الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على باب االجنّة

احسان طالب

2007 / 1 / 14
الادب والفن


وقف أحمد بن حسن بن فاطمة بين الجموع الغفيرة تعلو وجهه الابتسامة و تغمر الغبطة قلبه . لقد أمسك كتابه بيمينه منتظرا خلف سلسلة طويلة من البشر ليصل إلى باب الجنة و يلج بعد ذلك نحو نعيم لم تره عين و لم تسمع به أذن و ما خطر على بال بشر . لم يدر أحمد كم وقف من الوقت هل هي ساعات أم أيام بل شهور انه في الحقيقة لا يدري. لكنه في النهاية وصل بحماس ونشاط . قدم كتابه للملاك الواقف على باب الجنة فتلقفه الأخير بالبشر وبدأ يتصفح الكتاب ثم طواه وأعاده إليه وتوجه نحوه قائلا ً :
لديك مشكلة بسيطة ينبغي عليك مراجعة قسم المحاسبة لا تهتم كثيرا ً الأمور ستحل بسرعة .
رغم تفاؤله الشديد أحس أحمد بالشكوك تساوره حيال تلك المراجعة و المشكلة البسيطة ، بعد طول مسير تحت شمس حارقة وصل إلى المكان المطلوب و أدلى بكتابه نحو الملاك المسؤول .
بلهفة شديدة وخوف سأله ما المشكلة يا سيدي ؟
تصفح الملك الكتاب و قال له : إنها فعلا مشكلة بسيطة , لقد سبق و استدنت مبلغا نقديا من فلان بن فلان بن فلانة، و لم ترده له و المفروض أن تعود إليه و تسوي الأمر بينك و بينه ، فتساءل أحمد بدهشة و استغراب : و كيف لي أن أجد فلان بن فلان بن فلانة ؟ ! لقد تذكرته جيدا كان من أثرياء الحي . فقال الملك اذهب إلى باب رقم واحد من أبواب النار و ستجده هناك في الانتظار .
و ضع أحمد كتابه فوق رأسه عله يتقي شيئا من القيظ و الحر ، وبعد مسير طويل و عدة استفسارات وصل إلى المكان المطلوب و هاله كم الزحام و الأجساد المتراكمة حول الباب ، اندس بين الجموع و هو ينادي يا فلان بن فلان بن فلانة ، و يكرر نداءه بدون انقطاع , و بعد مدة رد عليه صوت خافت منهك ضعيف مرتعد : من الذي يناديني ألا يكفيني همي ، أما زال الآخرون يسألونني العون أو الدين ، أنت أنت يا أحمد تتبعني إلى هنا أرجوك ابتعد عني
فقال أحمد :انتظر يا عزيزي هناك مشكلة بسيطة لا يحلها أحد سواك
- ماذا تريد لقد سئمت منك ومن أمثالك في الدنيا
- قال أحمد هل تذكر أنك في الحياة الدنيا قدمت إلي قرضا قيمته خمسون ليرة اضطررت إليها من أجل شراء أدوية لأمي المريضة
- - نعم اذكر و لم تردها لي
- صدقني يا فلان أنني لم أتوفر على فائض بقيمة خمسين ليرة طيلة حياتي لأردها إليك ، و أرجو منك التكرم بالذهاب معي إلى قسم المحاسبة لتسوية الأمر. تردد فلان كثيرا قبل الاستجابة لطلب أحمد لكنه و نظرا لما يتوقعه من جحيم و يؤس قرر أن يقوم بآخر عمل خير قبل نهايته المأساوية .
وقف الاثنان في قسم المحاسبة فتوجه الملك نحو فلان بن فلان وقال له : إن لك بذمة ذاك الرجل ديناً هل تود استرجاعه ؟
فأجاب فلان : نعم .. نعم .. نعم .. بكل تأكيد .
فأسرع أحمد بالقول : ومن أين لي أن آتي لك بمال حيث لا درهم ولا دينار .
وبعد جدال طويل تدخل الملك لفض المسألة قائلا ً :
إنها قصة بسيطة جدا ، ً يمكنك يا أحمد سداد دينك لفلان من حسناتك ، وإذا رغبتما فقد ما لي كتابكما وسأسوى المسألة.
لم يمض وقت طويل حتى عاد كل من أحمد وفلان لاستلام كتابيهما ، وانطلقا في اتجاهين متعاكسين .
وصل أحمد إلى باب الجنة وقدم كتابه للملاك المسؤول فاستلمه منه وأعاد مراجعته ثم طوى صفحاته ونظر نحو احمد بأسف وأسى
ـ أعتذر منك يا صديقي لا يمكنك الدخول هنا .
تجمد الدم في عروق أحمد ! ماذا تقول يا رجل كتابي سليم مئة في المئة وحسناتي تؤهلني للدخول عندكم . فرد عليه الملك : كان ذلك قبل تسوية مشكلتك مع فلان ، على أية حال لا تأخذ الموضوع بانفعال .. عد إلى باب النار وتكلم معهم هناك ستجد أن المسألة أبسط مما تظن .
جر أحمد قدميه قاطعا ً الطريق الطويل ثانية وهو يتمسك بحبل الأمل ويتعشم بحل أو فرج .
نظر في عيني ملك النار وقال له : هل لك يا عزيزي أن تخبرني كم المدة التي سأمكث فيها لديكم ؟
فأجابه الملاك : لا تحزن يا أحمد أنت رجل طيب وسأختار لك مكانا ً أقل حرارة وقيظا ً ، أنت رجل طيب وكلها بضعة أيام . بضعة أيام فقط بشرك الله بالخير .
فأجابه الملك : نعم هي بضعة أيام ولكني لا اعرف حقيقة تلك الأيام فاليوم هنا ليس كأيامكم هناك ، قد يكون اليوم سنة أو خمسين سنة أو ألف وفي بعض الحالات قد يصل أي منها إلى الخمسين ألف سنة لكنك ستخرج في النهاية . بالمناسبة يا أحمد هل تعرف بأن فلان بن فلان استطاع النجاة بالحسنات التي أخذها منك ، تفضل بالدخول ألقاك بعد سنوات .
احسان طالب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا