الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن الوطن !

علاء مهدي
(Ala Mahdi)

2007 / 1 / 19
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


كانت الهجرة العراقية إلى الخارج ، تكــاد تقتصرعلى عدد قليل من أبنــاء الطوائف المسيحية العـــراقية ، حيث لعبت المنظمــــات الكنائسية والدينية والتبشـيرية دوراً كبيراً في تشجيــع العــــراقيين على الهجــــــرة إلى الـــــدول الغربية . وفي السبعينيات ، بـــــدأت العقول والكفاءات العراقية في الهجرة إلى أوطان جديدة تتوفر فيها مبادئ الحرية الشخصية والعدالة الاجتماعية والمساواة ، وكان أغلب المهاجرين ممن أكملوا دراساتهم العليا خارج العراق فأثرت فيهم طبائع الحياة الغربية ففضلوا البقاء فيها وبتشجيع من الأنظمة الغربية لاستقطاب العقول المتميزة والكفاءات العالية . وفي العقد نفسه ، بدأ النظام العراقي البائد بعملية تهجير لمواطنيه لم يسبق أن قام بها نظام مهما بلغت شراسته واستهتاره من قوة ورعونة ، حيث هَجّرَ عشرات الآلاف إلى إيران بحجة "التبعية الإيرانية"، ثم بدأ بتهجير أبناء الشعب الكردي من كردستان إلى الجنوب ، وأجبر العديد من أبناء الوسط والجنوب على الهجرة إلى الشمال ، معتقداً أن ذلك سيقلل من الضغط القومي الكردي المتصاعد والمطالب بحقوقه القومية المشروعة . وكنتيجة للحروب التي تورط النظام العراقي البائد فيها فقد هاجر الملايين من العراقيين ومن كل الانتماءات القومية والدينية والسياسية بحثاً عن الأمان والاستقرار ، وتطلعاً إلى مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم وهرباً من بطش نظام البعث البائد واستهتاره الذي فاق كل تصور .
الهجرة هذه ، كانت صعبة وشاقة ومريرة للمهاجرين ، ورغم أن الآلاف منهم قد تمكنوا في النهاية من الاستقرار في وطن ما ، إلا أن عدداً كبيراً منهم لا زال يبحث عن ملاذ يؤمن له ولعائلته الإستقرار والأمان. وها هي دول الجوار تعج من جديد بآلاف العراقيين الفارين من وضع مأساوي تمكن بقايا فلول البعث من خلقه في الداخل تنفيذاً لوصية المقبور وتعليماته.
وقد يشعر من أستقر في بلد ما ، بأنه أفضل حالاً ممن لا زال يعيش في مخيمات اللجوء ومخابئ الحدود والمدن بدون إقامة قانونية . وقد يحسد الذين لا زالوا يبحثون عن وطن لهم من أستقر وحصل على جنسية بلد ما ، إلا أن الوضع يبقى أسوأ حالاً لكل من بقي تحت رحمة الوضع المتردي في الداخل ممن لا يملك القدرة أو الفرصة على المغادرة أو الهرب ، يعانون من ظواهر الإحتلال الخارجي والإرهاب والإجحاف الداخلي ، حتى بلغت رغبتهم في ترك أرض الوطن والهجرة إلى الخارج أمنية بعيدة المنال ، فهم بذلك مهجرون نفسياً وفكرياً رغم تواجدهم في الداخل.
الهجرة العراقية إذن ، ليست هجرة مكانية ، إنها هجرة فكرية ونفسية يعيشها الجميع ، أولئك الذين منحوا ورقة الجنسية الجديدة أو الذين ينتظرونها بأمل ولهفة ، أو القابعون في زوايا مدن العالم هرباً من إجحاف أنظمتها ، وأخيراً الصابرون داخل العراق ممن لا حول ولا قوة لهم !. ولا فرق أو تمييز بينهم من الناحية القومية أو الدينية أو الانتماء السياسي.
فما بقي من وطننا ، هو شعورنا بالألم لبعدنا عنه . . والإحباط لما آلت إليه حالتنا من التشتت والفرقة . . والحسرة على ما فاتنا من فرص لم نحسن استخدامها . . والخوف من الآتي الأعظم . . !! وما بقي من وطننا ، أرض أحرقتها قنابل الأعداء وصواريخهم وقبلها كيمياويات نظام البعث البائد، أرض تشكو الظمأ بعد أن نشف النظام ما كانت تروي به نخيلها وبساتينها ، وبشر يئن من الجوع والمرض والظلم والموت والإرهاب.
فإلى متى سنظل نبحث عن الوطن ؟ . . وهو الذي فقدناه في غفلة من الزمن ، انه وطن سليب مقهور ينادينا ، يستصرخ ضمائرنا ، يطالبنا بالثأر من مغتصبيه ، وطن بحاجة إلى وحدتنا كي نكون قوة رادعة لكل محاولات تدميره، صوتاً واحداً يؤثر في مراكز القرار العالمية ويشعرها بحقوقنا المشروعة ، صوتاً مؤثراً يقنع العالم بقوته وأصالته وأحقيته في حياة حرة كريمة تسودها العدالة والمساواة والكرامة والحرية . . . متى ؟ ! . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصحافي رامي أبو جاموس من رفح يرصد لنا آخر التطورات الميداني


.. -لا يمكنه المشي ولا أن يجمع جملتين معاً-.. شاهد كيف سخر ترام




.. حزب الله يعلن استهداف موقع الراهب الإسرائيلي بقذائف مدفعية


.. غانتس يهدد بالاستقالة من الحكومة إن لم يقدم نتنياهو خطة واضح




.. فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران تعلن استهداف -هدفاً حيوياً-