الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيلم وثائقي إسرائيلي..أثار عاصفة -يوسف نحماني..وسقوط طبريا!:

سالم جبران

2007 / 1 / 19
الادب والفن


بثَّ التلفزيون الإسرائيلي مساء الاثنين 15/1/2007 فيلماً وثائقياً مثيراً حول القائد الصهيوني، من أصل روسي ،يوسف نحماني الذي عمل خلال نصف قرن مركِّزاً لعملية شراء الأراضي العربية في الجليل، قبل قيام دولة إسرائيل. كما شارك في عملية بناء وتحصين المستوطنات اليهودية.
ولأن يوسف نحماني عاش في طبريا منذ قَدِم إلى البلاد من روسيا، فقد تعلم اللغة العربية، الفصحى والعامية، واختلط بشكل مكثف بالعائلات والقبائل البدوية وكان خبيراً رئيسياً للمؤسسة الصهيونية في الجليل، أولاً لجمع المعلومات عن المجتمع الفلسطيني وثانياً لفهم كل التناقضات الطائفية والعائلية والقبلية، والصراعات بين القبائل البدوية والسكان المقيمين في المدن والقرى، واستغلال كل هذه المعلومات لتسهيل عملية انتقال ملكية الأرض، من "الهنود الحمر" الفلسطينيين إلى المستوطنين الجدد.
أنتجت الفيلم الوثائقي السيدة داليا كارفل، بعد أن قرأت كتاب "تصحيح غلطة" للمؤرخ اليهودي بيني موريس الذي يحكي عن قصة نشاط نحماني والعملية الصهيونية المنظمة والطويلة لنقل ملكية الأرض الفلسطينية في الجليل إلى الوكالة اليهودية.
ويقول المؤرخ موريس إن عملية نقل الأراضي الفلسطينية إلى الملكية اليهودية لها ملامح حادة من "التطهير العرقي" فأكثرية الأراضي التي تم شراؤها كانت لإقطاعيين وملاكي أرض كبار، من الجليل، وكذلك من إقطاعيين مستوطنين في دمشق وبيروت. وبعد عَقْد الصفقات كانت عملية اقتلاع الأقنان ("الفلاحين") عملية شرسة تفتقر إلى أبسط المشاعر والقيم الإنسانية، فقد كان الأقنان يُقذفون بعيداً عن المكان الأصلي الذي وُلدوا وعاشوا فيه. كثيرون قُذفوا شرقي حيفا (خصوصاً من مرج بن عامر) وآخرون قذفوا قرب صفد وطبريا، بلا مأوى، بلا عمل، بلا قوت!
وقال البروفسور أورن يفتاحئيل تعقيباً تاريخياً على هذه العملية: "كان ذلك تطهيراً عرقياً، والمفروض أنه يتناقض مع الحلم الصهيوني فكيف تبحث أنت عن بيت ووطن بينما تقتلع الآخر من بيته ووطنه. ولكن الصهيونية ينطبق عليها القول:يقتلون ويبكون"!
الفيلم يكشف، بشكل مذهل، رحلات يوسف نحماني إلى بيروت ودمشق، حيث كان يبقى أياماً وليالي حتى يعقد الصفقة مع الإقطاعي، ويعود إلى "أرض الميعاد" منتصراً على الفلاحين بمساعدة وتعاون من الإقطاعيين.
الفيلم يكشف أيضاً كيف كان يتم طرد الفلاحين بعد شراء الأرض بأبشع الطرق وأعنفها. فكأنما كل مستوطنة يهودية كانت تقام في فلسطين كان يوازيها دمار قرية فلسطينية، واستيطان المهاجرين اليهود الجدد القادمين إلى فلسطين، يوازيها تمزيق واقتلاع وتشريد القرى والعائلات الفلاحية الفلسطينية.
يتركز الفيلم في قسمه الثاني حول طبريا أيام الانتداب والعلاقات العربية- اليهودية فيها، وقصة الاقتلاع الجماعي لعرب طبريا. يعترف الفيلم، ويعترف نحماني في مذكراته المثيرة أن العلاقات كانت جيدة، وكانت البلدية عربية-يهودية. ويقول شموئيل طوليدانو ابن طبريا، في حديث في الفيلم: "كنا عرباً فعلياً تكلمنا العربية، وكانت علاقات وثيقة بين العرب واليهود ولم يكن العرب متطرفين. وكانت علاقات طيبة بين الوجهاء العرب واليهود ويشير خصوصاً إلى دور عائلة الطبري العريقة في خلق مناخ من التعايش والتعاون واستبعاد الاقتتال والاحتراب.
ويبدو أن يوسف نحماني، أيضاً، تأثر بهذا الجو، جزئياً، ولذلك كان يعتقد أن عرب طبريا يجب أن يظلوا في طبريا. ولكن على ما يبدو، فإن القيادة القومية والعسكرية اليهودية أرادت "تفريغ" طبريا من العرب، لكي يؤثر هذا على بقية المدن المختلطة.ويذكر الفيلم أنه بعد دور ترحيل عرب طبريا جاء دور عرب صفد وأكثرية عرب حيفا وعكا، وأكثرية عرب يافا ("عروس فلسطين") واللد والرملة وبيسان.
كذلك يتكلم الفيلم بصراحة أن الترحيل الجماعي ("التطهير العرقي" حسب قول البروفسور يفتاحئيل) كان هدفاً. والبرهان أنه بعد كل ترحيل مباشرة، كانت عمليات الهدم الجماعي للبيوت والأحياء للتأكيد أن لا عودة للفلسطينيين إلى هذه المدن التي يجب أن "تتهود" أسرع ما يمكن!
حتى في طبريا، كان القتل الواسع للعرب أداة للترحيل، وكذلك في القرى الاستراتيجية في منطقة طبريا. وقد لخص دافيد بن غوريون الهدف القومي الصهيوني عندما قال: "نحن بحاجة لا تحتمل التأجيل إلى الأرض والأمن. بالأرض والأمن تقوم الدولة اليهودية في أرض إسرائيل!!".
إن يوسف نحماني (أغرونوبسكي-سابقاً) الذي جاء من روسيا كان "يسارياً" من الجناح "المعتدل" في الحركة الصهيونية، وكان في بداية طريقه "مثالياً" يحلم بحياة مشتركة للعرب (الساميين أبناء عمومتنا!) واليهود. ولكنه في التطبيق فعل ما فعل. ولكن عند عملية ترحيل عرب طبريا أبدى قلقاً وعاش صراعاً نفسياً بين حلمه في أول الطريق والتطبيق الوحشي ضد الفلسطينيين.
يتكلم الفيلم عن العديدين من "المتعاونين" العرب الذين تعاونوا مع النحماني، وتوسّطوا لبيع الأرض، وقصّوا للنحماني التفاصيل حول الصراعات الداخلية في كل مدينة وقرية فلسطينية خصوصاً الصراعات بين العائلات "الوجيهة" المتخاصمة لاستغلال كل ذلك لتعميق عملية التفسيخ بين العرب مما يُسهِّل انتقال ملكية الأرض من السكان الفلسطينيين الأصليين إلى القادمين الجدد.
بين الذين عقَّبوا على الفيلم، بعد عرضه: شموئيل طوليدانو الذي كان نائباً لرئيس "الموساد" لسنوات طويلة كما كان مستشاراً لرئيس الحكومة للشؤون العربية، وكذلك الدكتور أمل جمّال، المحاضر في جامعة تل أبيب.
طوليدانو بدا سوداوياً جداً وحزيناً وقال: "إن إسرائيل بفضل انتصاراتها العسكرية والاستيطان صارت متغطرسة وعمياء وبعيدة عن العقل والاتزان. وأنا أقول إننا يجب أن نعيش مع الفلسطينيين ومع العالم العربي وإلاّ فعلامة سؤال على كل وجودنا!
أمّا الدكتور أمل جمّال فقال إن العمليات التي تمَّ تصويرها في الفيلم مستمرة الآن أيضاً، فهناك نهب أراضٍ وترحيل مذهل يعاني منه العرب الفلسطينيون الباقون داخل إسرائيل، كما تقوم المؤسسة الاحتلالية بنهب ومصادرة و"شراء" الأراضي الفلسطينية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية. وهذا الاقتلاع والترحيل يبدو شرساً خصوصاً في الخليل وفي القدس.
هذا الفيلم الوثائقي، مع أنه مكتوب من وجهة نظر يهودية وصهيونية"معتدلة"، فقد أثار عاصفة في إسرائيل فاليمين المتطرف يعتقد أن الفيلم يهاجم ويشوه الحلم الصهيوني اليهودي إذ أن اليهود عادوا إلى "وطنهم التاريخي" بينما الفلسطينيون في فلسطين هم ..الغرباء!!
ولكن الفيلم أثار عاصفة من القلق وتأنيب الضمير عند القوى العاقلة والإنسانية وقال أحد المفكرين:"الفيلم يقول الحقيقة العارية، وهي أننا بنينا بيتاً على خرائب بيت الآخر، ومن الصعب النوم في بيت كهذا"!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟