الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نحن موتى احياء في ضل تكنلوجيا العصر
محمد رياض اسماعيل
باحث
(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)
2025 / 4 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر

حياتنا عبارة عن ذاكرة، او شريط ذكريات تتجمع منذ الطفولة، نستمد منها العون في اتخاذ القرارات في جميع مناحي الحياة، نحن نموت شيئا فشيئا ولا يأتي الموت النهائي بغتة، بل يسبقه موت الأعضاء واحدة تلو الأخرى، فالإنسان بعد عمر الشباب، تقل كفاءة أعضائه، يعيش معظم الناس اول اربعينية من العمر في الحياة بكفاءة عالية معاف في جميع أعضائه الحيوية، ثم تهرم او تموت بعض خلايا نسيج الأعضاء ولا يعوض، فتقل كفاءة الاعضاء، فالعين والسمع والشم والجلد واللمس والكلى والقلب والرئة والكبد والغدد الصماء وغيرها، كما ان الذاكرة في الدماغ تضعف شيئا فشيئا وتقل كفاءتها وتختفي شريط الذكريات وتموت جزئيا، والمعلومات أيضا تتقادم في الذاكرة وتتآكل وتموت وانت على قيد الحياة، فالموت النهائي انهاء الذاكرة تماما، أي انهاء القدرة على التفكير، تعقبه موت الأعضاء تباعا. الذاكرة تموت بعد ان تضعف تدريجيا، كانسلاخ الشجرة من اوراقها في الخريف، فالإنسان لا يموت بغتة، بل يعايش الموت وهو على قيد الحياة، واقع شريط الذكريات وهم وسراب لا وجود له الا في حدود استمرارية القرارات الفردية في الحياة.
الذاكرة هي المنهل الذي يستمد منه العقل الصور الفكرية المخزنة اللازمة لصنع قراراته، وكل مخزون الذاكرة انما هي مرافقات ومتعلقات تَكَيف لها العقل بحثا عن الأمان والامن والطمأنينة والراحة والسكينة خلال مراحل حياته. والذاكرة في الماضي دائما، وتتحكم في الحاضر وتُحدَث وفق مستجدات الحاضر لتندفع نحو المستقبل وتتحكم فيه. والذاكرة هي مسيرتك الشخصية، نفسك وانانيتك في الحياة. والذاكرة تحوي معلومات عن الاحزان والتجارب وما مررت به من معاناة وهي أيضا في الماضي وهي التي تعطيك الإحساس بالاستمرارية في الحياة ببصمتك الخاصة. كل ذلك هو انا، الانا ليس منفصلا عن الذاكرة، فالذي يستمر في الحياة هي الذاكرة، أي الذي يعيش معك دائما هي الذاكرة، والذاكرة هي الماضي الذي يعطيك الشعور باستمرارية الأمان والطمأنينة في الحياة، وتخاف من كل شيء يقف حائلا امام تلك الاستمرارية مثل الموت. الذاكرة هي مركز النفس، ولها الاستمرارية لتعطيك الشعور بالأمان، فالذاكرة تجعلك ان تتقيد بشروط المجتمع والقوانين والاعراف السائدة فيه والتي توفر لك الأمن والطمأنينة. الذاكرة ترتبط بحوادث قديمة راحت وانتهت وماتت، وما كان يصلح في الماضي لن يكون بالضرورة مفيدا وموائما لمتطلبات الحاضر، إذن الذاكرة ليست الحقيقة، لأنها مجملا هي لحوادث انتهت وماتت ولم تعد قائمة، والدروس المستنبطة منها ليست بالضرورة صحيحة بل تحقق مصلحة انانية وشعورا بالأمان والسكينة الخادعة والاحساس بالاستمرار في الوجود. مثلا فقدان معلمي الملهم تبقى بالذاكرة مستمرة رغم موته بالواقع، فانا انشد الشعور بالأمان في شيء ميت وهو ليس قائماً، فلو كان معلمي يعيش أحس معه بالأمان والحماية والسعادة، لكنه مات ولازال يؤثر في الذاكرة، فلا غطاء للأمان في تلك الذكرى الا الإحساس بالاستمرارية الفردية.
ليس كل من على قيد الحياة يحيى بكامل طاقته، ففي الشباب بإمكانك حفظ المعلقات السبعة في الشعر الجاهلي في غضون ساعات، ولن تعطيك كفاءة اعضاؤك نفس القدرة في المشيب! فلماذا يجري كبار السن حول تقنيات استطالة العمر في الحياة وقد أصبح جميع اعضائه في افول ميتا حياً؟ والامر الخطير في هذا العصر هو التكنولوجيا الحديثة، تلك التي تهدد حياة الشباب والأطفال والصبايا وكفاءة أعضائهم في عمر مبكر، حيث أصبحت الكرة الأرضية تفقد صفة الحضانة الآمنة للبشر، بعد ان تلوثت التربة وتآكل الغلاف الجوي، وتلوث الماء والهواء والتلوث اللاحق بها من التكنولوجيا المعاصرة كالهواتف النقالة ومن متطلبات الذكاء الصناعي مستقبلا. فعلى نفس سياق انحدار كفاءة أعضاء كبار العمر، تؤثر المجالات المغناطيسية والكهربائية التي تتداولها الأجهزة والهواتف العصرية في أعضاء جسم الانسان وخصوصا ادمغة البشر، وتُكثِف هذه المجالات (حسب شدتها) الحديد في الدم الوارد الى الراس، وتتسبب في الجلطات المفاجئة اعتمادا على قطبية تلك المجالات وقربها من الرأس، كما اننا لا ندرك مديات ترددات المجالات التي تعمل بها الاعضاء البشرية في جسم الانسان، فإن تناغمت مع مدى الترددات الصناعية الخارجية تتعطل وتنهار عمل الاعضاء.. الاجدر بنا ان نفهم خوارزمية عمل الاعضاء اللاشبكية (الخارجة عن عمل شبكة الاعصاب الناقلة للإشارات الكهربائية في الجسم) أولا قبل الولوج الى استخدامات التكنولوجيا الحديثة. التطور الهائل والمتسارع في تكنلوجيا هذا العصر بلا ضوابط وبلا دراسات مستفيضة للتأثيرات السلبية على منظومة خوارزميات الاحياء سينهي قصة الانسان على الأرض.. ان مقالتي هي دعوة استنجاد لمراجعة أسس ومعايير الأنظمة العالمية المتحكمة في الصناعات الحديثة بكل مفاصل الحياة بضمنها تقنيات التجميل ومستحضراتها، وشد رباط التسارع لمختبرات ومراكز التحديث وإيقاف الاكتساب المادي التي تصبوا اليه تلك المراكز بوحشية معاصرة استبدلت استغلال البشر بقوة السيوف ثم المدافع ثم الأسلحة الفتاكة لقتل البشر والشجر والحجر، بسلاح اقتصادي مستغل جديد تستميل طموح ورغبات البشر وتسيل لعابها، الا وهي فوضى تكنلوجيا هذا العصر انف الذكر. انا لا ادعوا الى ترك القطارات والسيارات التي كانت تنفث السموم في عوادمها الى الفضاء والاستعاضة عنها بركوب الحمير والبغال، بل ادعوا الى الصبر، لدراسة مخاطر السموم ومعالجتها قبل إجازة استخدامها والتي جاءت للأسف في الواقع بعد عقود طويلة من الزمن لتصبح امنة الاستخدام، وفعلت ما فعلت من دمار على خوارزمية الوجود في فترة التطبيق لازلنا نبحث فيها عن حلول مستعصية لترقيعها، لان إجازة تجارب استخدام هكذا تكنلوجيا وسوقها من اجل الكسب المادي تُحمل حياة الانسان على الأرض عواقب وخيمة لا تحمد عقباها، وحري بنا ان نبحث عن نظام ينطلق من فهم الانسان لنفسه ويقدس وجوده، وينبذ الاستغلال المقيت الذي يظهر في كل عصر بحلة جديدة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شاهد | دمار إثر المعارك في الخرطوم وأم درمان

.. لحظة قصف منزل لعائلة حرارة في حي التفاح بمدينة غزة

.. باكستان ترحل 100 ألف أفغاني نصفهم من الأطفال خلال 3 أسابيع

.. العالم الليلة | هيغسيث يُسرّب أسرار الحوثيين لزوجته وشقيقه..

.. خارج الصندوق| حماس تطرح حلاً جديدًا للهدنة في غزة.. وغليان ف
