الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعطاب أمام القطب الاقتصادي/شمال المغرب ودور النخب في تخريب استراتيجيات الدولة

أحمد الخمسي

2007 / 1 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


في الخط الأخير بين المغرب واسبانيا بين افريقيا وأوربا، هذا الجزء الاستثنائي من حيث تموقعه في تشكيل تاريخ وجغرافية المغرب لأكثر من 2000 سنة، منه مرت فيلة حنة بعل لتخلق الحدث العسكري عندما مهاجمة القرطاجيين لروما، وبالتالي ساهم في تحديد المعالم الأولى للكيانات السياسية في الحوض الغربي من البحر الأبيض المتوسط...

نعم، عندما تأتي إلى المنطقة الواصلة بين تطوان وسبتة تجد المركبات السياحية التي انطلقت أواخر الثمانينات من القرن الماضي للمساهمة في إنعاش الشغل والحركة الاقتصادية في منطقة تطوان. وهي المنطقة التي عرفت مساهمة شديدة في الأحداث العفوية التي جرت في مثل هذا الشهر قبل ربع قرن تقريبا، والمعروفة بأحداث يناير 84....ذهب ضحيتها شباب الأحياء المهمشة...إثر الرصاص العشوائي الذي أصاب بعضهم من فرط الارتباك الذي أصاب السلطات حينها في كيفية المعالجة...كما صدرت أحكام جائرة ثقيلة على أحلام الكثير ممن نزل عليهم منطوق 20 سنة وما يقاربها....

جاءت السياسة السياحية لتخفف وطأة الخيبة والكآبة التي تركتها تبعات الأحداث المذكورة.

وقد استفادت نخب متخلفة من برامج التنمية...إذ عرفت الشرخ العميق بين من يملك المال مقابل الأمية ومن يملك السلطة مقابل الخدمات الإدارية الزبونية واقتسام المنافع...على حساب الحقوق...والقانون...

وكان ذلك ضمن مسلسل الهيمنة التي مارستها مدرسة ادريس البصري في المنطقة على حساب آمال السكان ومآل الاقتصاد المحلي والوطني، وعلى حساب سمعة المغرب على مقربة من سبتة المحتلة وعلى خط مرور الجالية المغربية كل سنة بين المهجر وأرض الوطن بكل ما يختزنون من حمولة الحنين والمحبة....

ومن باب سوء تدبير السياسة السياحية مظاهر تحول المركبات إلى مجمعات للسكن الثاني لمالكي الفيلات والشقق من الخواص...مما قلص النشاط الاقتصادي السياحي إلى اقتصادات منزلية مغلقة يحمل المقيمون بها خلال الشهر الثامن موادهم الغذائية ويساهمون في تكريس اقتصاد التهريب من سبتة لا غير. ومقابل هذه النتائج الهزيلة ساهمت السيارات الخصوصية وسيارات النقل الوظيفي، في اختناق الطريق الضيق الذي كان قائما وحيدا بين تطوان وسبتة، والذي كان عبارة عن مصيدة للأرواح بسبب كثرة حوادث السير....كل صيف.

كان ذلك بمثابة إعلان لازدهار جيل من أرباب المخدرات وشبكات التهريب التجاري على حساب الاقتصادي المهيكل....المتمحور من حول الدار البيضاء لا غير....

ومن يلم بتفاصيل التراكم السلبي في الميادين البيئية والدمغرافية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وما نتج عنه من تدهور في مختلف المجالات طيلة 40 سنة، يقدر التحول الايجابي الذي جرى في الاختيارات السياسية والاقتصادية خلال السنوات الأخيرة تحت عنوان "القطب الأقتصادي" في الشمال الغربي....من حول الإنجاز المعلمة في الميناء المتوسطي....وما يتبعه من أنشطة قطاعية تحيي المنطقة وتجلب إليها الرساميل ومناصب الشغل.....وشبكة الطرق والسكة الحديدية والشركات الدولية.....

إن المتتبع لتقارير الظرفيات الاقتصادية يعلم أن نصيب الفرد من الدخل الاجمالي الخام يقل بنسبة الثلثين ليبقى في حدود الثلث من الدخل الفردي على الصعيد الوطني لينخفض من 1500 دولار (المعدل الوطني) إلى أقل من 600 دولار (معدل الدخل الفردي في الشمال).

وبفضل التحاليل التفاؤلية، استحضر الناس بنية التناقضات المتراكمة في المنطقة، من جملتها الحضور غير العادي المتناقض للإجراءات السلطوية المتعسفة، باسم مواجهة خرق القانون، مقابل تشكيل شبكات "للإثراء السريع بلا سبب" وتحول المستفيدين إلى طبقة جديدة مفيوزية....في آخر المطاف تفاجئ الجميع بقدرة عناصرها على اختراق كل المقاييس والمعايير والحواجز لتمر المخدرات بالأطنان ولتتكرر ظاهرة انتحال الصفة لرموز أعوان المؤسسات السيادية....وبفعل الحركية الإصلاحية في أكثر من مجال، أمل أصحاب التحليلات التفاؤلية في دفع قدماء المستفيدين من المشاريع السابقة إلى نوع من المغادرة الطوعية، قصد إرجاع المركبات السياحية إلى وظيفتها الأصلية التشغيلية والتجارية والثقافية والتعريفية بصورة المغرب الحضارية.....أي إلى وظيفتها السياحية العمومية بدل تكلس أرصدة الاستثمار فيها إلى مجرد تجمعات سكنية مغلقة الأبواب مدة 11 شهرا من أصل 12 شهرا...

وقد جاء الميناء المتوسطي ليقلب المعادلات كلها لفائدة أول انطلاقة تنموية كبرى في المنطقة. فانطلقت مع بناء الميناء المتوسطي أشغال موازية في شبكة الطرق والسكك الحديدية لم يحلم بها سكان المنطقة طيلة العهد السابق. غير أن حركة التسابق مع الزمن لاقتناء الأراضي وما نتج عنها من مضاربة تبين أن السلطات الإدارية لا ترعى المدى البعيد في الحركة العقارية وإنما تترك الحبل على الغارب. مقابلها تتصيد الجدران القصيرة في المصالح الخارجية للادارة العمومية قصد التوصية بضرورة تنفيد الإجراءات الانضباطية في حق صغار الموظفين قصد حفظ هيبة الدولة وإشاعة الردع العام عبر الردع الخاص ولو تطلب الأمر قطع الأرزاق الدنيا للأسر والعائلات..حماية للقانون..

غير أن اللعب الكبير يجري أمام العادي والبادي، من خلال نزع الملكية ومن خلال حركة التسابق مع الزمن لاقتناء الأراضي وما نتج عنها من عادة البيع والشراء والسمسرة المنتهجة بسرعة الضوء وبإيقاع مضارباتي تضخمي، يكاد يتحول إلى سخونة نقدية تتراكم أمام المشاريع الحقيقية بحيث يثقل فيما بعد التنافسية المناسبة للسوق...

وهذا التسابق المضارباتي غير الصحي، شكل حمى وعدوى بين أرباب المركبات السياحية على الشريط الساحلي الرابط بين تطوان وسبتة...مما حول (مركب قبيلة 3) إلى مقلع للرمال الجوفية....بحيث دبت حركة التجريف الباطني والإيداع والبيع والنقل بواسطة الشاحنات....على حساب النظام البيئي للساحل المرتبط بالمركب المذكور...وبالتالي إصابة التنمية المستديمة التي تعني تضحية الأجيال الحالية لفائدة الأجيال المقبلة في مقتل مضمونها، عبر تخريب الشاطئ حتى ماإذا كبر أطفال اليوم وجدوا شاطئ (قبيلة 3) وقد عرف مصيرا مشابها لشاطئ أزلا اليتيم والذي فقد رماله كلية لتصل أمواج البحر إلى حد الطريق الساحلي مباشرة...

والحال أن الخبرة في التلاعب تصيب الوزراء الشباب بنوع من الإيقاع والاحتيال فيوقعون رخصا للتجريف وتخريب النظام البيئي...وبالتالي، يحار المرء في الدور التنسيقي للإدارة الترابية، وقد سعت إلى إعادة النظر في التقسيم الإداري، بإحداث عمالة المضيق الفنيدق لتتحكم في التشوهات المخجلة على مقربة من اسبانيا والاتحاد الأوربي.

لكن يظهر أن السلطات الإقليمية عاجزة عن لعب الدور التنسيقي للقطاعات والمصالح الخارجية بالشكل الملائم. مما يدفع القطاعات الاجتماعات إلى الاستياء بينما تترك القطاعات الاقتصادية التنموية عزلاء من المتابعة وتحت رحمة قدماء المستفيدين من السياسة المتبعة من طرف البصري سابقا...وبالتالي، لا ضمانة في كون الرغبة للدوائر العليا في الدولة لإحداث القطب الاقتصادي ستتحقق...فقد بدأ القلق يدب في العمالة الفتية...بسبب سوء المتابعة لما انطلق من مشاريع...بل امتدت فوضى المضاربة ونزع الملكية لتنشئ النزاعات الفرعية داخل فئات الطبقة الوسطى بسبب القصور وضعف الخبرة في تدبير مساطر الرسملة والتقويمات المالية وإعادة انتشار أعمال المقاولات....مما يطرح التساؤل عما إذا كان التدبير الإداري لتنشئة القطب الاقتصادي الفتي مقدرا عليه أن يفوت للشركات الدولية بدل الإدارة الترابية المغربية.....؟

إن الأعباء الموضوعة على كاهل الدولة في المجال الترابي للقطب الاقتصادي في الشمال الغربي أعباء ثقيلة وموهنة...في مختلف المجالات الاستراتيجية للأمن السياسي وللخبز اليومي للطبقات الشعبية...لذلك لم يعد للمستفيدين متسع للشراهة واستعمال الشطط في المواقع والسلطة والنفوذ.....حتى لا يتسع القلق بين أوسع الفئات المستضعفة.....

ومثال العبث في رمال مركب قبيلة 3 نموذج في القصور الإداري الحاصل في حق القطب الاقتصادي المأمول وامتداد للشرهة المستديمة.....منذ العهد السابق. علما أن ذوي الحقوق قد تحركوا لتصويب الأمر والحد من العبث...وهذه بعض العلامات على ذلك. منها أسئلة الرأي العام:

1- حتى لو كانت إدارة قبيلة حاصلة على رخصة إدارية، فإلى أين تريد أن تصل باستخراج هذه الرمال؟
2- هل تنبني استفادة الوطن من المشاريع السياحية حتى لو تم ذلك عبر إتلاف وتخريب الشواطئ؟
3- كيف يتم إصلاح الضرر البيئي البنيوي (تخريب الشواطئ) بعد حصوله؟

ومنها شكايات اتحاد الملاك (موجزشكاية):

1- الهدف المعلن من طرف الشركة= إفراغ الميناء من الركام الرملي المعرقل لحركة المراكب
2- التجريف جرى مرتين= ماي 2006+ دجنبر 2006
3- تعليق منطوق الشكاية= تنفيذ المهمة مخالف لنص الاتفاقية بين الشركة والمكتب الوطني للموانئ
مخالف للقانون المنظم لاستغلال الموانئ
مخالف لقوانين البيئة والاتفاقيات الدولية ذات الصلة

خلاصات الشكاية (باسم اتحاد الملاكين لقبيلة 3)

أولا: الرواسب لا تتراكم إلى درجة العرقلة في حدود ستة أشهر
إذن تجريف الرمال عملية تجارية مكشوفة
ثانيا: تؤكد الشكاية أن التجريف بلغ كمية من الرمال تقدر بمئات الآلاف من الأمتار المكعبة من الرمال.
ثالثا: الإفراط الحاصل في استخراج الرمال سيؤدي إلى تدمير التوازن البيئي وبالتالي القضاء على القدرات البيولوجية البحرية في المنطقة
رابعا: تساهم الشركة في تشويه الوجه السياحي للمركب ويصبح عبارة عن مستودع للرمال المهيئة للبيع والنقل في شكل كتبان عالية ماسة بالجمالية السياحية الأصلية التي هيئ لها.
خامسا: من المفروض اعتبار مبدأ المقاولة المواطنة التي تعتني بالمصالح العليا بدل عزل الحسابات النفعية الضيقة في البعد المالي وحده.
سادسا: إن حركة الشاحنات المستمرة لنقل الرمال خارج ميناء المركب تساهم في تدمير البنيات الطرقية وما يحاذيها من ترتيبات الإشارة والجماليات التي تفرز صروة الماركة السياحية المميزة للمركب.

فهل تنظر الجهات المعنية في هذا النوع من التشوه المستديم الذي يصيب المنطقة من فرط الشراهة الناتجة عن سوء تدبير التنشة الاقتصادية المنطلقة؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مغامرات وأسرار.. بيكي تكشف أبرز التحديات التي تواجه البنات ا


.. استطلاعات: الولايات الأميركية المتأرجحة تبدي تغيرًا لصالح با




.. ناريندرا مودي يتولى رئاسة وزراء الهند للمرة الثالثة


.. لأول مرة.. مقاتلة أوكرانية تقصف العمق الروسي وتدمير مقاتلة ا




.. قتلى وجرحى من جراء استهداف الجيش الإسرائيلي مبنى سكنيًّا وسط