الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أفعال البشر الإبليسية
للاإيمان الشباني
2025 / 3 / 13الادب والفن

أفعال البشر الإبليسية هي تلك التي يتخذها الإنسان نتيجة لتأثيرات الشيطان الذي يُغوي النفس البشرية نحو الشرور والمعاصي. يمر الإنسان في حياته بكثير من المحطات التي تتداخل فيها الغرائز البشرية مع التأثيرات الخارجية، وأحيانًا ما يجد نفسه في مواجهة مع نفسه، ضائعًا بين الخير والشر. هذه الأفعال لا تظهر فجأة، بل هي نتيجة لعملية طويلة من الضعف النفسي، والغواية، والبعد عن الطريق المستقيم، وهو ما يميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية. فحتى ولو كانت فطرة الإنسان تميل نحو الخير، إلا أن طبيعته البشرية الضعيفة تتعرض في كثير من الأحيان للفتن التي تفتح له أبواب الشر.
الشيطان هو العدو اللدود للإنسان، منذ أن أبى السجود لآدم عليه السلام، ووعد الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أن يضل بني آدم. وقد قال الله تعالى في سورة الحشر: "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِيقَكُمْ فِي رَحْمَتِهِ"، فالمعركة بين الشيطان والإنسان هي معركة دائمة، وفي كل مرحلة من مراحل الحياة، يكون الشيطان حريصًا على إغواء الإنسان وإبعاده عن طريق الحق.
تبدأ الأفعال الإبليسية الصغيرة التي قد تبدو غير ضارة مثل الكذب أو الخيانة أو إظهار العجز، وهي أفعال تفتح أمام الإنسان أبوابًا أكبر من السوء. الشيطان يوهم الإنسان بأنه يستطيع أن ينجح في الحياة بطرق غير مشروعة، فيزين له الغش والكذب، ويجعله يظن أن الفساد هو السبيل لتحقيق النجاح أو الوصول إلى السلطة أو المال. وحين يقع الإنسان في هذه الفخاخ، لا يستطيع الخروج منها بسهولة، بل يبدأ في الانزلاق نحو أفعال أبشع كالتعدي على الآخرين، أو ارتكاب أعمال محظورة تدمر حياته وحياة من حوله.
الفساد يُعد من أعمق الأفعال الإبليسية التي يمكن أن تؤثر على المجتمع بشكل عام. حين يتخذ الإنسان قرارًا بأن يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب الآخرين، يكون قد دخل في دائرة الفساد التي تبدأ بالكذب وتنتهي بالظلم. الفساد لا يشمل فقط الأفعال الفردية، بل يمتد ليشمل المجتمعات والأنظمة السياسية والاقتصادية التي لا تستقيم إلا عندما يتحلى أفرادها بالعدالة والصدق. وهذه هي أفعال إبليسية على مستوى أوسع، لأن الشيطان لا يقتصر على إغواء الفرد فقط، بل يسعى أيضًا إلى إفساد المجتمعات، حيث يبدأ الشر صغيرًا ويتسع ليشمل كل جوانب الحياة.
أما البخل فهو آخر الأفعال الإبليسية التي تفتك بنفوس الناس وتدمر القيم الإنسانية. البخل ليس مجرد تردد في مساعدة الآخرين، بل هو شعور عميق بالأنانية ورفض العطاء. الإنسان البخيل يعيش في دائرة مغلقة لا يعرف فيها الفرح أو الحب أو التعاون مع الآخرين، لأنه دائمًا في صراع داخلي حول ما يجب أن يُعطى وما يجب أن يُحتفظ به لنفسه. هذه الأنانية تتسبب في فقر العلاقات الإنسانية، وتزيد من فترات الوحدة النفسية، لأنها تعزل الفرد عن المجتمع، وتجعله في حالة من الاحتياج الدائم لمزيد من المال أو الممتلكات، حتى لو كان هذا على حساب راحة الآخرين أو سعادتهم.
الظلم هو واحد من أشنع الأفعال التي يمكن أن يرتكبها الإنسان، وهو بمثابة إبادة لروح العدالة والمساواة بين الناس. الشيطان يزين للإنسان أن يظلم الآخرين، سواء في حقوقهم أو في تقييد حرياتهم أو حتى في الاعتداء على كرامتهم. الظلم لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يمكن أن يكون ظلمًا جماعيًا، سواء من الأنظمة السياسية أو المؤسسات الاقتصادية التي تحتكر السلطة وتستغل الناس لمصالح شخصية. وفي هذه الحالة، يصبح الظلم أداة لتدمير المجتمعات بأكملها، وتحطيم التوازن الذي خلقه الله بين البشر. حين يظلم الإنسان غيره، فإنه يفقد إنسانيته ويبتعد عن المبادئ الأخلاقية التي من المفترض أن تحكم سلوكه.
الشهوة والانتقام هما من الأفعال الإبليسية الأخرى التي تسيطر على عقل الإنسان. الشهوة، سواء كانت جسدية أو نفسية، تغذي الرغبات التي لا تنتهي وتدفع الإنسان إلى ارتكاب الأعمال المحرمة. نفس الشيء يحدث مع الانتقام، حيث يدفع الإنسان شعور الغضب والتشفي إلى ارتكاب أفعال قد تكون أفظع مما كان يعانيه في البداية. في هذه الحالات، يكون الشيطان قد نجح في تحريض الإنسان على تدمير نفسه، لأنه في سعيه للانتقام أو إرضاء شهواته، يقود نفسه إلى المزيد من الألم والندم.
إلا أن البشر لم يُخلقوا دون قدرة على التغلب على هذه الأفعال الإبليسية. فالتوبة هي سبيل الخلاص الذي يفتح أمام الإنسان أبواب الرحمة والغفران. إذا كان الإنسان قادرًا على الإقرار بخطئه والاعتراف بعجزه عن تصحيح الأوضاع بمفرده، فإنه يستطيع العودة إلى الطريق المستقيم. الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده، وقد وعد الذين يتوبون ويصلحون أن يغفر لهم ما سلف من ذنوبهم. في رحلة التوبة، لا يعود الإنسان إلى مجرد العودة إلى الطريق الصحيح، بل يتعلم كيف يواجه الشيطان بتقوى الله، ويبتعد عن أي فتنة قد تجره إلى أفعال إبليسية جديدة.
إن مواجهة الأفعال الإبليسية تتطلب وعيًا داخليًا عميقًا بالذات، والعمل على تهذيب النفس، وتقويتها بالإيمان. فإذا استطاع الإنسان أن يقوي ارتباطه بالله وأن يسعى لتحقيق الإيمان من خلال العمل الصالح، فإنه سيواجه جميع التحديات النفسية والروحية التي قد تعرضه للوقوع في الفتن. والإنسان إذا زهد في الدنيا، وأدى حق الله في الأرض، سيكون أكثر قدرة على مقاومة الشيطان وكيد الأعداء.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الناقدة أميرة قطب مسلسل فهد البطل عمل جيد جدا وأحمد العوضي ف

.. ما موقف الين لحود من الغناء مع وديع الشيخ؟

.. الفنان الشاب إبرام سعيد: بينادوني في الشارع -ابن سحر- بعد نه

.. فيلم الجزيرة في سوريا

.. الإمام الطيب - لكلمة -الكريم- معاني في اللغة تنطبق ولا تنطب
