الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أين لك أربعة مليارات دولار، يا سماحة الشيخ؟!

سالم جبران

2007 / 1 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


نشرت الصحف صباح الثلاثاء (23/كانون ثاني)، وهو يوم الإضراب العام الذي أعلنته "المعارضة" بقيادة حزب الله، في لبنان ، أن الشيخ حسن نصرالله قال إن تكاليف حرب تموز الماضي مع إسرائيل بلغت أكثر من أربعة مليارات دولار. وقال الشيخ السخي إنه مستعد أن يدفع كل هذه التكاليف!
إن الصحف التي نشرت ذلك ليست الصحف المناهضة لحزب الله وبرنامجه الأصولي، بل الصحف المؤيدة لحسن نصرالله. بمعنى آخر، فلم يكن النشر إفتراء، بل افتخاراً بأريحية رئيس حزب الله!
من حق كل مواطن لبناني، وكل مواطن عربي، وكل محب للبنان أن يسأل حسن نصرالله: من أين لك هذا؟ لو كان المبلغ قليلاً ومتواضعاً لقلنا وفَره سماحته في الأيام البيضاء لاستخدامه في الأيام السوداء. ولكن هل يُعقل أنَّ حسن نصرالله (وكل حزبه معه) وفر أربعة مليارات من الدولارات؟!!
لا شك أن حسن نصرالله أخذ المبلغ من مصدر ما. أما سورية، فهي في وضع اقتصادي صعب لا نعتقد أن سورية معه، مستعدة أن تعطي أربعة مليارات دولار لحزب الله. سورية تحتاج إلى مَن يعطيها، وليس هذا سراً خافياً على أحد.
بقي تفسير آخر، وهو أن حزب الله أخذ هذا المبلغ من ايران، التي تهدر كل ثرواتها من النفط في مغامرات سياسية وعسكرية جنونية، في لبنان، وفي العراق، وفي أماكن أخرى. كما أن نصرالله لا ينكر أنه يريد أن يطرح تحدياً سياسياً انقلابياً ضد كل الأنظمة العربية التي يسميها، بالتلميح، عميلة للشيطان الأمريكي، مثل مصر والسعودية والأردن والمغرب وتونس ودول الخليج. هناك من يفسر حقد نصرالله على هذه الدول بأنه تصفية ثارات "شيعية" ضد "السُنة"، ولكننا نعتقد أنه حقد سياسي، لأن نصرالله، أصلاً، ليس حريصاً على المصالح الشيعية الحقيقية.
في الأسبوع الماضي أطلق حسن نصرالله تصريحات، من مخبأه، مثيرة للاهتمام والتفكير. قال مخاطباً إسرائيل: إذا عقدتم صلحاً مع سورية، فإن هذا سيكون مقدمة لحل كل المعضلات في المنطقة، وسيكون من غير الصعب حل المشكلة بين لبنان وإسرائيل.
هكذا، إذن، يا شيخ؟ أليس هذا تأكيداً صارخاً، أنك تابع للنظام البعثي العلوي السوري؟ ثم هل هناك حاجة إلى البرهنة أن حزب الله مسيَّر لا مخيَّر، في خدمة النظام الايراني؟
إن ايران سعيدة جداً، بأن حزب الله قدَّم لها موطيء قَدَم في المنطقة العربية، ولأول مرة، هناك أوساط "قومية" و"إسلامية" راديكالية تمجد حسن نصرالله وتمجد أيضاً ايران، بينما تكيل الشتائم للنظام العربي العام.
العالم العربي الآن يواجه عدّة محاور خطيرة: التحدي الإسرائيلي، التغلغل الأمريكي اقتصادياً وعسكرياً، والمخطط الايراني الشرس لتقسيم العراق، تمهيداً لابتلاعه أو ابتلاع جزء كبير منه، وكذلك إلحاق العالم العربي شريكاً ثانوياً في "المحور الايراني".
ايران تحاول أن تخلق بؤرة رعب للغرب تضم ايران والمناطق العربية والإسلام الأصولي الراديكالي في الشرق.
ايران تريد أن تصير"دولة عظمى" على خرائب القومية العربية ، وعلى حطام العالم العربي المفكك. وحزب الله، برئاسة سماحة الشيخ، ليس قومياً، بل ايرانياً، ليس مناضلاً لتحقيق المصالح القومية العربية(فلسطين وغيرها) بل هو"مناضل" في خدمة المشروع الايراني.
ما يضحكنا، حتى البكاء، هو التالي: كيف لا يرى من يمجدون صدام حسين ونظامه البائد، تناقضاً صارخاً بين هذا، وبين الهوس الأصولي في عشق ايران، ألم يكن صدام حسين هو الذي قاتل ايران أكثر من عشر سنوات، لصد المطامع الايرانية؟ أم أننا شعوب تنساق عاطفياً بدون رؤية سياسية أو اجتماعية، وبدون منطق معقول يربط بين المواقف المختلفة التي تأخذها ؟
نعود إلى حزب الله، والمعضلة اللبنانية. إن حزب الله هو حزب سياسي وعسكري، وقد أقام في جنوب لبنان مجتمعاً أصولياً شيعياً، ومنذ ثلاثين سنة، لم يصل جيش لبنان إلى الجنوب، وكان جيش الله وحسن نصرالله هو القوة الوحيدة في جنوب لبنان. في الانتخابات البرلمانية الأخيرة حصل حزب الله على ستة مقاعد. ولكن قوته هي في سيطرته على جنوب لبنان، وفي قوته العسكرية. نسأل ويسأل العالم: أية دولة عربية أو غير دولة عربية فيها جيش وطني عام للجميع، وفيها أيضاً جيش طائفي أصولي تعطيه دولة أجنبية (ايران) السلاح والمال، المال الكثير؟!
لبنان يصارع للتقدم الاقتصادي والتجاري والسياحي، لبناء وطن حر ومتطور، بعد انتهاء الوصاية السورية، ولبنان يريد صهر كل الشعب اللبناني شعباً واحداً يستوعب في داخله كل الطوائف والفئات وكل المناطق، مما يبشر بتطور وطنية لبنانية عصرية، ديمقراطية، كل المواطنين فيها شركاء ونشيطون في سبيل بناء لبنان الجديد.
إن سورية- نقصد النظام البعثي في سورية- تخاف من ازدهار التجربة اللبنانية الديمقراطية، لأن هذا يعمق الأزمة الداخلية في سورية. سيقول المواطن السوري الغلبان المقموع والجوعان: إذا كان اللبناني قادراً على هذا، فلماذا لست قادراً؟!
نجاح التجربة الديمقراطية الوطنية المدنية في لبنان ليس انتصاراً تاريخياً للبنان فقط، بل هو انتصار للنضال الديمقراطي الوطني في العالم العربي كله.
كل القوى العاقلة والديمقراطية والوطنية والمدنية والعصرية، في لبنان والعالم العربي مدعوة إلى عدم قبول ما هو أقل من الانتصار الديمقراطي في لبنان، والاستقرار في لبنان، كبداية لتحولات عصرية ديمقراطية في العالم العربي كله.
إن هزيمة محور ايران-سورية- حزب الله، في لبنان هي انتصار للنضال العربي الديمقراطي، انتصار للمستقبل العربي كله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة