الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحاسيس

للاإيمان الشباني

2025 / 2 / 25
الادب والفن


الأحاسيس



الأحاسيس هي نبض الروح وصوت القلب الخفي، تتسلل إلى كيان الإنسان دون استئذان، تفرض وجودها بقوة لا يمكن مقاومتها أو إنكارها. إنها ليست شيئًا نصنعه بأيدينا أو نخطط له بعقولنا، بل هي فيض داخلي يخرج من أعماقنا، يعبر عن حقيقة ما نمر به في لحظة من الزمن، سواء كانت فرحًا يغمر القلب، أو حزنًا يثقل الروح، أو خوفًا يتسلل في زوايا النفس، أو حبًا يسكن الوجدان. هذه الأحاسيس تأتي كهمسات خفيفة، أو عواصف هادرة، لكنها دائمًا صادقة في ترجمة ما نحمله في دواخلنا، حتى وإن حاولنا إخفاءها أو التظاهر بغيرها، فهي في النهاية تجد طريقها للظهور، عبر ملامح وجوهنا، أو نبرة أصواتنا، أو حتى في صمتنا الذي قد يكون أبلغ تعبير عن الألم أو الشوق أو الراحة، قد يظن البعض أن القوة تكمن في التحكم بالأحاسيس، لكن الحقيقة أن الإنسان لا يملك زمامها، فهي تتولد من تجاربه، وذكرياته، ومواقفه المختلفة. قد تتذكر لحظة فرح فتغمر السعادة قلبك دون سابق إنذار، أو تمر من مكان يعيدك إلى ماضٍ حزين فتغرق في موجة من الألم، وقد ترى شخصًا يوقظ فيك مشاعر لم تكن تعلم بوجودها. هذه التفاعلات العفوية تجعل الإنسان كائنًا حيًا نابضًا، متصلًا بذاته وبالآخرين من حوله. الأحاسيس تحمل في طياتها رسائل مهمة، فهي تحذرنا أحيانًا من خطر، وتدفعنا في أحيان أخرى نحو حب أو تعلق أو حلم. من خلالها نتعلم الكثير عن أنفسنا وعن الحياة، إذ كيف سنعرف قيمة السعادة دون أن نشعر بالحزن؟ وكيف سنحس بالدفء دون أن نتذوق برودة الوحدة؟
ما يجعل الأحاسيس أكثر عمقًا أنها لا تخضع للمنطق أو القوانين، فقد تحب من لا يجب أن تحب، أو تخاف من شيء لا يستدعي الخوف، أو تشتاق إلى لحظات مضت ولا سبيل لعودتها. هي عالم داخلي يعكس ثراء الإنسان وتعقيده، حيث تمتزج المشاعر وتتداخل، في لحظة قد تضحك والدموع في عينيك، أو تبتسم وأنت تحمل في قلبك غصة، أو تلوذ بالصمت هروبًا من ضجيج الأحاسيس المتدفقة. إن ترجمة الأحاسيس ليست دائمًا بالكلمات، فقد تبوح نظرة بما لا تستطيع آلاف الحروف قوله، وقد يحمل العناق بين الأصدقاء أو الأحبة دفئًا لا يمنحه الكلام. وفي أحيان كثيرة، تكون الصمت هو اللغة الأكثر صدقًا عندما تعجز الحروف عن مواكبة زخم المشاعر،
في خضم الحياة، قد نحاول أن نكبت أحاسيسنا خوفًا من الألم أو الضعف، لكن الأحاسيس المكبوتة لا تموت، بل تتراكم حتى تجد لها مخرجًا في لحظة ضعف أو في انفعال غير مبرر. لذلك، من الحكمة أن نصغي لقلوبنا، أن نفهم رسائل أحاسيسنا بدل أن نهرب منها. الأحاسيس هي التي تمنح للحياة معناها، وتجعل لكل لحظة قيمتها، فهي التي تلوّن أيامنا بمختلف الألوان...
الفرح، الحزن، الحب، الغضب، كلها ضرورية لتكتمل لوحة الحياة، ولا معنى للسعادة الدائمة دون فترات من الألم تذكّرنا بقيمة اللحظات الجميلة، فهي الأحاسيس دليل إنسانيتنا، ونحن كبشر خُلقنا لنشعر، لنتفاعل، لنتألم ونفرح، لنحب ونتعلق، لنعيش التجربة بكامل تفاصيلها، بأحزانها وأفراحها. إن الإنصات لأحاسيسنا وفهمها هو جزء من فهمنا لأنفسنا، وهو ما يجعلنا أكثر تعاطفًا مع الآخرين وأكثر وعيًا بإنسانيتنا المشتركة، فالأحاسيس هي لغة القلوب التي لا تحتاج إلى ترجمة، فقط تحتاج إلى قلب يصغي وروح تحتضن ذلك الشعور العابر أو المقيم.
استشارية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة الصينية -غاو ليو- يتحول أنفها للون الأسود بعد سنوات


.. من حبه للحضارة الفرعونية.. درسها! الفنان محمد خميس مع منى ال




.. فضل شاكر .. نقابة الفنانين السوريين تمنح -عضوية الشرف- للفنا


.. انضرب بحب الحضارة الفرعونية!.. سر نجاح فيديوهات الفنان محمد




.. فضل شاكر .. نقابة الفنانين السوريين تمنح -عضوية الشرف- للفنا