الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب الشيوعى العراقى وسياسة التحالفات

أحمد السعد

2007 / 1 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد سقوط النظام الصدامى كان لابد من ملأ الفراغ السياسى وطنيا فكانت تجربة مجلس الحكم مع ما رافقها من أشكالات
لازال يعانى منها الوضع السياسى العراقى حتى الآن بسبب ما كرسه من نظام المحاصصه الطائفية التى حملت بصمات بريمر ومن وراءه الأدارة الأمريكية. وكان لابد للحزب الشيوعى بأعتباره أحدى القوى السياسيه المناضله ضد الدكتاتورية وصاحب اعلى رصيد وطنى فى المواقف والتضحيات أن يكون له موقفا واضحا من عملية المحاصصة تلك وأن يعترض على الصيغة التى تشكل على اساسها مجلس الحكم ( رغم انه كان الصيغة الوحيدة المتيسره وطنيا فى ظل سلطة احتلال)
وأن يحذر من تداعيات تلك الصيغة وأمتداداتها وأحتمالية تكريسها كأمر واقع . وكانت تجربة الأنتخابات الأولى رغم نتائجها تجربة عززت موقف الحزب من جماهيره عندما طرح الحزب قائمته (أتحاد الشعب) ورغم عدم حصول قائمة الحزب على الأصوات المتوقعه وللأسباب التى يعرفها الحزب جيدا كان ذلك بحد ذاته خطوة الى الأمام يخوض فيها الحزب غمار التجربة الديمقراطية بثقه عالية بالنفس . ولكن الذى حصل فى الأنتخابات الثانيه عندما انخرط الحزب فى تحالف (أنتخابى ) مع أياد علاوى رغم ما يعرفه الحزب عن تاريخ الرجل وعداءه للشيوعيه وهو العداء الذى لاينكره علاوى حتى اللحظه ، هذا التحالف الذى ابعد الحزب عن جماهيره وأبقاه ذيلا لقائمة الوفاق ,انسحبت بذلك على الحزب كل التصريحات غير المسؤوله وغير المبدأيه التى صرح بها علاوى لوسائل الأعلام أبان الحملة الأنتخابية والتى سحبت الجماهير من القائمة العراقية وتأثر بها الحزب سلبا . لقد وضع الحزب نفسه وجماهيره وتاريخه الطويل تحت مظلة علاوى وحركته التى تضم قدماء البعثيين وكبار مهربى النفط والمعروف جيدا بأرتباطه بالمخابرات الأمريكيه مما اعطى لأعداء الحزب الفرصة للأنتقاص من مواقف الحزب وتشويه صورته امام الجماهير وتصويره بالذيل التابع لعلاوي وقائمته ولقد عانى الحزب وكوادره وتعرضت مقراته لهجمات راح ضحيتها عدد من أعضاء الحزب نتيجة لذلك التحالف غير الموفق الذى ارتضته قيادة الحزب الحالية وعرضت سلامته ومواقفه وتاريخه للنقد والتهجم من قبل أعداءه وأعداء العراق وأعداء التقدم وأعطتهم المسوغ لمهاجمته .أن المؤتمر القادم للحزب لابد له من ان يتوقف عند هذه الحاله ويعرضها بالنقد ويحلل النتائج التى آ لت اليها سياسة التحالفات التى انخرط بها الحزب والتى جعلته فى نظر الجماهير حزبا لايختلف عن باقى الأحزاب الباحثه عن السلطه واللاهثه وراء المناصب .
لقد ابتعد الحزب عن اكبر حليف له وهو الشعب العراقى ، الحليف الذى لايخسر من يتحالف معه ويربط مصيره به فالحزب ولد من رحم الجماهير وأنتمى اليها منذ اللحظات الأولى لتأسيسه وكان الرفيق الخالد فهد يشبه الحزب بالسمكه والشعب هو الماء فهو مصدر حياة الحزب وبيئته ومرتعه ومجاله وفضاءه الذى يتحرك فيه ويتفاعل معه وينمو فى أحضانه ويشرب من معينه الذى لا ينضب .لقد افقد ذلك التحالف الحزب الكثير من مكانته بين اصدقاءه ومحبيه ورفاقه حتى اؤلئك الذين يحملون للحزب مودة خاصه واحتراما خاصا لتاريخه وطول نضاله فى مقارعة الأنظمة الدكتاتورية وفى مواجهة الأمبرياليه الجديده اصيبوا بالأحباط الشديد وهم يرون أن الحزب أختزل فى شخص امينه العام الذى لم تختلف تصريحاته عن تصريحات اى سياسى عراقى آخر من السياسيين التقليديين او الجدد او من الطارئين على الساحة السياسيه والتى تعج بهم المنطقة الخضراء والذين جاءوا من الخارج يحلمون بمناصب فى عراق جديد يدفع الرواتب بالدولار.
لقد علمنا الحزب ومنذ نعومة أظفارنا الفباء النضال وحب العراق والنضال من اجل الحرية والعدل والمساواة بين البشر وكرهنا الأستعمار وأستغلال الأنسان للأنسان والحروب التى اشعلتها الدول الأستعمارية والتى دفعت شعوب العالم ثمنها غاليا من ارواح وثروات وتعلمنا من الحزب حتمية انتصار الشعوب فى نضالها من أجل التحرر والسلام والحرية وخرجنا فى مظاهرات ونظمنا الأعتصامات وحملات التضامن مع شعوب فيتنام ولاؤس وكمبوديا وشيلى والجزائر فهل يجرى التضحية بكل ذلك التاريخ من اجل تحالفات وقتيه من اجل الوصول الى مقعد او مقعدين فى مجلس نواب أو جمعيه وطنية تحت علم الدكتاتور الذى نست الأحزاب فى ذروة اقتتالها على السلطه ان تغيره حفاظا على ماء وجهها على الأقل ولتشعر العراقيين بأن كل ما يمت للطاغيه ونظامه قد قبر والى الأبد. ثم هل نسيت قيادة الحزب ان أياد علاوى كان احد المشاركين فى ضرب الحزب عام 1963 ؟ وهل غاب عن بال قيادة الحزب طبيعة القوى الكرديه التى تحالف معها وأرتضى لنفسه ان يعمل تحت لواءها وتاريخها الأسود فى أضطهاد الشيوعيين وتدبير المذابح لهم وزجهم فى المعتقلات ، هل نسى شهداء بشت آشان وعصابات عيسى سوار وما فعلت بالشيوعيين فى كردستان ؟
لقد كان حريا بالحزب الشيوعى العراقى ان يحافظ على يساريته ويتمسك بمبادئه الماركسيه والشعارات التى رفعها طيلة تاريخه فى مواجهة الأمبرياليه وعدم التهادن معها وطرح برنامج للمرحلة القادمة يستوعب تناقضاتها وحيثياتها ويحلل جزئياتها وتفاصيلها ليخرج بتصورات سليمه وعلمية لما ستؤول اليه العملية السياسيه فى العراق وكيفية مواجهة المشاكل التى يعانى منها الشعب العراقى ومستقبل الوجود الأمريكى على الأرض العراقيه ومصير ثروة العراق وتأمين خبز الشعب ودواءه ومستقبل اطفاله . ويتطلب ذلك ايضا الأنفتاح على قوى اليسار العراقية والتقارب معها وتوثيق الصلات النضاليه بها وتوحيد المواقف معها وعدم التضحية بالهوية الطبقية للحزب ومنع تحوله الى حزب برجوازى ديمقراطى وفق النموذج الأوربى .
لقد كان أنهيار المعسكر الأشتراكى بمثابة نهاية الحلم لدى الكثير من الشيوعيين واليساريين وأعتقدوا بأن ما آمنوا به طيلة عقود لم يكن سوى كذبة كبيره وما ضحوا من اجله كان وهما او سرابا وبأنه من المستحيل عليهم مواصلة النضال دون (الحليف القوى) وأن الرأسمالية قادرة على تطوير نفسها بحيث تستطيع الألتفاف على التاريخ وتلغى الحتمية التاريخية .لقد اضحت نبوءة ماركس بنهاية الرأسماليه وأنهيارها وقيام دولة العمال والفلاحين أمرا مستبعدا لدى الكثير من الشيوعيين مما جعلهم يتركون صفوف الحزب وينضووا تحت لواء الليبرالية الديمقراطية التى اعتقدوا انها البديل (المقبول) واقعيا . لقد قالها ماركس متمثلا بقول غوته ( النظرية رمادية اللون يا صاح ولكن شجرة الحياة خضراء الى الأبد).
أن ألأيمان بالمبادىء الأساسيه للحركة الشيوعية ونقلها الى الجماهير والتثقيف بها هو الركيزة التى ينبغى على الحزب ان لا يحيد عنها وان لا يتخذ من العملية السياسية الجارية والاتجاه نحو اقامة نوع من الديمقراطية البرجوازيه فى العراق ذريعة للتخلى عن الشعارات الأساسية للحركة الشيوعية وأن يوقف عملية التحول من حزب ثورى يؤمن بالصراع الطبقى وسيلة للتغيير الثورى للمجتمع الى حزب برجوازي صغير يؤمن بالنضال البرلمانى للوصول الى كرسى فى مجلس نواب تسيطر عليه اكثرية رجعيه فيصبح هو جزءا من ألتركيبه السياسية التى شكلتها الإدارة الأمريكية 0
الشيوعيون الحقيقيون يرفضون أن يتحول العراق الى نموذج لفوضى اقتصاديه ويرزح تحت مديونية مستديمة تستنزف خيراته وثرواته وتحرم شعبه من التمتع بثرواته الوطنية ، الشيوعيون الحقيقيون يرفضون أن يضحى بقطاع الدوله ويسرح عشرات الآلاف من العمال ليتحولوا الى باعة على الأرصفة فلا يجد المواطن العراقي الخبز والدواء 0 لن يكون الشيوعى شيوعيا عندما يضع يده بيد امريكا ويعتبر ان خلاص الوطن بيدها لأن خلاص الوطن بيد أبناءه ولن تبنى امريكا وطنا عراقيا بل ستبنى كانتونا ممسوخا يسير نحو الهاوية باقتصاد مرهون بإرادة البنك الدولي ونادي الدول المانحة0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم