الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يفكر الفلسطينيون داخل إسرائيل

سالم جبران

2007 / 1 / 21
القضية الفلسطينية


كيف يفكر الفلسطينيون، المواطنون
في إسرائيل، حول حالتهم وحول المستقبل؟
الأقلية العربية الفلسطينية التي بقيت في أعقاب حرب 1948، في مدنها وقراها، داخل إسرائيل، صارعت وتصارع ضد مختلف أشكال القمع والاقتلاع والتهميش ومحاولات مسْخ الهوية القومية والثقافية ومسْخ التاريخ.
ولكن هذا هو جزء من الحقيقة، والجزء الآخر، هو النجاح في حماية الهوية وبناء الشخصية القومية والثقافية والسياسية وتطوير حياة أدبية ثقافية ومسرحية وفنية. كما قامت عند هذه الأقلية القومية أحزاب سياسية وصحف.
وتتميز الأقلية الفلسطينية بأنها شابة (72 بالمائة تحت الثلاثين!) مقارنة مع كل مجموعة سكانية في العالم.
ورغم كل الغضب القومي والاجتماعي من التمييز والتهميش، فإن الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل تمارس حرية التعبير كحق مكتسب وتمارس النضال السياسي والجماهيري المشروع ضد كل ظلم وكل حيف.
مؤخراً، أجرى "مركز يافا للاستطلاعات" الموجود في مدينة الناصرة، ويرأسه الباحث العربي الدكتور عاص أطرش، استطلاعاً بطلب من جامعة تل أبيب حول اتجاهات الرأي والتفكير عند العرب في إسرائيل، وكانت النتائج مثيرة وتعكس تعددية واسعة وصراعات حادة بين العرب.
من نتائج هذا الاستطلاع الهام:
*9,4 بالمائة يؤيدون إقامة دولة ثنائية القومية.
* 25,5 بالمائة يؤيدون مبدأ "دولتان لشعبين- فلسطين وإسرائيل" ويقبلون بإسرائيل "دولة يهودية وديمقراطية بمواصفاتها الراهنة".
* 38,7 بالمائة يريدون أن تكون دولة إسرائيل دولة كل مواطنيها، من حيث المساواة.
* 60 بالمائة قالوا إنهم ينوون المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وقال الدكتور إيلي ريخس من قسم الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب،إن 83,3 بالمائة بأشكال مختلفة ومستويات متفاوتة يؤيدون حل النزاع القومي على أساس دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل المستقلة، وهذا ينسف المقولات المتطرفة اليهودية التي تعتبر العرب في إسرائيل معادين للدولة".
ومن النتائج المثيرة التي كشف عنها هذا الاستطلاع:
*8 بالمائة فقط من الجماهير العربية في إسرائيل يعتقدون أن "لجنة المتابعة العربية" تمثل الجماهير العربية. بينما 68 بالمائة يريدون انتخاباً مباشراً للجنة المتابعة.
*23 بالمائة قالوا إنهم يؤيدون "الحركة الإسلامية " وحصلت القائمة العربية الموحدة " على 16,2 بالمائة، وحصلت الجبهة(الحزب الشيوعي) على 15,6 بالمائة، والتجمع برئاسة عزمي بشارة على 14,8 بالمائة بينما حصل حزب "العمل" على 8 بالمائة وحزب "ميرتس" على 3 بالمائة.
وكان طبيعياً أن 75 بالمائة ممن جرى استطلاع آرائهم قالوا إنهم يحسون بالتمييز القومي والاجتماعي العنيف، في المجالات المختلفة للحياة الاقتصادية والتجارية والوظيفية. وقال 16,3 بالمائة إن النضال ضد كل أشكال الظلم والتمييز القومي يجب أن يكون من خلال القانون والضغط السياسي على الحكومة والنضال البرلماني والنضال الجماهيري بما في ذلك من خلال محكمة العدل العليا.
وقال 28,2 بالمائة إن العلاقات بين اليهود والعرب تدهورت في العقد الأخير، نتيجة تفاقم النزاع القومي المسلح بين إسرائيل والفلسطينيين، وأيضاً بسبب تنامي العنصرية الترانسفيرية في المجتمع اليهودي. وقال 87 بالمائة إنه يجب العمل على تحسين العلاقات بين اليهود والعرب على أساس المساواة والاحترام المتبادل واحترام الخصوصية القومية والثقافية واللغوية للشعبين.
ليس هناك شك بأن وضع الأقلية العربية الفلسطينية داخل إسرائيل بالغ التعقيد، فنحن جزء لا يتجزأ من الشعب العربي الفلسطيني بينما الدولة التي نعيش فيها في حالة حرب حادة جداً مع شعبنا الفلسطيني ومع بقية الشعوب العربية. كذلك تحس الأقلية العربية إحساساً حاداً كالسكين، فنحن سكان البلاد، خلال عصور طويلة، وتتعامل معنا المؤسسة الحاكمة، كما لو كنا "غرباء" أو "سكانا مؤقتين" والمهاجرون الجدد المتطرفون أمثال الوزير أفيغدور ليبرمان(مهاجر إلى إسرائيل من روسيا) لا يكفون عن النعيق بضرورة ترحيل الفلسطينيين لكي تصير إسرائيل "دولة يهودية نقية"!!
وفي مجال التمثيل السياسي والأعمال والوظائف تعاني الأقلية الفلسطينية من التهميش المنهجي المقصود، ولذلك فإن العربي في إسرائيل يحس إحساساً عميقاً بأنه "محكوم" لا "مشارك" وأن الديمقراطية الإسرائيلية الواسعة جداً لليهود هي ديمقراطية ضيقة جداً ومشوهة وهشَّة للعرب.
بشكل عام، يمكن القول إن الأقلية الفلسطينية التي كانت 160 ألفاً عام 1948 صارت مليوناً وربع المليون في نهاية سنة 2006، كما تغيرت البنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وصارت فيها طبقة وسطى وطبقة تجارية وطواقم واسعة من الأطباء الممتازين المتخصصين والمحامين والقضاة وأصحاب الشركات الاقتصادية (خصوصاً في مجال البناء)، كما قفزت مكانة المرأة قفزة هامة إلى الأمام، من حيث التعليم الثانوي والجامعي، وأيضاً من حيث العمل. تحولنا من مجتمع قروي زراعي إلى مجتمع عصري ديناميكي يموج بالحيوية السياسية.
وبشكل عام، فإن المجتمع العربي الفلسطيني داخل إسرائيل يصارع طول الوقت ضد السياسة الحكومية بكل ممارساتها الخانقة، ويصارع أيضاً ضد الركود الداخلي والمحافظة الاجتماعية للانتقال إلى مجتمع عصري سياسياً وثقافياً ومهنياً واجتماعياً، كما أصبح مُسَيَّساً، حساساً ضد الظلم ومناضلاً ضد كل ظلم وفي سبيل تحقيق حقوقه.
خلال سنوات طويلة جداً كان هناك تعتيم كامل في العالم العربي حول الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل، وكان أول من "اكتشف" العرب، داخل إسرائيل، الكاتب الشهيد غسان كنفاني عندما أصدر في بيروت في أواخر الستينات من القرن الماضي كتاباً وثائقياً حول "أدب المقاومة داخل فلسطين المحتلة" (داخل إسرائيل). وفقط بعد حرب 1967، بدأت العلاقات الوثيقة بين الفلسطينيين داخل إسرائيل مع الفلسطينيين في الضفة والقطاع، ومع المثقفين والمبدعين في الدول العربية.
اليوم، تعيش الأقلية الفلسطينية داخل إسرائيل وقد كسرت الحصار وأسقطت التعتيم المطلق، وهي تتابع بقوة وبنشاط كل ما يجري في العالم العربي، بالإضافة إلى المشاركة النشيطة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية داخل إسرائيل. ويتفاعل العرب في إسرائيل تفاعلاً كاملاً مع النضال القومي الاستقلالي للشعب الفلسطيني بالإضافة إلى نضالهم السياسي والقومي والمدني دفاعاً عن حقوقهم ومستقبلهم على أرضهم، داخل دولة إسرائيل.
ولعل هذا الاستطلاع الأخير يكشف بصورة موضوعية الحيوية السياسية والاجتماعية والثقافية لمليون وربع المليون من الفلسطينيين الذين تشبثوا بالأرض وظلوا مكانهم، مع أنه تغير اسم المكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24