الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوروبا تحت المراقبة

هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)

2007 / 1 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تيارات
من بين المسائل التي ينبغي مراقبتها في سنة 2007 ما يتعلق بنمو وتطور بعض التيارات في دول وسط أوروبا.
فعلى الرغم من أن تلك الدول قد قطعت عدة سنوات في العقد الثاني بعد سقوط الشيوعية، إلا أنها لا تزال تعاني من ضعف الحكومات، وانقسام المجتمعات، وهو ما يثير الخوف في نفوس دول أوروبا الغربية التي تخشى أن تصبح تلك الدول بمثابة أبناء الاتحاد الأوروبي "الأشقياء".
وقد تبدت هذه الملامح في أجلى صورها في بودابست ،عندما اشتبك المتظاهرون القوميون المنتمون إلى التيار اليميني مع قوات الشرطة المجرية، وهو الحدث الذي اختطف ما كان مقرراً أن يكون مناسبة هادئة لإحياء ذكرى الانتفاضة التي قام بها الشعب ضد الهيمنة السوفييتية منذ نصف قرن من الزمان. وكان بعض المتظاهرين يحملون العلم المزين بخطوط حمراء وبيضاء والذي يرمز إلى سلالة "ارباد" التي ينتمي إليها ملوك المجر في القرون الوسطى، والذي أصبح شعاراً للقوميين في السنوات الأخيرة.
والسبب الذي دعا إلى اندلاع القلاقل وأعمال الشغب أصلاً يبدو عادياً نسبياً وهو استخدام البوليس لأسلوب القبضة الغليظة في التعامل مع المتظاهرين.
بيد أن كريج. إس. سميث - مراسل نيويورك تايمز في بودابست - يشير الى مسألة أخرى ، وهي على حد قوله تمثل سبباً أكثر جوهرية لاندلاع مثل هذه القلاقل في دول أوروبا الشرقية ، وهو أن معظم شعوب تلك البلدان لم تكن لها كلمة أو تأثير في الانتفاضات التي تمت عام 1989 عندما أدت "الثورات المخملية" إلى تفكيك الحكم الشيوعي في تلك الدول. ويستشهد بما يقوله المحلل السياسي والوزير السابق في الحكومة المجرية، ستيفان ستامبف : "إن تلك الثورات تمت من خلال مفاوضات بين قوى سياسية، وهو ما حد من المشاركة الشعبية في خلق الأنظمة الجديدة... والحاصل الآن أن الكثيرين من أبناء تلك الدول يشعرون بأنهم قد خسروا بسبب تغير الأنظمة".
ونتيجة لذلك ازدادت الدوافع الوطنية قوة في تلك الدول وتمكنت القوى والشخصيات الشعبوية فيها من استغلالها لمصلحتها.
أضف الى ذلك الضغوط المترتبة عن الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، وهو هدف فاق ما عداه، وأثر سياقه على سائر التحولات التي مرت بها هذه المجتمعات.... وكان من نتيجة ذلك أن العديد من العوامل التي اعتقد البعض أنها قد اختفت أو استنفدت أغراضها عادت إلى الظهور على السطح مجدداً.
بدأ هذا الأمر إذن في بولندا حيث فاز "حزب القانون والعدالة المحافظ" بالانتخابات العام 2005 وتولى التوأم "ليخ، وياروسلاف كازينسكي" منصبي الرئيس ورئيس الوزراء على التوالي، وقاما باتباع سياسة كاثوليكية محافظة، وتحدثا كثيراً عن ضرورة عودة بولندا لاحتلال مكانتها اللائقة في الخريطة السياسية الأوروبية، وهو ما نفر منهما العديدين في أوروبا الغربية المهجوسة بالتسامح.
وفي سلوفاكيا كوَّن حزب اليسار" Smer " ائتلافاً يتكون منه ومن حزبين من الأحزاب اليمينية المتطرفة وهما "الحزب القومي السلوفاكي" المتطرف وحزب "حركة الديمقراطية في سلوفاكيا" الذي يقوده "فلاديمير ميكاير" الذي ساهم أسلوبه الأوتوقراطي عندما تولى منصب رئيس الوزراء في منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي في عزل بلاده عن دول أوروبا الغربية.

وحتى جمهورية تشيك كانت هي أيضاً عرضة للتأثر بهذا الاتجاه القومي حيث لا توجد فيها حكومة حقيقية منذ الانتخابات التي عقدت في يونيو، والتي تركت برلمانها المقسَّم بالتساوي تقريباً بين اليمين واليسار في حالة عجز عن الحركة عملياً. وفي هذه البلدان جميعاً يخوض الإصلاحيون والشعبويون حرباً ضد بعضهم بعضاً، كما أن صعود التيارات القومية فيها أدى إلى إيقاظ العداوات القديمة بين تلك الدول من جديد، وخصوصاً بين المجر وبين الدول المجاورة لها والتي كانت في يوم من الأيام جزءاً من الإمبراطورية المجرية.

وهذه التوجهات الشعبوية في بلدان وسط أوروبا تظهر في وقت وصل فيه الاتحاد الأوروبي إلى أضعف حالاته خلال السنوات الأخيرة، حسب المحللين. ولا يخفى أن تجميد التفاوض حول عضوية تركيا له علاقة بالصعوبات التي يجدها الاتحاد في استيعاب أعضائه الجدد ، من البلدان الشيوعية سابقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة