الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مايكرفون طبيعي للغاية

بريهان قمق

2007 / 1 / 23
الطب , والعلوم


المايكرفون التلفزيوني ذاك الذي يعلق على طرف قميصي بات جزء طبيعيا من حياتي ، حتى وإن أمسكت المحمول اثناء اللقاءات التلفزيونية الخارجية الطارئة فانني على الدوام كنت أحسه وقد تانسن معي بحميمية ..هذا بعكس الشعور القلق الذي يعتريني للوهلة الأولى عند مواجهة مايكرفون الاذاعة رغم مرور عقود من الزمن في التعامل معه ،حتى انني أتحاشى النظر اليه كي لا يسبب تحديقه بي فزعا..ومن ثم وبعد مرور لحظات ثقيلة يعاود نهر الألفة مجراه بيننا .
حقيقة ان المايكروفونات باتت اليوم أكثر أنسنة وألفة من خلال هذه القفزات المدهشة في تطور المجالات السمعية ووسائل الاتصال ، إلا انه بعد ما زال سيد الاستوديو المستبد بعكس ما هو حاصل في عالم المسرح والتلفزيون وحتى السينما ذلك ان المايكرفونات هنالك تداخلت مع تقنيات أخرى فشكلت مجموعات قللت من تاثير سطوتها وساهمت في خلق بيئة اكثر ابداعا وتواصلا مع المتلقي ..!
عند الحديث عن المايكرفون التقليدي استذكر الخبرات الانسانية المذهلة لفنييّ الصوت، لما يتمتعون به من خصائص فوق عادية من حيث الحساسية والرهافة في التعاطي مع الموجات الصوتية التي تلتقطها أذن الانسان العادي. أذكر على سبيل المثال الراحل "ابو توني " الأشهر اردنيا حيث كان يكتشف ارتفاع نبضات القلب أو حركة عظمة الجمجمة قبل ان ينتبه لها الجالس قبالة المايك ، بل اذكر حركة عينيه المرتبطتين بأذنية عند حدوث همهمة تحت السمعية ولكنه وحده كانت بالنسبة اليه سمعية ..!
كل هذا بات اليوم متوفرا وبما يزيد عبر اجهزة شديدة الحساسية والدقة ، وقد حدثث ثورة حقيقية سواء في طرق التعامل أو صناعة الأجهزة السمعية والمايكروفونات بناء على التقدم التقني الهائل الحاصل اليوم في تقنيات وسائل الاتصال ، فقد بات الجيل الجديد من الهواتف النقالة مثلا قادرا على أن يفي بدور المايكرفون لنقل لقاء ما في أي مكان على سطح الكرة الأرضية وعلى الهواء مباشرة بالاستفادة من تقنية الأقمار الاصطناعية كوسيط وناقل ، وعلى درجة عالية من الفنية ونقاء الصوت وإن كانت لن ترضي فنيّ الصوت الذين اختبرت حرفيتهم وحساسية آذانهم فوق البشرية..
إن كان الأمر يسير باتجاه الاكمل بهذه الصورة فلابد من السؤال هل الوسيلة التقنية جزء من المساحات الإنسانية أم انها تضعف حواسه وتقلل من امكاناته البشرية على حساب الارتقاء بالنتيجة العامة..؟؟
هو سؤال الانسان وهاجس السير صوب الأكمل وهذا مشروع بالطبع لطالما انه يحسن توظف طاقات الحياة ،إلا أنها بالنسبة لبعض الحشرات التي تثير الدهشة مسألة حياة أو موت. وهذا ما يعمل عليه العلماء الذين يدرسون جهاز سمعها بغية نقل الانسان بوسائل مساعدة الى كشف مناطق ومساحات صوتية جديدة ما كان له الوصول اليها بامكاناته البشرية العادية او حتى الاجهزة التقليدية السابقة ..
من الممتع اكتشاف امكانات لدىالجرادة مثلا ولا نمتلكها نحن البشر ، هذه الجرادة التي لم تكن يوما صديقة الانسان او لم تمتلك سحر التغلغل في نصوصه وإبداعاته الأدبية والفنية الا عبر توظيفها كرمز سلبي في الغالب الأعم ، الا انها تحمل الينا أسرارها تلك التي تدفعنا للتغلغل في اماكن قصية لذبذبات لامرئية ولكنها تتداخل موجاتها بوعينا الحالي .. ففي أذنيها مثلا ، أغشية رقيقة للغاية ومتنوعة، وتندرج سماكة الغشاء بين نقاط عدة ولكن بمستويات متباينة ، والذي يعني امتلاكها مرونة هائلة في التعامل مع الأصوات التي تتلقاها بغض النظر عن أطوال موجاتها او قصرها ، كما تبين ان الغشاء يدور على محوره عند سماع الأصوات النفاذة والصاخبة بدرجة نانومترية أي ما يعادل واحدا الى 80 ألفا من مقطع شعرة الآدمي..!!!
وعند تغير مستويات الصوت في الطبيعة ، يؤدي الى تغير أشكال الاستجابة وتغير آليات عمل جهازها السمعي ...
وبذلك تصير الجرادة إجابة لسؤال الانسان السمعي وهدفا استراتيجيا في مجالات تطوير صناعات الأجهزة السمعية العالية المستوى والتي تعني انه عمّا قريب سوف يتمكن العلماء من تطوير مايكروفون يعتمد على وظائف السمع الطبيعي التي تستطيع تحري أدق الأصوات وتحليل تردداتها وهو ما لا تستطيع المايكروفونات الحالية القيام به.
وهذا المايكرفون المتوقع قريبا ان يرى النور سيستفيد ايضا من تلك الدراسات التي تُجرى حاليا على قرون الاستشعار للبعوض المكونة من حوالي خمس عشرة الف خلية حساسة أي نفس عدد خلايا أذن الانسان ، إلاّ ان البعوضة تولد اهتزازات خاصة بها لتضخم الأصوات القادمة وتحسين مستوى حساسية جهاز سمعها، والتي تتوقف عن العمل اتوماتيكيا لما تصلها بشكل مناسب لها . أي ثمة تحكم تلقائي على درجة مذهلة ..
هذه التقنيات الطبيعية التلقائية سواء في البعوض أو الجراد في مجالات استقبال الاصوات والتي لم تندرج يوما في علاقات الانسان الممتعة او المسلية ، لكنها ستصير عظيمة بما ستفتحه من آفاق للعاملين في حقول الاعلام والسينما والدراما والمسرح وأيضا وهذا المهم بما ستقدمه من تحسين لواقع ذوي الاحتياجات الخاصة لتطوير المجسات الدقيقة القادرة على العمل في بيئة صوتية خاصة والتقاط أصوات نانومترية بذبذبات مناسبة لصوت وسمع الانسان ،ماكان له التقاطها بالحالات العادية ،والذي يعني كشفا مذهلا لمساحات في حياة الانسان تعيشنا بالتوازي ولم نكن نتوصل اليها سابقا ..
حقا الانسان بعد ، مايزال سؤالا مهما في الحياة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تتدخل لإخراج ناشطين مؤيدين للفلسطينيين من مع


.. مراسل العربية: الشرطة الفرنسية بدأت دخول معهد العلوم السياسي




.. مراسل العربية: بدء خروج الطلاب المحتجين من معهد العلوم السيا


.. إسرائيل تعتزم بناء قبة إلكترونية لمواجهة الهجمات عبر الإنترن




.. LBCI News(02-05-2024)- التطور التكنولوجي يمنح إختصاصات جديدة