الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المالية الإسرائيلية..فضائح كبرى وحامي الخزينة-حراميها!

سالم جبران

2007 / 1 / 14
الادارة و الاقتصاد


مثل قنبلة "عنقودية"، انفجرت قنبلة الفضائح المالية التي اكتشفتها الشرطة مؤخراً، في وجه رئيس حكومة إسرائيل إهود أولمرت ووزير ماليته أبراهام هرشزون.
وقد زاد الفضيحة عنفاً وخطورة وإمكانية واقعية للإسقاطات السياسية أن مديرة مكتب أولمرت شولا زاكين وشقيقها جاكي ماتسا بين كبار المتهمين. السيدة زاكين ترافق أولمرت منذ 1973. فأصبحت سكرتيرته عندما انتخب عضواً في الكنيست (البرلمان) ومنذ ذلك الوقت وهي سكرتيرته المقربة جداً، عملت معه كعضو كنيست، وكوزير للصحة وكرئيس لبلدية القدس وكوزير للمالية، ونائب رئيس الحكومة، والآن عندما صار رئيساً للحكومة، ظلّت شولي زاكين معه، مخلصة وفية له وهو مخلص وفي لها.
ويقال إنها عينت شقيقها يورام كاربي في منصب رئيس هيئة الضرائب. ويبدو أنهما استغلا هذا الوضع استغلالاً حاداً، بحيث بدأ الفساد المالي ينتشر انتشار السرطان في الجسد المريض!
الشرطة الإسرائيلية تابعت هذه القضية في السر وفي صمت خلال أشهر غير قليلة، كما راقبت هواتف كل الشخصيات المهمة أو المتورطة. وقد فجَّرت القنبلة الإعلامية والاقتصادية والسياسية، قبل أيام. ويقال إن التحقيق قد يطول، ولكن في نهايته سوف تطير "رؤوس" كثيرة، ويقال إن حكومة أولمرت نفسها قد تسقط!
هناك مَن يحاول أن يخفف من وقع هذه الفضيحة. وهناك مّن يخاف أن يتسع الشك ليشمل كل شيء وكل مجال. وهناك من منطلق "المسؤولية القومية" مَن يقول: ليس كل شيء فاسداً وجهاز الدولة قد تكون فيه بؤر مظلمة، ولكنه نظيف!!
ومع هذا، فإن مسؤولاً كبيراً في الشرطة، لم تُفصح الصحف عن اسمه قال: "إن مصلحة الضرائب تُدار مثل عصابة إجرام منظم" ويكفي هذا لايضاح الشعور بالذهول والقلق الذي يعم الآن المؤسسة الحاكمة في إسرائيل.
إن هذا التطور-التدهور يبدو شيئاً طبيعياً إذا عرفنا أن عصابات الإجرام تسيطر أيضاً، إلى حد بعيد، على الحياة الرياضية، وتؤثر في نتائج الألعاب، طبقاً لطلبات المقامرين الكبار الذين يشترون أوراق اليانصيب المبنية على نتائج لعب الرياضة.
يجب القول، هنا، أن هذه التطورات في إسرائيل ليست مفاجئة، بل هي جزء لا يتجزأ (جزء طبيعي!) من التطور الاقتصادي والاحتكاري الذي جرى في إسرائيل في العقدين الأخيرين. فإسرائيل أصبحت دولة رأسمالية متطورة بالمقاييس العالمية. ومعدل الدخل السنوي للفرد فيها أكثر من 22 ألف دولار، وهناك شركات إسرائيلية ذات وزن اقتصادي عالمي، تنافس الشركات الغربية. وهناك تداخل بين الرأسمالية الإسرائيلية والرأسمالية اليهودية العالمية، خاصة الأمريكية.
إن إسرائيل قد ودَّعت من زمن بعيد المرحلة عندما كانت "طلائعية" و"مثالية"، وعندما كان بن غوريون وليفي إشكول وغولدا مئير وبنحاس سفير قادة في الحركة الصهيونية (قبل قيام دولة إسرائيل) وبعد ذلك قادة في دولة إسرائيل، ويعيشون حياة بسيطة متواضعة، تكاد تكون متقشفة!
الآن الرأسمالية اليهودية في إسرائيل هي رأسمالية معاصرة، متطورة جداً، متداخلة تماماً مع الرأسمالية العالمية الأساسية، كذلك هناك شعور بأن إسرائيل "واثقة بنفسها"، لم تعد خائفة أن ينقض عليها العالم العربي لإبادتها، ولذلك فإن الرأسمالية اليهودية صارت تعيش وتعمل، خططاً وأساليب، مثل كل الرأسمالية الغربية المتطورة. وصار الدولار، هو الإله الحقيقي الذي يعبده شعب إسرائيل، وصار الركض وراء الدولار، أقوى وأشرس من أي دافع آخر.
المفكر والقيادي السابق في حزب "العمل" أرييه لوبا إليئاب، عرَّف هذا التطور الرأسمالي في إسرائيل تعريفاً دقيقاً جداً عندما قال: "تمر إسرائيل بما مرت به الولايات المتحدة. المهاجرون الأوائل كانوا طلائعيين، مثاليين، حالمين، ولذلك عاشوا حياة بسيطة في سبيل هدف كبير. أما بعد ذلك فبدأ الجشع الرأسمالي الطبيعي. هكذا بالضبط عندنا. إن المال هو ما يوّجه نشاط النخب السياسية والحزبية والحكومية أكثر من أي شيء آخر".
ولكن يجب أن نشير إلى أن القيادة الإسرائيلية الرسمية، الحكومية والدينية ،والثقافية، ما زالت تعتقد أن "الصورة الطلائعية" البسيطة، المفعمة بالحنين لأرض إسرائيل، هي ما تجذب اليهود للهجرة إلى إسرائيل أو على الأقل تجذبهم للتبرع مالياً لإسرائيل.
لذلك فإن إسرائيل تعيش بوجهين وبعقلين: وجه وعقل غارق حتّى النخاع في الجشع الرأسمالي العالمي، وعقل ووجه يتاجران بالطلائعية والروحانية لخداع يهود العالم.
نشرت جريدة "يديعوت أحرونوت" (4/1/2007) خبراً على صدر صفحتها الأولى عنوانه: "سفراؤنا في الخارج: أوروبا والولايات المتحدة قلقتان من الفساد في إسرائيل".
وجاء في الخبر أن السفراء بعثوا تقارير قالوا فيها إن أخبار الفساد الحاد في إسرائيل تجذب اهتمام الناس في الغرب أكثر من النزاع الإسرائيلي-العربي، وأن العالم الخارجي بدأ يكتشف حقيقة إسرائيل كما هي فعلاً لا كما تسوقها الدبلوماسية الإسرائيلية.
وتتفق الصحف الرئيسية في إسرائيل :"هآرتس" البرجوازية الرصينة المستقلة واللبرالية، و"يديعوت أحرونوت" و"معريب" الصحيفتان الجماهيريتان الصفراوان، على أن موجة الفضائح المالية التي تم الكشف عنها تعكس أزمة سياسية وأخلاقية وتصدعاً للقيم، وهذا سوف يؤثر على النظام وعلى مسلك الناس تأثيراً سلبياً جداً، إذا لم تجر معالجة حازمة وعنيفة وتظاهرية ضد الفساد.
ويبدو أن الشرطة سوف تستدعي قريباً جداً وزير المالية أبراهام هرشزون وربما رئيس الحكومة أيضاً للتحقيق أو المساءلة على الأقل، فيما يتعلق بهذه الفضائح.
ويبدو أنه بايحاء من مكتب رئيس الحكومة أولمرت، تنشر الصحف أخباراً تقول إن كل "أبطال" الفضائح الجديدة تم تعيينهم في عهد بنيامين نتنياهو (عندما كان وزيراً للمالية) وسلفان شالوم (عندما كان هو أيضاً وزيراً للمالية). وكلاهما ما زالا قائدين في حزب "الليكود"، بينما أولمرت قفز في حينه من الليكود إلى "قديما" الحزب الجديد الذي أسسه أريئيل شارون قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وقد أعلن وزير المالية الحالي هرشزون في الكنيست أن "الشرطة تقوم بعملها (التحقيق) بنجاعة وبحساسية وبمسؤولية".
السؤال المطروح الآن ليس إذا كان سوف ينتج شيء عن التحقيقات الدراماتيكية،بل من سوف يستفيد من هذه التحقيقات: حزب قديما وحكومة أولمرت، أم حزب الليكود برئاسة نتنياهو المتربص بالزاوية لأولمرت وحكومته..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلومبرغ: تركيا تعلق التبادل التجاري مع إسرائيل


.. أبو راقية حقق الذهبية.. وحش مصر اللي حدد مصير المنتخب ?? قده




.. مين هو البطل الذهبي عبد الرحمن اللي شرفنا كلنا بالميدالية ال


.. العالم الليلة | -فض الاعتصامات- رفض للعنف واستمتاع بالتفريق.




.. محمد رفعت: الاقتصاد المعرفي بيطلعنا من دايرة العمل التقليدي