفلسطيني.. وكما غناها مارسيل خليفة ورددها معه الآلاف من الشباب العربي في حقبة الثمانينات والتسعينات..
(منتصب القامة أمشي** مرفوع الهامة أمشي)

إن تحويل القضية الفلسطينية إلى "مشروع استثماري" يُختزل في عقارات فاخرة وسياحة بحرية "ريفييرا" يعكس سطحية الفهم الأمريكي لطبيعة الصراع..

ختامًا: هل يمكن أن تنجح خطة ترامب؟
قد تبدو خطة تهجير الفلسطينيين جريئة.. لكنها ليست بالسهولة التي يتخيلها ترامب وحواشيه ومريديه من المؤيدين في أعلى هرم السلطة السياسية، سواء في أمريكا او إسرائيل.. فالمقاومة الفلسطينية تمثل الرفض الفلسطيني/العربي لكل القرارات المجحفة في حق الشعب الفلسطيني الذي عانى الويلات والمآسي منذ ما يقرب من ثمانين عاما. كما أن التوازنات الدولية، وحتى الحسابات الداخلية في واشنطن، كلها عوامل تجعل تنفيذ هذا المخطط أكثر تعقيدًا وصعوبة مما يبدو في الظاهر

لكن الخطر الحقيقي ليس في نجاح أو فشل هذه الخطة، بل في محاولة فرضها كأمر واقع أي اللجوء إلى القوة وإشعال المنطقة حتى نغدو جحيما، مما قد يفتح الباب لموجة جديدة من الصراعات والتوترات.. ويؤدي إلى مزيد من زعزعة استقرار المنطقة ، التي لم تتعافَ بعد من آثار الحروب والتدخلات الخارجية والتي أشعلت المنطقة وجعلتها على صفيح ساخن أشد ما تكون السخونة..

فإذا كان ترامب يظن أن المال والصفقات يمكن أن تحل كل شيء ، فإنه ينسى أن هناك قضايا لا تُشترى ولا تُباع.. وعلى رأسها حق الشعوب وخصوصا الشعب الفلسطيني في العيش بكرامة في أرضها والتشبت بذلك حتى النخاع ...
اكادير المغرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة البحث عن المفقودين في سوريا | سوريا لوين؟


.. ترامب في الخليج: -صفقات خيالية-.. تريليونات الدولارات في أرب




.. قلق أممي بالغ إزاء اشتباكات عنيفة بين مجموعات مسلحة في ليبيا


.. وفد روسي وأوكراني على نفس الطاولة.. مفاوضات مباشرة للمرة الأ




.. استثمار استثنائي بين الإمارات وأميركا يرسم مستقبل الذكاء الا