الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحمة بأبناء الوطن

أسبوعية المشعل المغربية

2007 / 1 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تميز الأسبوع الذي ودعناه بحدث فريد عرفته مملكتنا السعيدة، وهو نزوح 35 شابا من قرية عين الشعير بإقليم فجيج، تتراوح أعمارهم بين ستة عشر و35 سنة، نحو التراب الجزائري طالبين اللجوء السياسي.
سلوك كهذا، بغض النظر عن بعده السياسي والقراءات المتعددة التي يمكن أن تؤول، حسب المواقع والمناطق، يطرح أكثر من علامة استفهام.
فأن يتجرأ بعض الشبان من قرية مهمشة للتمرد على الوطن، واختيار وطن بديل، يعد في مخيلتنا الشعبية عدوا، ليكون الأم الحاضنة، يحمل أكثر من دلالة، فهل وصل قهر الوطن لدى البعض إلى حد التخلي عنه واختيار وطن آخر يعزف على كل الأوتار وبمختلف النوتات لاستفزازنا؟ ألهذه الدرجة أصبح وطننا قاسيا، حتى نتركه ونطلب حماية بلد جار، لازال هو أيضا يصارع من أجل حماية أبنائه؟
هل كان الهاربون من جحيم الوطن، يعتقدون أنهم قاصدون "جنة" الجزائر، أم أنها فقط عملية تمويهية لاستفزاز مشاعر المسؤولين، كي يعيدوا النظر في منطقتهم المنسية؟
سواء هذا أو ذاك، هل كانت خطتهم ناجحة، أم أنهم أساؤوا للوطن، قبل أن يسيئوا لأنفسهم؟
مهما تعددت الأسئلة، وكيفما جاءت الأجوبة، أعتقد، شخصيا، أن إخواننا الذين فضلوا الرحيل من قرية عين الشعير بإقليم فجيج المهمش، المنسي، نحو الجزائر، قد ظلوا طريق الصواب، وانساقوا وراء عواطفهم عوض استحضار الجانب العقلاني.
بالتأكيد، إن منطقتهم محرومة من كل شيء، حيث حسب مصدرنا، فالمنطقة تعرف غيابا تاما لأية مصلحة إدارية أو ممثل للسلطة، ذلك أن السكان يضطرون إلى التنقل إلى جماعة بوعنان لإنجاز أبسط الوثائق، في وقت يكثر فيه الحديث عن تقريب الإدارة من المواطنين، وأيضا البطالة متفشية بشكل كبير وسط الشباب المعطل، والمنطقة تعرف انعداما تاما لدور الترفيه، فلا وجود لأي دار للشباب، كذلك تعاني المنطقة من مشكل الإنارة، ونقص الماء الصالح للشرب، وعدم تعويض السكان على إثر فيضانات الصيف الماضي إسوة بمناطق أخرى، زيادة على المشكل الذي فجر الغضب وهو المتعلق بالأراضي السلالية التي يتشبث سكان عين الشعير بملكيتها بعد صدور الحكم لصالحهم... فهاته المشاكل وغيرها مع استحضار ولو جزء بسيط من الحكمة، قد نجدها مماثلة في أغلب مناطق ما يسمى بالمغرب غير النافع، ونحن من خلال منبرنا هذا الذي بين أيديكم، أشرنا إلى هاته المشاكل أكثر من مرة، ونبهنا المسؤولين لخطورتها، ونقلنا همومكم، وهموم مناطق أخرى إلى الرأي العام الوطني، وكان هدفنا هو أن تناضلوا من قلب الوطن، لتحقيق ما تصبون إليه لتنمية هذا البلد كما يناضل مواطنون آخرون في مناطق أخرى، فالمغرب في أمس الحاجة لكل أبنائه رغم أنف المسؤولين، لأن الوطن يسكننا كما نسكنه، فلا يعقل أن نتركه، مهما كانت القراءات، لهذا كنت أتمنى من إخواننا الفارين من جحيم الوطن، أن يناضلوا بكل ما أوتوا من أجل أن يصنعوا من منطقتهم "جنة" للأجيال القادمة، صحيح أن الأمور معقدة، وأن سكان المنطقة يؤدون ثمن أخطاء ليس لهم ذنب في اقترافها، وأن زمن التهميش قد طال، لكن ليس هذا أبدا، مبررا للردة على وطن لنا الحق فيه بقوة القانون والتاريخ والجغرافيا، وإذا كان الصبر قد نفد كما جاء في تصريحات أحد سكان المنطقة، فما قولك في صبر من خبر المعتقلات والتعذيب والظلم حتى الموت، ومع ذلك لم يطلق الوطن، بل آمن به حتى بتنا نرى الآن بعض القبس من نور المستقبل.
مهما يكن، فأنا لا أدين أحدا، وإنما أعبر عن وجهة نظري الخاصة التي قد لا يتفق معها العديدون، لكن ما يجب أن نتفق عليه هو ألا تعتمد الدولة على المقاربة الأمنية وأن تبتعد عن سلوك الانتقام، وتأخذ العبرة من مثل هذه الأحداث، وتنهج سبل المقاربة الشمولية لمعالجة الوضع المتردي سواء بإقليم فجيج أو في مناطق أخرى مهمشة، وما أكثرها، وتنكب على حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وقد علمتنا دروس التربية المستقاة من تربة هذا الوطن حكمة أصيلة مفادها، "إذا قسى أحيانا قلب الأبناء، فصدر الأم يظل دائما رحيما"، فرحمة بأبناء الوطن يا مالكي مفاتيح سلطة هذا الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة


.. الشرطة الفرنسية تحاصر مؤيدين لفلسطين في جامعة السوربون




.. الخارجية الروسية: أي جنود فرنسيين يتم إرسالهم لأوكرانيا سنعت