الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الردة الحضارية قادمة - فما مستقبل النساء ؟ 1-2

صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي

(Salah El Din Mohssein‏)

2025 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


من مدونتي 13-4-2025

هل الوقت صار متأخر للحيلولة دون حدوث ردة حضارية , في دول العالم الأول - بدول الغرب بالتحديد - ؟
بوادر الانتكاسة الحضارية ظهرت جليّة ...
(اليمين المتطرف يتصاعد في أوروبا ,مثلما صعد بالفعل في أمريكا - مؤخراً - وهذا بيناه في مقالنا " اليسار الضال في خدمة اليمين المتطرف ج 2-2 " )

فتري : هل المرأة سوف تدفع الثمن ؟ , وستعود كما كانت في العصور الوسطى : دجاجة تبيض ,او معزة  او نعجة تحبل وتلد ..
و تنصاع لقفز التيوس والكباش فوقها .. ! / وغير ذلك, مما هو أسوأ .. !

ان من يسعي لإعادة المرأة لذلك الوضع , ليس مجرد صوت فردي , ولا هو محلي .. بل هي أصوات من مغارب حتي مشارق
الكرة الأرضية . يمكننا القول انه تيار عالمي ! - كما سنبين فيما بعد -   أصوات تطالب باجبار النساء إجبارا علي الانجاب ..
  و ولادة عدد معين . إلزاماً . وفرض عقوبات , بعضها شديد الصرامة, علي المرأة  المتقاعسة أو المخالفة . - 

من هؤلاء , من خص المرأة بالذات بالعقوبة في حالة عدم الانجاب  , ومنهم من امتدت عقوباته حتي وصلت للرجل الذي
لا يتزوج وينجب . !!

فكيف ستكون نوعية الأطفال الذين يولدون لأمهات وأباء جُبِروا جبرا علي الإنجاب ! بدون رغبة .. !
أليس الصواب في أن يكون الإنجاب بالتحبيب والترغيب والتحفيز - عند من يعقلون - وليس بالفرض والإكراه ؟ ..

الأمومة بالذات = حب , عطاء , حنان ,, أمل ( أمل في أن تري الأم , البذرة التي بين يديها - طفلها الوليد - , قد صارت نخلة .. أوشجرة سامقة عظيمة الأفرع , جميلة الأغصان و طيبة الثمار .. 

عندما أتأمل سلوك أية أٌمّ من الأمهات  مع صغيرها أو صغيرتها ,, - بأي مكان عام , أو خاص -.. فإنني أُوقِن بأن الأمومة صناعة .. و زراعة .. و كلما كانت الهواية والحب والعطاء والحنان
- الينبوعية الفطرية - متوفرة .. كلما حصلنا علي نشء رائع من الأجيال ..

( منذ عامين فقط .. توقفت عن زراعة البلكونة الواسعة التابعة لشقتي السكنية .. بعدما اعتدت لسنوات .. علي زراعتها بالزهور وبعض أنواع الخضروات والفاكهة .. و سبب توقفي : الشيخوخة وأمراضها ..
لم يتركان بداخلي حافزا , وليس لأن عائد الثمار لم يكن يساوي الجهد المبذول في غرس و رعاية مزروعاتي ,,  فقد كنت استمتع برؤية الزهور عندما تتفتح وتكبر , وبرؤية الثمار عندما تكبر وتكبر حتي
يكتمل نموها و تصير جميلة حلوة و شهية.. و لم تكن تهمني الكمية .. 

و أغلب زواري , كانت تسعدهم رؤية ثمار وزهور في البلكونة  , وكنت أتلقى أثناء رعاية زراعاتي تلك ,  تلويحات اعجاب وابتسامات من بعض جاراتي وجيراني ممن لا يزرعون شرفات مساكنهم ) 

هكذا الامومة بالذات - والأبوة أيضاً : هواية وحب وحنان وعطاء فطري تلقائي .. وبئس الثمار لو جعلناها بأوامر حكومية بيروقراطية غبية  قانونية و الزامية .. !! .

كنت سنوياً ..أشتري لوازم الزراعة في شرفة مسكني , علي نفقتي الخاصة . كلما راح الشتاء والثلج , وجاء الربيع . 

والآن بلدية الحي الذي أتبعه - في مونتريال - , يصلنا منها خطاب في مثل هذا الشهر - ابريل/ نيسان - عن استعدادها لتزويد الراغبين في زراعة شرفات منازلهم أو الحدائق الصغيرة للفيلات
- المساكن الخاصة - بالأصص والتربة والشتلات - مجاناً ... 

لكن المهم : أن نجد بدواخلنا : الهواية , والشغف والحب والعطاء بالمجهود , لرعاية النمو والتفتح و الإزهار والإثمار 

.. تلك الأشياء الموجودة في فطرة قلوب الأمهات ,, ولا يجوز اقحامها عنوة , ولا بقانون .. 

الزمن يسير .. وأحيانا يركض ركضا ! ولكن يوجد نوع من البشر .. يتوقفون عند وقتٍ معين , بينما الزمن يمضي .. !
منذ عشرين سنة عام 2005 . قلت في كتابي " هل تسقط حضارة غزو الفضاء -الكتاب الثلجي - " ان من مظاهر بدء سقوط الحضارة الحديثة - في الغرب -
, عزوف النساء - وعدم اهتمام الرجال - عن الانجاب  بفعل الترف الحضاري . الذي يشغل ويلهي - ويُغنِي - عن الإنجاب , اللازم لأجل حفظ النوع البشري
من الانقراض .واللازم لتوفير الأيدي العاملة للاعمال والأشغال . 

في ذاك الوقت لو تم العمل علي تشجيع النساء - في دول الحضارة الغربية ( التي تخرج منها غالبية مستجدات الحضارة الحديثة التي تلزم البشر في كل مكان - قبل صعود الصين وتألقها )
لكان خيرا وتوقيتا معقولا ..

منذ عشرين سنة وأكثر كان الانجاب ضرورة لنساء شعوب العالم الأول المتحضر .. ولا نعني وقف الهجرة أو اللجؤ - غير العشوائيين - بل تكون لها حسابات وضوابط . لمنع سقوط الحضارة بعد تلاحمها مع بلاد وشعوب العالم الثالث الناقلة معها كل آفات
التخلف - ولا يلقي المهاجرون واللاجئون , ما يكفي لتوعيتهم والارتقاء بهم لمستوى شعوب العالم الأول - , مما يدفع إلى ردة حضارية انسانية شاملة ....

لكن هل اختلف الحال الآن بعد مضي عشرين سنة أو أكثر , منذ نشرت كتابي - المشار اليه ؟

في الحقيقة اختلفت الأحوال .. ولكن هناك من هم مازالوا متوقفين بتفكيرهم - كما نرى - عند , ما قبل عشرين سنة مضت . 
وهؤلاء بالطبع هم اليمين المتطرف ( ما كتبنا عنهم مقال سابق).

اختلف الحال يا سادة يا كرام
فالغد القريب جدا لن يحتاج لكثرة مواليد .. كلا ,, فالمشكلة قد اختلفت في دول العالم الأول ,,
و مشكلة جديدة جَدّت وحلّت محلها !,, بدأت بالفعل , وسوف تصل لذروتها في أقل عدد من السنوات القادمة

المشكلة : ان عصر شيوع وانتشار الاعتماد على الآلة , ثم دخول الذكاء الاصطناعي , لن يجعل ثمة أزمة في الأيادي العاملة , بل العكس ,,  الأزمة في فرص العمل غير الكافية  - ندرة الوظائف والاشغال - ..
إذ ستكون احتياجات الأعمال في العالم حوالي 20% فقط من القوى العاملة  ,, والآلة سوف تقوم باللازم , بأفضل وأدق وأسرع وأغزر مما يفعل البشر !

من منكم الآن يحتاج للدخول لمراجعة موظفي البنك لسداد فواتير أو لصرف نقود ؟ سوي كل عدة شهور ! 
ربما مرة واحدة أو مرتين في السنة !

والآلة تقوم معكم بدور الموظفين .. !
وهكذا الحال إلى حد ليس  بقليل في محلات البيع .. قلما يحتاج المشترون للبائع أو للكاشير .
آلات الدفع بالكارد موجودة بكثرة . وقَلّ عدد الكاشيرات -وسوف يختفون - أو سيقل عددهم أكثر ليبلغ 20% ,
و80% ماكينات للسداد الآلي  وهكذا حال  أعمال كثيرة 

ومؤخراً صارت الحروب - أحدثها - لا تحتاج إلى سيوف ولا بنادق يحملها أفراد من البشر المحاربين ,لا وقل الاحتياج للطائرات الحربية والصواريخ - عما كانت من قبل - ،
. بل أسرعها وانجحها  بطائرات - آلية - بدون طيار بشري - فإن سقطت فلن يكون فيها طيار , يعدمه الاعداء حرقاً - كما فعلت داعش بالطيار الأردني - الكساسبة - .

وسوف تنشأ تشاريع وقوانين جديدة .. لتحول دون ظهور أمراض البطالة : النفسية والجسدية , وادمان المسكرات , والعنف العائلي , وارتفاع مستوى الجريمة - ستنشأ قوانين وأنظمة لحماية الشعوب من أخطار البطالة ..
( كما قلنا في مقالنا القديم " وداعا بروليتاريا , ومرحبا آلة-تاريا " المنشور - حلقة أولى عام 2015 , ثم تلتها حلقة ثانية = انظر الهامش في نهاية الصفحة *

أي ان المشكلة - نكرر : لن تكون قلة المواليد بدول العالم الأول , بل يكفي أن تلد النساء , ما يحافظ علي بقاء النوع البشري وعدم انقراضه ..
هذا ما أقوله الآن , بعد عشرين عاما , مما قلته من قبل في كتابي سابق الاشارة اليه .. لأن الحياة قد تغيرت .

لكن يوجد من غفلوا عن سير الزمن , ويطالبوا بعودة النساء لعصر الحريم والحرملك  وحصر دور المرأة في وظيفة التناسل والتَبعُّل , وخدمة الرجل .. !

 -----
في الجزء التالي من هذا المقال .. سوف نستعرض الكثير مما هو مهم في تلك القضية , فحديثنا فيها لم ينته بعد . 

--
هامش * :
( مقالنا : " وداعاً بروليتاريا .. مرحبا آلة- تاريا   1-2 " . المنشورعام 2015 ) :
https://salah48freedom.blogspot.com/2015/04/blog-post_53.html

https://pulpit.alwatanvoice.com/content/-print-/364746.html

وأعيد نشره عام 2017 :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=555426

والجزء الثاني من نفس المقال " وداعاً بروليتاريا .. مرحبا آلة- تاريا  2-2  " نُشِر 2017 : 
https://salah48freedom.blogspot.com/2017/10/2-bye-proletariat-hi-machine-tariat-2.html
وأعيد نشره عام 2023 :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=791307
--------------

وحتى نلتقي في الجزء الثاني من هذا المقال - تحية وسلام .
==========








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب قد يأمر الجيش الأميركي بتوجيه ضربة ثانية ضد إيران في ه


.. إسرائيل تقرر إرسال وفد التفاوض إلى الدوحة لبحث اتفاق وقف إطل




.. فيضانات في تكساس تسفر عن عشرات القتلى والمفقودين


.. السياسي الليبي أحمد قذاف الدم: اختلفت مع -القذافي- على طريقة




.. -حرب أهلية- بين النخب.. ترمب وماسك على حافة الانفجار