الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا ..الذهاب إلى الانتحار

حبيب هنا

2007 / 1 / 15
الارهاب, الحرب والسلام




إن جنون العظمة الذي أدخل أمريكا في مصحة تحدي العقل الدولي والتفرد في القرار مهما كان منحازاً وجامحاً، يبدو للوهلة الأولى ، بعيد بأقصى المسافات الضوئية عما يحدث على مختلف الصعد ، ليس فقط بسبب التطور التكنولوجي السريع والمتلاحق والذي سبقت غيرها فيه من الدول المتطورة ، بل لأنها أيضا ، قامت كدولة على أبشع جرائم القتل والإبادة الجماعية التي تعرض لها سكان أمريكا الأصليين على أيدي الأوروبيين الذين غدو اليوم أصحاب القرار والمصلحة في تعريض السلم العالمي (إن وجد )إلى اشد أنواع الخطر ؛ ناهيك عن تكدس ترسانة من الجيل القديم من الأسلحة التي لم تتعرف عليها البشرية سوى من خلال الحروب التي شنتها أمريكا على بعض المناطق والبدء في إنتاج جيل جديد أكثر فتكاً ودماراً قادراً على مواكبة سرعة التطور واحتياجاتها .
فالفشل الذي منيت به إدارة بوش في العراق وأفغانستان والذي جاء بالديمقراطيين إلى الكونغرس ،لم يكن كافياً ًلدق ناقوس الخطر على مجمل الأوضاع الداخلية الأمريكية بما فيها من ركود اقتصادي وزيادة في الأعباء الضريبية ومصادرة الحريات الديمقراطية تحت شعار مكافحة ما يسمى بالإرهاب ، فضلاً عن تبوء مجموعة من الأسئلة مكان الصدارة وفي مقدمتها :إلى أين تريد أمريكا الوصول بالعالم ؟ وما هي الخطط الإستراتيجية التي تطالعنا بها كلما فشلت في موقع ؟ وما هو مصير تقرير وتوصيات لجنة بيكر بشأن العراق ؟ هذه الأسئلة والكثير غيرها تدفع القارئ إلى التساؤل: ماذا يريد الكاتب من وراء هذا الموضوع ؟.
للإجابة على هذا السؤال ، لا بد ، في البدء ، من الإشارة إلى أن التساؤلات وحدها لا تكفي لإيقاف هذا الجنون الذي بات على نحو ما يهدد العالم في كثير من المواقع كان آخرها حديثاً ، قصف مواقع عائدة إلى المحاكم الإسلامية في الصومال أودت بحياة العشرات من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى سكناهم في موقع حيوي قريب من سواحل المحيط الذي يشكل ممر لحاملات الطائرات الأمريكية المتجهة نحو مياه الخليج ، تحت حجة أن هذه المواقع يتمركز فيها بعض عناصر القاعدة الذين عملوا على تفجيرات السفارات الأمريكية في القرن الأفريقي، الأمر الذي أجبر القوات الأمريكية على الرحيل آنذاك دون تحقيق طموحاتها في السيطرة على هذه المنطقة في العالم، نظراً لأهميتها الإستراتيجية في تسهيل الممرات الملاحية بغية السيطرة على أفريقيا من خلال العمل مع بعض الدول المرتبطة بها بشكل أو بآخر حتى تتمكن من نهب خيرات القارة الأفريقية الغنية.
ولأن ظاهر الأمور غير المبطن ، تحاول الإدارة الأمريكية، من خلال أبواقها الإعلامية ومحلليها السياسيين تسليط الأضواء على القارة الأفريقية بغية إبعاد الأهداف الحقيقية عن دائرة الضوء حتى تتمكن من تحقيقها بأقل الخسائر معتمدة على عامل المفاجأة ما أمكن، الأمر الذي يفسر استهجان دول أوروبا لقصف هذه المواقع وهي التي لم يسبق لها أن خرجت عن التأييد لأمريكا إلا بالقدر الذي ترضى عنه الأخيرة أو يخدم مصالح الأوروبيين حتى يتمكنوا من الظهور بمظهر المستقل عن التبعية الأمريكية .
وأغلب الظن، ونحن إزاء هذا التحليل الذي تختفي خلف بواعثه الأهداف الحقيقية لقصف هذه المواقع، وحتى لا يقال أننا ذهبنا بعيداً في قراءة المستقبل لدرجة لم نعد نرى فيها ما يمكن أن يحدث فاختلط علينا الأمر وبتنا عاجزين عن الوصول إلى أبعد من معرفة ما يدور كل يوم بيومه، ولكن يكفي أن نسلط الأضواء على ما تدعيه أمريكا حتى نتمكن من الوصول ما نهدف إليه ، وهي أنها تعرضت لأعمال إرهابية قبل وبعد إعلان الحرب على الإرهاب بما في ذلك التعرض إلى أحد القطع البحرية الأمريكية قبالة سواحل ميناء عدن إبان حربها على العراق التي ما زالت مستمرة حتى الآن دون تحقيق الحد الأدنى من الأهداف.
وعليه ، أرى أن هذه الضربات تأتي قبل بدء مرحلة جديدة في مواجهة إيران، الهدف منها تأمين خط سير الإمدادات إلى الخليج العربي دون التعرض إلى ما يمكن أن يشكل عقبة أمام تواصلها بشكل منتظم، لاسيما وان المعركة مع إيران مختلفة جد الاختلاف عنه مع العراق من حيث الإمكانيات العسكرية والقوى البشرية والتفاف الجماهير حول القيادات الدينية التي ترى في عدائها لأمريكا ما يبرره ، وبالتالي من غير المستبعد في حال اندلاع أي حرب أن تصبح مياه الخليج حقل من الألغام من الصعوبة بمكان دخوله دون دفع الثمن، الأمر الذي يعزز ضرورات توفير حماية لطرق الإمداد بحراً دون تعرضها للخطر في حال اندلاع الحرب، علماً بأن كل المؤشرات تؤكد وقوف أوروبا إلى جانب أمريكا في منع امتلاك إيران للطاقة النووية ، ومع ذلك ، سارعت بعض الدول الأوروبية إلى إدانة العمليات العسكرية الأمريكية في الصومال باستثناء بريطانيا، طبعاً، بقصد ذر الرماد في العيون أو بدونها، فالنتيجة واحدة، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن هذه الدول تنتمي إلى نفس المعسكر الذي يسعى جاهداً على بقاء سيطرته على مقدرات الشعوب ، رغم التفاوت في وسائل السيطرة والاختلاف، أحيانا ، في بعض المواقف.
وغني عن البيان أن أثيوبيا التي صمتت دهراً ونطقت كفراً ، لم تتجرأ على مهاجمة قوات المحاكم الإسلامية دون الدعم الأمريكي المسبق بما في ذلك عدم احتجاج الدول العربية على أي تصعيد قد تحتاجه سير المعارك إن هي تطورت، في وقت أعلنت فيه تأييدها الفوري لحرب أثيوبيا، بل وابعد من ذلك ، تناقلت الصحف والأنباء( وهذا الأمر غير مستبعد) عن تزويد أمريكا القوات الأثيوبية بالصور للعديد من المواقع التي تتواجد فيها قوات المحاكم الإسلامية قبل وأثناء مهاجمتها حتى تتمكن من إلحاق أفدح الأضرار بها منذ اللحظات الأولى، فضلاً عن قيام حاملات الطائرات الأمريكية بالرسو قبالة سواحل الصومال ومهاجمة المواقع التي أعلن عن وجود بعض قيادات القاعدة فيها، ثم إعادة الكرة مرة أخرى في اليوم التالي حتى لا تتمكن قوات المحاكم الإسلامية من تنظيم صفوفها واستعادة زمام المبادرة والبدء في حرب عصابية من الصعب التنبؤ بنتائجها سلفاً.
كل هذه الحيثيات لم تأت من فراغ بقدر ما هي إشارات للمرحة المقبلة التي نرى فيها تمهيداً للعدوان على إيران نزولاً عند رغبة إسرائيل بعدم السماح لها بامتلاك التقنية النووية مهما كان الثمن . على أن الأشهر القليلة القادمة ستؤكد ما وصلنا إليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجندي الأمريكي موريس مورفنت: انتماؤه الى -كاجان-، مكنه من أ


.. مرشحو الانتخابات الإيرانية: من يصل إلى قوائم الإقتراع؟




.. جنوب أفريقيا: ملف ملكية الأراضي الزراعية يلغم نتائج الانتخاب


.. خامنئي: من قام بعملية {طوفان الأقصى} أفشل المخطط الكبير للشر




.. حماس تنظر بإيجابية إلى مقترح بايدن لوقف إطلاق النار في غزة