الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة لفهم ما يجري

احسان طالب

2007 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


تأتي زيارة الرئيس العراقي جلال ا لطالباني إلى سورية في سياق تنفيذ الإستراتيجية الأمريكية الجديدة للعراق والمنطقة .
حرص ماما جلال على إظهار الطابع الودي وتأكيد استمرار العلاقة الحميمة بينه وبين النظام السوري وذلك عبر جلبه لوفد ضم فعاليات ومسئولين في الاقتصاد والتجارة والعلاقات العامة وعبر حرصه على زيارة ضريح حافظ الأسد و وضع إكليل الزهور على قمة جبل قاسيون تحت قبة الجندي المجهول .
لا تخلو تلك الزيارة من رسائل أمريكية حملها الرئيس العراقي إلى نظيره السوري شبيهة بتلك التي أوصلها لأحمدي نجاد في الأشهر الماضية.
سورية و إيران من حيث المبدأ لا تعارضان النظام السياسي العراقي الحالي القائم على المحاصة الطائفية كونه في النهاية نظاما ً مواليا ً و امتدادا ً للمشروع الإيراني في المنطقة العربية فالجذر الأصولي الطائفي للحكومات العراقية المتعاقبة بدا عميقا ً و راسخا ً عبر كل التغيرات الحاصلة في هيكل المناصب و الإدارات و بدا أشد وضوحا ً بالممارسة الفعلية على الأرض.
سورية تدعم التمرد السني في العراق بذريعة مقاومة الاحتلال و إيران تغذي التوجه الديني الطائفي للنظام السياسي العراقي كجزء من المشروع الإيراني الحالم بإعادة الدور الذي كان يلعبه شاه إيران في منطقة الخليج حيث كانت إيران في عهده القوة العسكرية الأكبر ومركزا ً حضاريا ً أكثر إشعاعا ً وحضورا ً .
إيران احمدي نجاد تحلم باستعادة ذلك الدور بعامله القديم أي القوة العسكرية الضاربة عبر التمكن من امتلاك القوة النووية وتطوير مجموعة الصواريخ البعيدة المدى والمضادة للطائرات والصواريخ الأمريكية العابرة للقارات ، وباستبدال الدور الحضاري التنويري لإيران بأيديولوجية أصولية مرتكزة أساسا ً على المذهب الشيعي .
في لقاءها الأخير مع وزراء خارجية المنطقة فيما عرف بـ 6 + 2 ( مجلس التعاون الخليجي + مصر والأردن ) ، طلبت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس من الوزراء العرب عدم التدخل في شؤون العراق ، وتزامن ذلك الطلب مع اقتحام القوات الأمريكية للقنصلية الإيرانية في أربيل ، وتصريحات للعديد من المسئولين الأمريكيين بالعمل على ملاحقة وضرب عملاء سورية وإيران في العراق.
وربما الغريب في جملة تلك الأحداث أن تطلب ريس من العرب عدم التدخل في العراق ، والاستمرار في تهميش الدور السوري في نفس الوقت الذي تدرك ويدرك فيه الجميع أن اللاعب الأساسي بعد أمريكا في العراق هو إيران ، والفارق الجذري بينهما أن إيران لاعب يحظى بتأييد جماهيري شعبي ونخبوي كبير في الرأي العام العراقي، في حين أن قبول إشراك اللاعب الأمريكي جاء بمنطق براغماتي نفعي فهو لاعب غير محبوب وغير مرغوب بتواجده ولكن تبقى الاستفادة منه ضرورية إلى حين امتلاك الامكانات الكافية للاستغناء عنه .
روبرت غيتس وزير الدفاع الأمريكي الجديد أعلن عن عزم الولايات المتحدة على زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق بحدود 95 ألف جندي خلال الأعوام الخمسة القادمة ، وأفصح الرئيس بوش عن عزم إدارته على نشر بطاريات صواريخ باتريوت في المنطقة وتحصين مياه الخليج بحاملات الطائرات .
وتزامن ذلك مع بدء وصول طلائع القوة الإضافية البالغ مقدارها 21500 جندي التي قرر بوش إرسالها فورا ً إلى العراق .
بول سالم (1)
يرى بأن التواجد العسكري والسياسي الأمريكي المباشر في المنطقة سيمتد إلى عقدين على أقل تقدير ، وإن التغيير في السياسة الأمريكية في خلال السنة والنصف الباقية لإدارة جورج بوش مرتكز على استمرار الآليات القديمة مع طرح التساؤل عن حصول ضربة أمريكية لإيران خلال تلك الفترة أم لا( 2.)
جمال خاشقجي (3 ) يرى أن مستقبل العراق محصور بين التقسيم أو الحرب الأهلية (فضائية الحرة ) .
الرئيس الفرنسي جاك شيراك سيرسل مبعوث خاص لإيران في الوقت الذي يؤكد فيه مسئول الملف النووي الإيراني بأن إيران عازمة على تركيب ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي من اجل الحصول على الوقود النووي مع الإشارة إلى عدم انسحاب إيران من معاهدة الحد من انتشار التسلح النووي .
هذه المؤشرات تقود إلى القناعة بأن اللعبة الدبلوماسية والتكتيكية بين إيران والغرب ما زالت مستمرة بالتصعيد تارة و التهدئة تارة أخرى . الإدارة الإيرانية تتدرج في الإعلان عن نيتها وعزمها المضي في مشروعها السياسي الأيديولوجي والعسكري عبر استمرار سعيها النووي وتوجهها نحو العمل خلف حدود العدو بالتقارب الإيراني مع الأنظمة اليسارية العائدة في أمريكا اللاتينية مما أضاف بعدا ً دوليا ً لذلك المشروع .
بالمقابل تمكنت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية من الحصول على تأكيدات صينية وروسية بعدم الموافقة على حصول إيران على السلاح النووي .
المؤشرات العامة لإيران كدولة وشعب تؤكد تراجع معايير التنمية والتقدم البشري وذلك من خلال ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتنامي لجوء قطاعات واسعة من الإيرانيين نحو ممارسة العمل في ميدان الرقيق الأبيض " تضاعف عدد المومسات في طهران ثلاثين مرة في عهد علي خامنئي نسبة إلى ما كان عليه الحال في عهد الشاه البائد ." (4)
أمام تلك الوقائع لا بد من إجراء مقارنة جزئية لفترة الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفييتي السابق ، وبين حالة التصادم الدائرة بين إيران ومنظومة الدول الغربية .
الاتحاد السوفييتي حشد قوة نووية وتقليدية تفوق ما كان لدى حلف الناتو مما أرعب العسكريين الغربيين ، إلا أن نهاية الصراع آلت إلى سقوط الاتحاد السوفييتي وتفكيك منظومة رؤوسه النووية مع تفتيته جغرافيا ً وديموغرافيا ً . ومن المعروف أن ذلك الصراع كان ذو شقين أيضا ً كما هو الحال مع إيران استراتيجي وأيديولوجي ، فهل يصح لنا أن نعتبر أن الغرب السائر في وتائر عالية من النمو الاجتماعي والاقتصادي والعسكري سيكسب الرهان أخيرا ً في صراعه الساخن مع إيران ؟؟ .. وهل يمكن تبديد الشكوك العربية الناظرة بريبة شديدة إلى الفوائد والمنافع المباشرة من المشروع الأمريكي في المنطقة التي حصلت وما زالت تحصل عليها إيران ؟! ....

احسان طالب
الهوامش :
- 1- مدير مركز كارنيغي للشرق الأوسط
- 2 – LBC 171








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد إقراره بالذنب.. القضاء الأمريكي يطلق سراح جوليان أسانج و


.. طفلان فلسطينيان يخرجان من بين نيران مدرسة قصفت من قبل الاحتل




.. غانتس: حماس فكرة لا يمكن تدميرها ولكن بإمكاننا القضاء على قد


.. أول مناظرة في فرنسا بين الكتل الانتخابية الرئيسية في خضم حمل




.. وساطة إماراتية تنجح بتبادل 180 أسيرا بين موسكو وكييف