الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيب الصاية الأمريكي

تقي الوزان

2007 / 1 / 19
الارهاب, الحرب والسلام


نشر موقع "الناس" يوم 16 /1/ 2007 ونقلا عن عدة مصادر خبرا جاء فيه : يقول الامريكان أنهم وجدوا وثائق مع الخمسة الايرانيين الذين احتجزوهم في اربيل تؤكد اصدار توجيه ايراني الى الفصائل الشيعية في العراق , وخاصة " التيار الصدري " بعدم المواجهة مع قوات الاحتلال حتى لو حدثت خسائر . وتحريض المناطق الغربية " السنية " للتصادم مع هذه القوات , وبعد انتهاء الفترة الزمنية للخطة الامنية الجديدة يمكن التحرك للسيطرة على بغداد .
هذا الاكتشاف " الخطير " الذي يقول به الامريكان يعرفه كل عراقي يعيش يومياً جحيم بغداد وديالى والرمادي وباقي المناطق الساخنة . فالنظام الايراني وفصائله من العراقيين ليسوا في عجلة من الصدام مع القوات الامريكية , وهي تتبع ارتفاع درجات المواجهة بين النظام الايراني والغرب حول المشروع النووي الايراني والتكتيكات المرتبطة به .
ومن جهة اخرى, وفي خضم الاحداث المتسارعة ودمويتها , نسى البعض ان زيادة وتيرة الصراع الطائفي ليس بمعزل عن الرغبة الامريكية , واعادة تأهيل البعث بأسم " السنة " لمعادلة كتلة الاحزاب الشيعية الموالي قسم منها بشكل واضح للنظام الايراني , جرد العراقيين من توحدهم في مشروعهم الوطني . لقد ترك الامريكان الباب مفتوحاً لتنامي القاعدة والسنة التكفيريين , وعصابات البعث , والمليشيات الشيعية , وعصابات الجريمة المنظمة وغير المنظمة , والسرقات , والفساد الاداري , وافساد الذمم , واغراق العراقيين في دوامة المشاكل والازمات اليومية التي اصبحت ثانوية بعد الانحدار الامني الدموي الرهيب .
ان الخطة الامنية الجديدة لايعّول عليها أكثر من اعادة السيطرة على توجيه العنف , بعد ان اخذ مديات كبيرة تكاد ان تؤثر على التوجهات الامريكية العامة , ومشروعها الداعي لتجديد انظمة المنطقة وفق متطلبات عصر العولمة الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية . ولو ارادت الادارة الامريكية ان يتم القضاء بشكل جاد على كل المنظمات والمليشيات والمظاهر السلبية والدموية , لما تطلب ذلك منها الا اشهر معدودة .
يقول العراقيون : وضعه في " جيب الصاية " . و"جيب الصاية" هو اعمق جيب في ملابس الانسان , ويحمي الشئ الذي يوضع فيه من الضياع اثناء القفزات او العثرات وحتى عندما ينطرح هذا الانسان . ويبدأ هذا الجيب من " المحزم " حتى الركبة . اما " جيب الصاية " الامريكي والذي حشر فيه العراق والعراقيون يتجاوز الركبة بعمقه ويصل الى القدم , واستمرار وحدة العراق ارتبط بإستمرار الوجود الامريكي الحالي . وصراع القوى الديمقراطية واليسارية في مشروعهم الوطني هو في كيفية اخراج العراق والعراقيين من " جيب الصاية " الامريكي ووضعه في اي جيب آخر كمرحلة اولى يتمكن فيها من صياغة الاسس والقوانين التي تحفظ حقوق العراقيين وتحقق امنهم .
ان استمرار بؤر التوتر الطائفي , وعدم معالجتها جذرياً , وانشغال العراقيين واغلب قياداتهم السياسية بها , وعلى ان تبقى تحت السيطرة , هي الضمانة لاستمرار حاجة العراق الماسة للوجود الامريكي المكثف , واستمرار تموضعه في " جيب الصاية " الامريكي . وهذا لايحد من تحقيق بعض الخطوات الجادة التي تؤدي الى تخفيض وتائر العنف , وتجعل من ادارته اسهل . مثل الالتفات الى ضرورة معالجة مشكلة الجوع والبطالة التي تفتك بالعراقيين , وتعيين منسق مع قيادة الخطة الامنية لتدوير العجلة الاقتصادية , ودفع المانحين لتكوين الثقة بآليات صرف المنح .
ان التعويل على الخطة الامنية الامريكية في انهاء مشاكل العراق , وفي مقدمتها المشكلة الامنية , هو السراب الذي سيطيل امد الازمة . وما لم يمتلك العراقيون زمام امورهم في مشروعهم الوطني , وبعيداً عن المحاصصة الطائفية والقومية , لن يتعافى العراق مرةً أخرى .
يعتقد الكثيرون ان الخطة الامنية الجديدة , وما اثير حولها من ضجة اعلامية كبيرة , وما يعّول عليها بما ستنجزه على ارض الواقع . ماهي الا زوابع وقنابل دخانية تصب في خانة التظليل لما يجري التخطيط له من مواجهة حاسمة مع النظام الايراني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التبوريدة: فن من الفروسية يعود إلى القرن السادس عشر


.. كريم بنزيمة يزور مسقط رأس والده في الجزائر لأول مرة




.. بعد إدانة ترامب.. هل تتأثر فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية ا


.. لابيد يحث نتنياهو على الاستجابة لمقترح بايدن بخصوص اتفاق غزة




.. الوسطاء يحثون إسرائيل وحماس على التوصل لاتفاق هدنة في غزة