الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العجز العربي أمام الإبادة في غزة: تشريح لأسباب الصمت والتواطؤ
خورشيد الحسين
2025 / 5 / 9مواضيع وابحاث سياسية

في الوقت الذي تتعرض فيه غزة لإبادة ممنهجة، لم يفلح النظام العربي الرسمي في اتخاذ موقف فاعل يرقى إلى حجم الكارثة. فقد كشف العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر 2023 هشاشة الموقف العربي وتآكل أدواته، ما يطرح تساؤلاً محوريًا: لماذا يعجز العرب عن وقف المجازر بحق الشعب الفلسطيني؟ ولماذا لا يستطيع المجتمع الدولي كبح جماح آلة القتل الإسرائيلية؟
أولاً: العوامل البنيوية للعجز العربي
تتعدد الأسباب التي تفسر الضعف العربي المزمن تجاه القضية الفلسطينية، وتتلخص في ما يلي:
1. الانقسامات والصراعات العربية الداخلية
يعيش النظام العربي في حالة من التفكك السياسي والاستراتيجي. النزاعات الممتدة في اليمن وسوريا وليبيا، والتوترات بين دول الخليج وإيران، ساهمت في إضعاف الموقف العربي الجماعي، وأفقدته القدرة على تنسيق أي تحرك فاعل لصالح الفلسطينيين.
2. تسارع موجة التطبيع مع إسرائيل
شكلت "اتفاقيات أبراهام" التي وقعتها الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، نقطة تحول في العلاقة بين إسرائيل والعالم العربي. التطبيع أفرغ الموقف العربي من أي ضغط سياسي واقتصادي محتمل على الاحتلال، ورسّخ صورة أن بعض الأنظمة العربية لم تعد ترى في إسرائيل تهديدًا.
3. الانقسام الفلسطيني واستغلاله عربيًا
الانقسام الحاد بين السلطة الفلسطينية في رام الله وحركة حماس في غزة، أضعف مناعة الجبهة الفلسطينية الداخلية. وقد استخدمته بعض الأنظمة العربية ذريعة للتماهي مع الموقف الإسرائيلي والأمريكي الداعي إلى نزع سلاح المقاومة وفرض "تسوية الحد الأدنى".
4. الخضوع للإملاءات الأمريكية
معظم الأنظمة العربية تقع ضمن الفلك الاستراتيجي للولايات المتحدة، التي توظف علاقاتها الاقتصادية والعسكرية لكبح أي تحرك عربي جدي ضد إسرائيل. هذا التبعية تعمق من شلل الإرادة السياسية العربية.
ثانيًا: المجتمع الدولي... عجز أم تواطؤ؟
1. الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن
استخدمت واشنطن الفيتو مرارًا في مجلس الأمن لإفشال أي قرار يطالب بوقف إطلاق النار أو بحماية المدنيين. وفي حالات كثيرة، انضمت إليها بريطانيا وفرنسا، مما أفشل كل محاولات المحاسبة أو التحقيق في جرائم الحرب.
2. تضارب المصالح الغربية
ترتبط مصالح الولايات المتحدة والدول الغربية بإسرائيل في مجالات الأمن والتكنولوجيا والسلاح، مما يجعلها تغض الطرف عن جرائمها. كما أن "الاستقرار الإقليمي" أصبح أولوية بالنسبة للغرب وبعض العرب، ولو على حساب الحق الفلسطيني.
ثالثًا: تقاطع الرؤية بين إسرائيل والنظام العربي الرسمي
هناك تقاطع واضح بين مشروع إسرائيل "لتفكيك المقاومة" وبين رغبة بعض الأنظمة العربية في القضاء على القوى الإسلامية أو الثورية التي تهدد أمنها الداخلي. ومن هنا، تتلاقى المصالح حول "دولة فلسطينية ناقصة" –غزة فقط– منزوعة السلاح، تخدم أمن إسرائيل وتمنح الأنظمة العربية غطاءً دبلوماسيًا أمام شعوبها.
رابعًا: غياب الضغط الشعبي والإرادة السياسية
منذ موجة "الربيع العربي"، انشغلت الشعوب العربية بقضاياها الداخلية، وتراجعت أولويات القضية الفلسطينية في الوعي الشعبي العام، بفعل القمع والإرهاق الاقتصادي والسياسي. وهو ما قلل من الضغط الجماهيري على الأنظمة، وسهّل عليها التواطؤ أو الصمت.
خاتمة: الصمت الذي يصنع المجازر
ما يجري في غزة ليس مجرد تقصير دبلوماسي، بل انعكاس لتحول بنيوي في موقف النظام العربي الرسمي. فالصمت العربي لم يعد مجرد ضعف، بل أصبح في كثير من الأحيان غطاءً سياسياً لاستمرار العدوان. وفي ظل غياب مشروع عربي مقاوم، واستمرار الانقسام الفلسطيني، وتواطؤ المجتمع الدولي، تبقى غزة وحيدة في مواجهة آلة القتل، مسنودة فقط بشعوب لم يُسحق وعيها بعد.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. اتصالات مكثفة بين سوريا ومسؤولين أوربيين عقب رفع العقوبات..

.. تعرف على خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب على قطاع غزة

.. الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن بواسطة منظو

.. خارج الصندوق | صراع داخل إسرائيل.. قادة ينفجرون غضبًا ضد نتن

.. بسبب غزة.. أوروبا تعاقب إسرائيل تجاريًا
