الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سوريا المستقبل: بين رفض الفيدرالية وتوسيع اللامركزية الإدارية
زانا ابراهيم
2025 / 5 / 9مواضيع وابحاث سياسية

في خضم الصراع السوري المستمر وتعقيداته السياسية والديمغرافية، تتصاعد التساؤلات حول الشكل النهائي للدولة السورية في مرحلة ما بعد التسوية. ورغم تعدد الرؤى والمشاريع المطروحة، فإن معالم "سوريا الجديدة" تبدو متجهة نحو نموذج خاص لا يشبه النماذج المتداولة من الدولة المركزية أو الفيدرالية أو اللامركزية السياسية الصريحة.
توقعي الشخصي، استناداً إلى مجريات الواقع ومواقف الأطراف المؤثرة، هو أن سوريا لن تتجه نحو الفيدرالية كما هو الحال في العراق، ولا حتى نحو اللامركزية السياسية بمعناها الحقيقي. كما أن العودة إلى المركزية المطلقة باتت مستبعدة عملياً. ما يرجَّح هو أن تتبنى البلاد نموذج "اللامركزية الإدارية الموسعة"، الذي يمنح بعض الصلاحيات للمناطق دون المساس بوحدة الدولة وسيادتها المركزية.
دستورياً وقانونياً: اعتراف محدود وخاضع للتعديل
في النص الدستوري، لن يكون هناك أي اعتراف بوجود كيانات "حكم ذاتي". من المرجح أن يكتفي الدستور بالإشارة إلى مبدأ اللامركزية الإدارية، وربما ينص على إمكانية تشكيل "وحدات إدارية خاصة" في بعض المناطق ذات الخصوصية السكانية والثقافية، لكن دون أي شكل من أشكال السيادة المحلية أو الاستقلال السياسي.
أما قانونياً، فقد يتم استخدام تسميات مثل "مناطق إدارية خاصة" أو "مناطق ذاتية الإدارة" في محافظة الحسكة، ومنطقة كوباني، وربما تل أبيض. هذه التسميات ستمنح نوعاً من الاعتراف المؤسسي، لكن تبقى محاطة بهشاشة قانونية، بحيث يمكن تعديل صلاحياتها أو حتى إلغاؤها في البرلمان متى ما اقتضت الحاجة السياسية أو الأمنية. وبدرجة أقل من الصلاحيات، قد يتم تطبيق نموذج مشابه في محافظة السويداء ومنطقة عفرين.
صلاحيات محلية دون نفوذ سيادي
في هذه المناطق، قد يكون هناك مجالس مدنية وتشريعية محلية، منتخبة من السكان، لكن بصلاحيات محصورة في مجالات مثل التعليم، الثقافة، البيئة، الإدارة المحلية، الضرائب المحلية، الأمن الداخلي، الصحة، والإعلام. أما السيادة بمعناها الكامل، بما فيها الدفاع والسياسة الخارجية، فستبقى من اختصاص الحكومة المركزية في دمشق.
اللغة والموارد: اعتراف محدود وتوزيع مشترك
اللغة الكردية، على الرغم من حضورها الثقافي والديموغرافي، لن تحظى باعتراف رسمي على مستوى الدولة، لكنها قد تُعتبر لغة رسمية في المناطق الإدارية الخاصة فقط إلى جانب العربية. وبالنسبة للموارد الطبيعية، سيتم تخصيص جزء من عائدات النفط والغاز في مناطق مثل الرميلان والسويدية لصالح هذه الإدارات المحلية، لكن تحت إشراف وتنسيق مشترك مع الحكومة المركزية. الأمر ذاته ينطبق على معابر مثل سيمالكا وقامشلو وتل كوجر، ومرافق حيوية مثل سد تشرين ومطار قامشلو الدولي.
نموذج خاص: ليس فدرالية ولا إدارة ذاتية
هذا النموذج المقترح، وإن تجاوز في بعض صلاحياته النموذج التركي للآمركزية الإدارية أو المركزي التقليدي، يبقى أقل بكثير من الفيدرالية أو حتى الإدارة الذاتية الراهنة. هو أقرب إلى تسوية واقعية تحفظ وحدة الدولة، دون الإذعان لمطالب الفيدرالية أو الحكم الذاتي.
وفي النهاية، حتى في حال توسيع الصلاحيات بشكل طفيف، فلن يتم على الارجح الاعتراف بأي "أقاليم" تحت مسميات مثل "روج آفا"، "كوردستان سوريا"، أو "شمال وشرق سوريا". ستبقى الدولة السورية موحدة من حيث الشكل الدستوري، مع هوامش حكم محلي مدروسة بعناية، ومحكومة باعتبارات سياسية وأمنية.
ربما يكون هذا الشكل من التسوية هو الخيار الممكن الوحيد ضمن التوازنات المحلية والإقليمية والدولية. فبين طموحات المكونات المختلفة ومخاوف الدولة المركزية لا سيما من قبل الكورد، قد تكون "اللامركزية الإدارية الموسعة" هي السبيل الوحيد لعبور المرحلة القادمة بأقل قدر من الصدام.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. اتصالات مكثفة بين سوريا ومسؤولين أوربيين عقب رفع العقوبات..

.. تعرف على خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب على قطاع غزة

.. الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن بواسطة منظو

.. خارج الصندوق | صراع داخل إسرائيل.. قادة ينفجرون غضبًا ضد نتن

.. بسبب غزة.. أوروبا تعاقب إسرائيل تجاريًا
