الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوبى لأهلِ العزم والبأس ومَن لم يَستسلمَ يوما لليأس

وسام جواد

2025 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


ترك العدوان الأمريكي–الغربي-الخليجي على العراق وليبيا وما ارتكبه الإحتلال الصهيوني من جرائم في فلسطين وسوريا ولبنان، أثرا عميقا في نفوس غيارى الأمة، لا بسبب أعداد الضحايا والدمار فقط، وإنما لهول الخيبة والإحباط أيضا، من المواقف المخزية للحكومات العربية، التي نأت بنفسها، وسارت في الإتجاه المعاكس لإرادة شعوبها، مفضلة ذل التخاذل والتعاون مع اعداء الأمة. ولا عجب إن هي جَبُنت، ولاتفاقيات العار وقعَّت، ولشروط العدو خضعت، ومع المحتل طبَّعت، فتاريخها حافل بحبك المؤامرات، وتبعيتها للغرب والولايات.
أسباب التراجع والإنحسار وسبل وقف الإنهيار:
1- بلغ الإندفاع نحو بناء الاشتراكية ذروته في العديد من دول العالم النامية بعد انتصار الاتحاد السوفيتي على النازية، ووقوفه الى جانب حركات التحرر الوطنية رغم الخسائر البشرية والمادية الكبيرة، التي مني بها أثناء الحرب. وكان لإرتفاع درجة حرارة جبهات الحرب الباردة، وانحراف نيكيتا خروشوف، دورا بظهور التصدعات في جدار الوحدة الأممية، في ظل الصراع غير المُعلن على السلطة في الكرملن، والذي أدى في النهاية الى انهيار الإتحاد السوفيتي بأيدي خونة الحزب والشعب، غورباتشوف، ويلتسين والزمرة المؤيدة لهما في المكتب السياسي واللجنة المركزية.
2- التبعية للمركز ووكالات المخابرات الأجنبية
لم تتمتع الأحزاب الشيوعية باستقلالية القرارات وفقا لظروف هذا البلد، أو ذاك. وتحتم على قياداتها الرجوع الى"الرفاق" في موسكو واستشارتهم بكل شاردة وواردة، فأدى ذلك الى ارتكاب أخطاء، كلفت الكثير لعدم تلافيها في حينها، كالتي وقعت عام 1959، حين لم يؤيد "الرفاق" تسلم السلطة من قبل الشيوعيين في العراق رغم الظروف المؤاتية. وكما حصل عام 1964، حين دعت القيادة الى الاندماج بالإتحاد الاشتراكي الناصري (بمباركة سوفيتيه) على غرار الاتحاد الناصري في مصر، بعد نجاح جمال عبد الناصر بتصفية قادة وقواعد الحزب الشيوعي المصري بالقوة .
واذا وفرت "النظرية" والقيادة المركزية غطاء التبعية لموسكو، فإن التبعية لوكالات المخابرات الأمريكية والبريطانية من قبل العديد من البعثيين والقوميين والإقطاعيين، لم تكن بحاجة لمثل هذا الغطاء، لأنهم تحركوا دون عناء، ونشطوا في العلن والخفاء.
3- التنافس الحزبي :
لم يَرُق للشيوعيين نشاط البعثيين والقوميين غير العادي والمُعادي، وتركت هتافاتهم، التي رددوها مع انصارهم، أثرا ملحوظا في زيادة توتر الأجواء السياسية، كهتاف "إعدم يا شعب السوري، إعدم جمال وعفلق"، وهتاف "هوب هوب عفلق، كدامك الطسة، جمال وقع بالـ... ومَحّد سمع حِسه"، وغيرها .
و زاد من التوتر، تدخل بعض رجال الدين، كمحسن الحكيم، الذي أصدر فتواه سيئة الصيت "الشيوعية كفر وإلحاد" سنة 1961، مُسهلا بها مهمة البعثيين والقوميين بتصفية الشيوعيين وانصارهم في انقلاب 8 شباط 1963، ليظل العراق في دوامة الصراعات والاضطرابات المُخطط لها في الخارج، والمُنفَّذة من الداخل منذ ذلك الحين.
4- رجال الدين
مع انحسار دور اليسار بسبب الإغتيالات السياسية، والاعتقالات التعسفية، والضغوط النفسية، اضطر الآلاف منهم الى الهجرة، تاركين وراءهم فراغا سياسيا، واجتماعيا، وثقافيا، استغله بعض رجال الدين وفق مصالحهم ونهجهم، الذي لايمُت الى الدين بصلة .
ولعل في استلام السلطة من قبل "الإخوان المسلمين" في مصر وتونس، وفي العراق وسوريا، من قبل الاحزاب الدينية والتنظيمات الإرهابية، الدليل على ارتباط هذه القوى بجهات أجنبية ( أمريكا، الكيان، تركيا، ايران ودول الخليج ) بهدف إضعاف الدول غير السائرة في ركابها، واسقاط قياداتها، وتجهيل مجتمعاتها ببث التفرقة العنصرية والطائفية، في الوقت، الذي التزمت فيه بعض القيادات السياسية جانب الصمت المخجل، بينما برر البعض الآخر الاحتلال واعتبروه "تحريرا".
5- التعصب السياسي والديني :
التعصب، مؤشر على قلة الوعي وتدني المستوى الثقافي، الذي غالبا ما يقود الى ارتكاب الأخطاء والحماقات وحتى الجرائم، في حال استلام الأفراد المتعصبين للمراكز القيادية. ولا يضمن التعليم المدرسي والجامعي، الخلاص من التعصب، ولا يُعتبر مقياسا للثقافة، لأن الثقافة أوسع بمحتواها من حيث التفكير العلمي والعملي، والسلوك، والاخلاق والعادات. ومَن يكتفي بالتعليم المدرسي، أو الأكاديمي، كمن يكتفي بتعليمه من المُربيه، كما قال جان جاك روسو.

استخلاص الدروس والعِبَر:
- سيظل الصراع قائما، وتستمر الخلافات السياسية والدينية، ما دامت القوى الخارجية تغذيها، وتعتمد في تأجيج نيرانها على مَن تنكروا للإنتماء، وانحنوا للغرباء، ورحبوا بالدخلاء، وهادنوا الأعداء، بلا ذرة حياء.

- خاطب الإمام علي ابن ابي طالب، الواقفين على"الحياد" في زمن استفحال الفتنة قائلا: " لم تنصروا الباطل ولكنكم خذلتم أهل الحق". أما اليوم، فإن أغلب الحكومات العربية قد طبَّعت، وللباطل نصَرَت، ولأهل الحق خذلت، في فلسطين ولبنان وسوريا واليمن.

- ستظل المقاومة قائمة، وعلى التحريرعازمة، رغم الظروف القاتمة، وتآمر الأنظمة الحاكمة، ومواقف قادتها الصادمة. وليحتفظ المتخاذلون، والقابضون، والمطبعون، بأساليبهم الذليلة، وأفكارهم العليلة حول عدم جدوى النضال ومقاومة الإحتلال. ولا عجب لو قيل :
إذا ضربَ الحذاءُ وجهَ مُتخاذلٍ، صاحَ الحذاءُ بأي ذنبٍ أضربُ ؟.
فطوبى لأهلِ العزم والبأس ومَن لم يَستسلمَ يوما لليأس

موسكو/ 15.04.2025








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذيرات من مواجهة نووية.. تصعيد خطير بين الهند وباكستان


.. كورسك بقبضة روسيا.. كوريا الشمالية تدخل المعركة وتغير موازين




.. واشنطن وطهران تختتمان جولة ثالثة من المفاوضات النووية في مسق


.. ارتفاع حصيلة ضحايا انفجار ميناء رجائي الإيراني إلى 14 قتيلا




.. ترمب يطلب مرور السفن الأميركية التجارية والحربية مجانا من قن