الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناورة الاخيرة

عماد صلاح الدين

2007 / 1 / 16
القضية الفلسطينية



من الصعب جدا على المراقب والمحلل السياسي أن يصدق فورا دون أن تتبادر إليه الشكوك والظنون حول جدية ومصداقية التسريبات والتصريحات الإعلامية التي تتحدث هذه المرة عن قرب الاتفاق على حكومة وحدة وطنية، إذ بعض الأخبار والنشرات الإعلامية تحدثت عن أن الأطراف سوف تعلن عن تشكيل حكومة الوحدة في نهاية هذا الشهر، صحيح أن هنالك بعض الأجواء الايجابية هنا وهناك بين طرفي النزاع الرئيسيين فتح وحماس، كتلك التي تمثلت أخيرا بالاتفاق على إنهاء إضراب الموظفين والقطاع الحكومي وكذلك حول نية الالتقاء بين الرئيس عباس وخالد مشعل في دمشق، وعن الاقتراحات المبثوثة هنا وهناك، إلا انه في كل الأحوال، هنالك تشكك تسنده مجموعة معطيات وحقائق تجعل المرء ولاسيما المتابع والمراقب في حيرة من أمره حول جدية ما يسمع بشأن قرب الاتفاق على حكومة الوحدة الفلسطينية، ومن هذه الحقائق والمعطيات ما يلي:

1- إن هنالك خلاف برامجي وقواعدي أساسي بين حماس التي تقود الحكومة الفلسطينية وما بين الرئاسة التي تسيطر على حركة فتح، والتي يلتقي برنامجها السياسي مع ما هو مطروح أمريكيا وإسرائيليا ،والمتعلق بدولة ذات حدود مؤقتة وفقا لخارطة الطريق بغض النظر عما أعلنه الرئيس عباس مؤخرا في لقائه مع رايس في رام الله حول رفضه الحلول المؤقتة، إذ هذا الموقف يعتبر مناورة في سياق المناورة الكلية التي يمارسها تيار حل الدولة ذات الحدود المؤقتة في مواجهة حماس.
2- من حق المرء أن يتساءل مليا حول إفشال جهود تشكيل حكومة الوحدة عبر الأشهر الماضية، رغم أن عناصر نجاحها كانت متوفرة بشكل كبير جدا، وقد رأينا أن مبررات الفشل من قبل الرئيس والحاشية كانت واهية ولا تصمد أمام العقل والمنطق.
3- حالة وحقيقة التزود بالمال والسلاح عبر الدعم المالي الأمريكي والمصري والأردني بالسلاح لحرس الرئاسة والتي كان أخرها صفقة السلاح الكبيرة عبر معبر كرم أبو سالم وبحراسة إسرائيلية، هذه الحالة والحقيقة بحاجة إلى توقف وتساؤل حول الهدف منها والغرض منها، وبعد أن انكرت أطراف من الرئاسة حقيقة هذه الصفقة عاد الرئيس عباس بالأمس ليشير بطريقة غير مباشرة عن صحة الخبر حول ذلك، وبأنه شخصيا طلب من الولايات المتحدة دعمه بالسلاح.
4- حالات التسخين والتمهيد السابقة للمواجهة العسكرية الحاسمة للحسم السياسي من قتل واختطاف وحرق مؤسسات ومحال تجارية وغيرها كيف يمكن للمرء إزاءها أن يفكر أن هنالك مساعي جدية اليوم من الأطراف التي افتعلتها حول نيتها الاتجاه صوب الوحدة الوطنية من خلال حكومة الوحدة.
5- المقترح المقدم من التيار المسيطر على حركة فتح بشان التوزيع الوزاري لحكومة الوحدة وبالتحديد فيما يتعلق بالوزارات السيادية لاتدل على نية مقدم الاقتراح انه فعلا يتجه حثيثا باتجاه تشكيل حكومة الوحدة، فحينما يقترحون أن وزارة المالية سينصب عليها سلام فياض والداخلية مصطفى البر غوثي والخارجية زياد أبو عمرو والأمن القومي سيكون من نصيب دحلان والإعلام سيكون ضمن مجلس أعلى بدون الحاجة إلى وزارة إعلام في هذا الشأن، فماذا تبقى يا ترى لحماس؟، ثم على أي أساس انتخب الناس حماس ،لاهي في الداخلية ولاهي في المالية. وحيث كان انتخاب الناس لحماس من اجل الإصلاح الداخلي في هذين المجالين، المدهش في الموضوع وبحق إن مقدمي الاقتراح يهددون حماس باعتماد الانتخابات المبكرة وبشكل رسمي إذا لم توافق على هذا الاقتراح ضمن مهلة زمنية محددة، أهذا هو الحوار من اجل الاتفاق، أم إنها العربدة وطريقة الإملاء كما تعودنا عليها منهم في السابق.

إن المعطيات والحقائق الوارد ذكرها وغيرها، لا تبشر - على الإطلاق- بقرب تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية، بل طبيعة المقترح المقدم في صيغة الإملاء والشرط المقرونة بالتهديد تدلل على أنها مناورة ربما هي الأخيرة من اجل تحميل حماس مسؤولية الفشل، ومن ثم العودة إلى توتير الساحة الداخلية وربما اغتيال احد قادة حماس الكبار لتكون مدخل لجر حماس إلى احتراب داخلي يضغط فيه على حماس إما بقبول حكومة وحدة في سياق الشروط الأمريكية والإسرائيلية، وإما حشرها في زاوية اللجوء وبالتالي القبول بالانتخابات المبكرة التي هي كارثة على الجميع أخلاقيا وسياسيا ووطنيا، وقد يكون الهدف الأخير من استدراج حماس إلى الاحتراب الداخلي هو العمل على إقصائها عن المشهد السياسي كليا ولو بالاستعانة والاستقواء بالأعداء، فليس مستغربا حدوث المحرمات في بيئة العرب الأخلاقية الرديئة.

قد يتبادر إلى ذهن البعض بان الأمريكان في مأزق في العراق ويحتاجون إلى دعم العرب لاستراتيجيتهم الجديدة من خلال تقديم بعض التنازلات في الملف الفلسطيني والقبول بحكومة وحدة تدخلها حماس على أساس وثيقة الوفاق الوطني، هذا الكلام صحيح ولا غبار عليه فيما لو لم يكن هنالك أتباع للأمريكان والإسرائيليين في الساحة العربية والفلسطينية، لكن طالما أن الأمر على النقيض من ذلك، فما الذي يضير أمريكا وإسرائيل حينما تكون مواجهة حماس والعمل على محاولة اقصائهاعن طريق فلسطينيين معبود هم الأول والأخير المناصب والامتيازات ولو تحت حراب الاحتلال وإذلاله لشعبنا ؟!

15 – 1 – 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي