الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ينبغي إحراق العراق ؟

ابراهيم سبتي

2007 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


هل يمكن ان تكون الاحداث مرسومة حسب سيناريو معد لها سلفا ؟
العراق يحترق .. كل شيء فيه يستنجد ، الانسان والماء والشجر والزرع والضرع ..
كل شيء فيه ينهب ويستباح ، هل لهذا النزيف ان يتوقف ؟
لم نكن نحلم بأقل من العافية والعيش الكفيف وهو حلم وامنية يخجل من اعلانها حتى افقر شعوب الارض .
فالفقر المدقع والموت الذي يسيح على اديم الحياة اليومية العراقية والتنابز والتناحر والوعيد والتهديد ونبش الفتنة ، لم يكن ديدننا ولم يكن همنا بقدر همومنا الاخرى التي كانت لاتتعدى غير المحايلة على محرر الجريدة بأن ينشر مقالاتنا وفيها نقترب من الوضع الذي كان سائدا بقليل من الجرأة .. ولم يكن همنا سوى الوقوف امام خزانات النفط العملاقة لنحصل على لترات لنطرد بها برد قاس ينخز العظم الطري اصلا ونشعل فانوس النفط ليقهر الظلام المقيت.. ولم يكن همنا سوى ان نكتب بقليل من اللامبالاة كي لا نحسب معارضين ويسحبوننا الى دوائر الرعب .. ولم يكن همنا غير سفرة بسيطة الى بلاد الله نرى فيها البشر كيف يعيشون .. ولم يكن همنا سوى نومة هانئة فوق السطوح ايام اللهب التموزي دون ان تعكرها طرقات مرعبة في بطن الليل الادكن ..
ما الذي يجري اليوم ؟
هل صدقت النبوءة وفازت العرافة بهلوستها حين اعلنت بأن الدم سيجري كماء المطر فوق اسفلت الشوارع ؟
هل صدقت الرؤيا بأن الطفل الرضيع سيذبح من الوريد الى الوريد وهومحمول بين اذرع امه المقتولة ؟
هل صدقت الرؤيا بأن النار ستقتلع اليابس والحي والواقف والماشي بلحظات ؟ ربما .
ما الذي يجري في العراق ؟
من الذي اطلق لعبة الطوائف ومن الذي صدقها ؟
نحن لم نعرفها ولن نتعامل بها وحسب كل الاحكام والمراجع والشرائع التي لاتقر بها .. فكيف يقتل عمال الكسب اليومي الفقراء وهم يقفون بانتظار من سيحملهم في بطن سيارته الى مشقة العمل والرزق التي هي في كل الاحوال افضل من مشقة الذل والسؤال ولكنه يرميهم في اتون المحرقة فتتبعثر اجسادهم وتتناثر في الامكنة والفضاءات ، وتتناقلها مسرورة فضائيات المال والسياسة . ويظهر الموت العراقي كالعادة يملأ الشاشات تحت وابل الضحكات من المخرجين الذين يتمتعون بشرب البيبسي كولا وعصائر الكروم وشراب الشعير المثلج .. واية مصيبة ان نرى جسدا عراقيا متناثرا وقد صور من عدة اتجاهات وطار مبثوثا في كل الدنيا مع اننا لم نر جسدا واحدا مستلقى على الارض بعد خراب برجي التجارة العالمية ولا أي واحد البتة فأي رخص نحن فيه يا ابناء ارض السواد !!
وهل في هذا القتل اصلاح للامة واعادتها الى الصراط ؟
ومع صدور تقرير بيكر ـ هاملتون ، نكون قد صرنا بفعل مؤكد لايقبل التأويل ، حقلا للتجارب .
العراق اصبح مختبرا ضخما للتجارب في كل شيء . وتقرير مجموعة دراسة العراق الاخير اثبت بما لايقبل الشك بان كل عراقي ينتظر دوره في الطابور الواقف امام باب المختبر . الكل عرضة لمحاولات الاخرين في تجريب السلاح والتفخيخ والتكفير
والنهب والسلب . والتقرير الذي اصدره مجموعة من الجمهوريين والديمقراطيين برئاسة بيكر وهاملتون ، ليس فيه اي ذكر لمعاناة العراقيين كبشر ولا معاناتهم كأناس يستحقون العيش او ادنى من ذلك بقليل .. فالمصالح كانت مسيطرة على كل كلمة كتبت بل على كل شاردة وواردة .
لم يكن الوضع الانساني في العراق قد طرح ضمن توصيات اللجنة التسع والسبعين ، ولغويا اقتصر التقرير على ذكر المأساة العراقية بتسميات عامة واوصاف يمكن ان تطلق على أي وضع مشابه .
وتبقى المأساة العراقية لا تهم إلا أهلها وعلى الاطراف السياسية التي صار الحل والعقد بايديها ان تفعل شيئا تجاه الكارثة التي تنتظر البلاد . فالمحصلة المهمة للتقرير تقول ( الوضع في العراق خطير وفي تدهور..وإذا استمر هذا الوضع فستكون العواقب قاسية. فالانزلاق نحو الفوضى سيمثل شرارة انهيار الحكومة ويأذن بكارثة إنسانية. ويتعين تدخل الدول المجاورة. الصراعات بين السنة والشيعة قد تتسع دائرتها. القاعدة قد تنتصر دعائيا وتوسع من قاعدة عملياتها. الوضع الدولي للولايات المتحدة يمكن أن يشهد انحسارا) .
هذه الاشارة الخجولة لاهم محور في الاحداث وهو الانسان العراقي ، قد تخفي خلفها شعورا بالجدية تجاه ما يحدث للشعب وسط دوامة العنف السائر بالبلاد نحو حافة اللاعودة ..
وقد يكون الوضع الحالي والمتصاعد قد خطط له بعناية من قبل الاطراف المستفيدة من الفوضى التي تعصف بالبلاد فقامت بملأ جيوبها وبطونها بالدولارات بلا عد ولا اشباع بعد ان كانت تحلم بمجرد النظر للورقة الخضراء التي تتحسر عليها ..
ناهيك عن استباحة الثروات وانفلات القبضة عليها دون حراك للشعور الوطني باعتبار ان الثروة ملك للعراقيين .. مع ان الفئات التي تريد للعراق الانزلاق الى الهاوية تقر وتعترف بوجود وضع مهلهل يسمح لها بالاستحواذ على الثروة باقل جهد ووقت واثارة فوضى عارمة وهيجان هستيري يغرق البلاد والعباد في بحر متلاطم لا نجاة منه .
واذا كنا قد وقعنا ضحية للعبة الطائفية ، فأن اللاعبون بها يريدون تمرير مخطط رهيب حيك ببراعة القصد منه سلب البلاد فرحتها بالخلاص ..
وقد يتراءى للبعض ، بان تقرير بيكر وزير الخارجية الامريكية الاسبق وزميله النائب الديمقراطي لي هاملتون و بعد تسعة أشهر من الانتظار، قد وضع حلولا جاهزة لتحسين الوضع العراقي ، ولكنه كان مستغرقا بتفاصيل الوضع العراقي من وجهة نظر امريكية بحتة ليس للعراقيين مكانا فيه . فالآمال المعقودة على التقرير قد خفتت بعض الشيء بانتظار ما سيعلن عنه الرئيس الامريكي قريبا من برنامج جديد للوضع العراقي ولا نعلم هل لتقرير مجموعة دراسة العراق تاثير عليه ام مجرد برنامج بعيد عنه تماما . وصارت الخطط والبرامج الخاصة بالعراق تنتج في البيت الابيض اكثر من انتاج هوليود للافلام .
رفعت مجموعة دراسة العراق تقريرها الى الرئيس جورج بوش بصفحاته المائة والستين وتوصياته التسع والسبعين موصيا ادارته بأن تعلن مجددا انها لا تسعى للسيطرة على قطاع النفط في العراق. واوصت اللجنة الرئيس بوش بخفض دعم الولايات المتحدة السياسي والعسكري والاقتصادي للحكومة العراقية اذا لم تحرز تقدما جوهريا على صعيدي الامن والمصالحة الوطنية .
وان صدقت النوايا ، فأن التوصية تكون قد احرجت الادارة الامريكية التي حمت وزارة النفط العراقية بعد دخول بغداد بدقائق وكانت الوزارة الوحيدة التي سلمت من السلب والتخريب . وبذلك تتهاوى هذه الوصية امام حقائق الميدان ..
وبدون النظر الى توصيات وقرارات اللجنة ، فالشعب اليوم بحاجة الى تضميد جراحه بعد العواصف والويلات والانكسارات والاندحارات التي صاحبته طيلة اربعة عقود متتالية .. هذا الضماد لايحتاج وصفة سحرية منتظرة من لجنة دراسة العراق ، بقدر ما يقرره أهله لمواصلة الشوط الذي بدأه في اختياره للحرية ونعتقد انها اخذت قربانا هائلا من التضحيات والفواجع على مذبحها الذي تلون كلية بالاحمر القاني .
فالبلاد تغرق في رمال متحركة يمكن تفاديها والخلاص منها وطمهرها الى الابد ان توفرت النية في ذلك والنية الصادقة المخلصة البعيدة عن مقياس الخسارات والمكاسب والغنائم ولتحسب لجنة دراسة العراق ما تحسب سواء اوصت بسحب القوات ام ببقائها وسواء صرحوا بكرههم للنفط العراقي او بحبه وسواء انفقوا اطنان الدولارات ام لم ينفقوا ، فالقضية عراقية بدأت وتنتهي عراقية ..ورحم الله السياب الذي صور البلاد بنيوءة معبرة :
( نرى العراق .. يسأل الصغار فيه
" ما القمح ؟ ما الثمر؟"
ما الماء ؟ ما المهود ؟ ما الإله ؟ ما البشر؟
فكلُّ ما نراه
دمٌ ينزُّ أو حبالٌ فيه أو حفر ...!) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة :كارثة في الأفق ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم




.. هل تمتلك السعودية سلاحًا نوويًا؟| #التاسعة


.. روسيا تحذر...العالم اقترب من الحرب النووية!| #التاسعة




.. رئيس الاستخبارات الأميركية يلتقي نتنياهو لإنقاذ المفاوضات وم