الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصيدة طامو

للاإيمان الشباني

2025 / 3 / 4
الادب والفن


القايدة طامو


القايدة طامو، تلك السيدة التي استحقت أن تُخلّد في صفحات التاريخ المغربي، كانت أكثر من مجرد امرأة في زمانها؛ كانت رمزًا للصلابة والقوة، وحكايةً ترويها الأجيال. تنحدر طامو من قبيلة أولاد الصغير عرب تريفة، من فرقة أولاد بن العادل، تلك العائلة التي تبوأت مكانة رفيعة في المجتمع المغربي، فأرضها كانت شاهدًا على عراقةٍ قديمة وسمعة تليق بالزعماء. زوجها، القائد امبارك الهبيل من تغاسروت ببني عتيق، كان رجلاً قويًا في قلب المجتمع، إلا أن في حياة طامو، ما وراء الرجال حكمة لا تُضاهى، وما وراء الأنوثة من شجاعة تلامس السماء.
بعد سنوات طويلة من الانتظار، حين طال انتظارها لإنجاب ذرية، قررت القايدة طامو زيارة ضريح سيدي علي البكاي، الذي ذاع صيته في البركة والقداسة. وبينما كانت تتنقل بين أضرحة الأولياء، شاءت مشيئة الله أن تمنحها ما ترجوه، لتلد الولد الوحيد الذي سمّته "البكاي" تيمناً بالقداسة التي أحيط بها هذا المزار. كان ذلك المولود، الذي سينشأ ليحمل اسمًا يذكره التاريخ، هو غاية ما كانت تأمل فيه.
لكن الحياة لا تقاس بالسنوات فقط، بل بمواقف يصنعها الزمان، وبقرارات تنبثق من صميم الروح. فحين فارق زوجها القائد امبارك الحياة، اختارت القايدة طامو أن تظل مستقلة، كما كانت، لا حاجة بها إلى زواج آخر. كانت ترتدي ثياب الرجال، لا تساير الحياة إلا على وتيرة القوة والعزّة، ممسكة بمسدسها الذي كان رفيقًا لروحها الحازمة. على ظهر الخيل، أو فوق البغال، كانت تترجل عن غيرها في الهيبة، وتسيطر على العالم من حولها كما تسيطر الرياح على البحر.
في محافلها، كانت لا تأكل مع النساء، بل كانت تعتز بابتسامتها الصامتة وتكتفي بحضورها المهيب. قد لا يكون في كلماتها ما يدهش، ولكن في صمتها كان عزفٌ يروي الحكاية. وإذا كان الشريف أو الفقيه في حضورها، تنزل عن ظهر ركوبها، تكريمًا لهؤلاء الأعلام، وتطلب الدعاء لها ولابنها البكاي. كانت تلك اللحظات، التي تجمع بين الهيبة والتواضع، تعكس جوهر شخصيتها المتفردة.
أما عائلتها، فلم تكن فقط مشهورة بكرمها، بل كانت رمزًا للرياسة وحب القيادة. كان الناس يلتفون حولها ويحترمونها، ليس بسبب مكانتها الاجتماعية فحسب، بل لأن عائلتها كانت تلهم الجميع بالولاء والشرف. في بني يزناسن، كان هناك مثل شعبي يقول: "من الرڭادة لبني موسي *** حكم لالة مكانش القاضي"، ليظل اسم القايدة طامو معلقًا بين الحقيقة والأسطورة.
هذه هي القايدة طامو، تلك المرأة التي خلّدت اسمها في سجل التاريخ، ليست فقط من خلال أفعالها، بل من خلال قوة حضورها، وعزيمتها التي لا تلين، وحبها لوطنها وابنها البكاي. هي امرأة، ولكن في معركة الحياة كانت دائمًا قائدًا، في زمن الرجال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الممثلة الصينية -غاو ليو- يتحول أنفها للون الأسود بعد سنوات


.. من حبه للحضارة الفرعونية.. درسها! الفنان محمد خميس مع منى ال




.. فضل شاكر .. نقابة الفنانين السوريين تمنح -عضوية الشرف- للفنا


.. انضرب بحب الحضارة الفرعونية!.. سر نجاح فيديوهات الفنان محمد




.. فضل شاكر .. نقابة الفنانين السوريين تمنح -عضوية الشرف- للفنا