الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عليّ أن أعترف

نداء يونس

2025 / 2 / 20
الادب والفن


ما زلتُ أتعلم الأشياء بأقسى الطرق الممكنة.
كنتُ أرغب في الكتابة عن أشياء كبرى:
- الوطن، السيرك، المزرعة،
- سحب الحقول المعرفية كما تُسحب أكياس الحبوب،
وإطعامها لدابّة ألفية
لا تعرف شيئًا سوى سوى المعرفة التي تأتي بها السماء:
بيضاء، مقلمة الأظافر، ببشرة صافية إلى الصحراء،
كأنها محاولة لتطبيع النموذج مع التجربة.
- القهر،
يرتدي قفازات حريرية،
يمسك مشرطًا،
ويتدرّب على الأجساد دون تخدير،
دون تنبيه،
دون عوازل
كأنه في محاكمة علنية.
- الفوضى،
تسحبنا كما تُسحب الأجولة، كما تُسحب المراسي،
دون أن تهتم بالخدوش،
بالتعقيم،
بإغلاق الأبواب،
بإغلاق المجاري التنفسية،
حيث كل شيء ينهار نحو العبث.
- حدة المزاج،
وعدم القدرة على تبريرها.
- العنف،
وتحوُّلهُ لازمة كالتأتأة،
كندوب الحريق وأشباهه وملحقاته،
والمطرقة الجاهزة ...
- النزق،
يخرج مثل البصاق مع الكلام،
حيث يتم ترويض كل شيء،
حتى الغضب.
- الصراخ،
وتحوُّلهُ هوية،
صورة،
كما لو أن الجسد يُعيد تعريف نفسه
بالعنف المُنعكس عليه،
ويبتلع ذاته.
- انحرافات الإيمان،
التي لا يفهمها المطيعون،
الذين ابتلعوا الماء المالح بصمت،
- تحوّل الخضوع إلى روتين
لا يحتاج إلى تبريرK
والمحو بقرار إداري.
- جفاف الأنهار والوجوه والجلد ليس نتيجة للاحتباس الحراري
بل لاحتراق جلود الفلاحين تحت الشمس
- دور الثيران المغطاة الأعين في دفع السواقي،
وعلاقة بنى الإنتاج بالعبودية،
وأشكال الاستغلال المقنّعة،
- ما بعد الحداثة،
والسياسات البيو-حيوية>
- الأشباح،
التي تعمل ظلاً،
- السلطة،
وعملها الدائم على إنتاج الأعداء
حتى لو لم يكونوا موجودين.
- الجسد،
والسيطرة عليه،
وفق سياسات لا يراها أحد
إلا حين يفشل النظام في إخفائها،
- حل الصراعات بالأزمة.
لكنني مشغولة،
بتنظيف ماسورة بندقية،
أطلقت النار على صورتك،
ببقايا الطلاء المقشر،
وخدش بسيط في الحائط،
وبشكوى القبيلة العالمية
من الدخان، والصوت، والقلق
الذي يسببه كسر صغير في الإطار
على الصحة النفسية
لكلب العائلة المقدسة.
أحاول أن أرتب الأولويات إذن:
كلب خائف.
تنظيف المكان.
فتح النوافذ للتهوية.
إغلاق الأبواب كي لا يدخل الجب والغضب مرة أخرى.
الطلاء وإصلاحه.
ثم القضايا التي يمكنني حشرها في نص قصير،
دون أن أجرؤ على تفكيكها،
مثل استعارات جيل دولوز عن الترحال والمعرفة غير الثابتة،
وأسئلة هايدغر:
هل نحن من يسكن الأرض،
أم أننا مجرد أثر مؤقت في مساحاتها المفتوحة؟
والتشريح العلني كأداة لإنتاج الخضوع كما قال فوكو،
وتمزيق الهوية وإعادة تشكيلها بما يناسب الهيمنة كما يرى إدوارد سعيد،
ومفاهيم نيتشه حول انهيار الأشياء نحو عبثيتها الخاصة،
عجز سيوران عن تبرير يأسه،
عجز كافكا عن تبرير تحوّل الإنسان إلى حشرة،
أو لماذا صار القلق هويةً أكثر وضوحًا من أي جواز سفر.
وإلتقاطة فرانز فانون:
"في لحظة ما،
يصبح العنف الوسيلة الوحيدة
لإثبات الوجود".
أو فهم بنيامين أن كل نظام،
حتى وهو يدّعي السلم،
يحتفظ في جوهره بمطرقة العنف جاهزة.
و"العقلانية الأداتية" لأدورنو،
حيث يتم ترويض كل شيء،
حتى الغضب،
حتى التمرد،
حتى الجنون،
ليصبح مجرد تصنيف آخر في كتالوج السلطة.
والصورة وابتلاعها للواقع كما قال بودريار،
و"المنفى" الذي "ليس فقدان المكان،
بل فقدان القدرة على العودة إليه" كما قال سعيد.
وابتلاع “الإنسان المطيع" عند حنة أرندت
أوامر الجريمة الجماعية،
وتحوّل الخضوع إلى روتين
لا يحتاج إلى تبرير.
و"الحياة المجردة" لجورجيو أغامبين
حيث يصبح الإنسان مُعرّضًا
للمحو بقرار إداري بارد.
وطيف ماركس الذي كتب عنه دريدا،
وكيف فهمت ناعومي كلاين استغلال الكوارث،
أي تجول الطارئ إلى العادي،
وكيف يُعاد تشكيلنا تحت ذريعة
الأزمة،
دون أن أتمكن طبعًا من تجنب الأسئلة
حول جدوى الكتابة
بينما أطلاق الرصاص على صورتك
بينما أولوياتي
تجنب كلب آخر،
لا يفقه شيئًا،
رغم ذهابه إلى مدرسة خاصة،
رغم أنه تعلم الإنجليزية بطلاقة،
رغم تكراره تنظيرات لطيفة من فوق منصة زجاجية
حول الديمقراطية والعدالة.
علي أن أعترف،
كل هذا التفاف على ما أردت قوله مباشرة،
يكسرني الوقوف في المنتصف،
كما يكسرني غيابك،
وحيث لا أحد يهتم بتنظيف المكان،
أو فتح النوافذ للتهوية،
أو ترميم الخدوش في جسدي،
أو ترميم الطلاء،
أو - على الأقل،
إيقاف النباح الذي صار لغة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعمير - الأستاذ محمد السعيد: مدينة الفنون والثقافة الجنوبية


.. تعمير - الأستاذ محمد السعيد يوضح تفاصيل مسارح الأوبرا بـ مدي




.. تعمير - المهندس خالد عباس: بدأنا نعمل الدعاية والأفلام الترو


.. تعمير - المهندس خالد عباس يوضح تفاصيل مسرح الأوبرا بـ مدينة




.. تعمير - المهندس خالد عباس: مدينة الفنون والثقافة إنتهت في 4