الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرؤية الاستراتيجية للقيادة الفلسطينية في زمن الحرب

رمزي عطية مزهر

2025 / 5 / 9
الادارة و الاقتصاد


09/05/2025
تمر القضية الفلسطينية منذ عقود بصراع طويل ومعقد تتداخل فيه الأبعاد السياسية والعسكرية والاجتماعية والإنسانية. وفي ظل استمرار الاحتلال والعدوان، تتجلى أهمية وجود رؤية استراتيجية واضحة للقيادة الفلسطينية في زمن الحرب، تتجاوز الانفعال وردود الفعل الآنية، لتكون قادرة على توجيه مسار النضال نحو تحقيق الأهداف الوطنية العليا، وعلى رأسها التحرر والاستقلال.
 أهمية الرؤية الاستراتيجية في السياق الفلسطيني:
في ظل الحصار والانقسام والتغيرات الإقليمية والدولية، لا يمكن للقيادة الفلسطينية أن تعتمد على التكتيك وحده، بل تحتاج إلى استراتيجية طويلة المدى تأخذ بعين الاعتبار: تعقيدات الواقع الجغرافي والديمغرافي، توازن القوى الإقليمي والدولي، التحولات في مواقف الرأي العام العالمي، البعد الإنساني والحقوقي للقضية.
إن الرؤية الاستراتيجية تعني القدرة على استشراف المستقبل، وتحديد الأهداف المرحلية والبعيدة، واختيار الوسائل الفعّالة لتحقيقها مع الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني.
 ملامح الرؤية الاستراتيجية المطلوبة:
الرؤية الاستراتيجية للقيادة الفلسطينية في زمن الحرب يجب أن تقوم على عدة مكونات رئيسية، أبرزها:
1. الوحدة الوطنية كأولوية استراتيجية
تجاوز الانقسام بين الفصائل الفلسطينية هو أساس أي تحرك ناجح. لا يمكن الانتصار في معركة التحرر بدون جبهة فلسطينية موحدة سياسياً وعسكرياً وشعبياً.
2. المقاومة متعددة الأشكال
يجب أن تشمل الرؤية كافة أشكال المقاومة، من المسلحة إلى الشعبية إلى الدبلوماسية، وتوظيف كل وسيلة في وقتها المناسب حسب الظرف والهدف.
3. الارتكاز إلى الشرعية الدولية
الاستفادة من القرارات الأممية والمواقف الحقوقية المتزايدة عالميًا تجاه الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، ما يفتح آفاقًا جديدة لتوسيع الدعم العالمي.
4. إعادة بناء المؤسسات الوطنية
بناء المؤسسات الوطنية على أسس ديمقراطية وتشاركية يضفي شرعية وقوة على القيادة في الداخل والخارج.
5. إستراتيجية إعلامية موحدة
المعركة على الرواية لا تقل أهمية عن المعركة الميدانية. تحتاج القيادة إلى خطاب إعلامي مؤثر يعكس عدالة القضية ويكشف جرائم الاحتلال.
 التحديات أمام الرؤية الفلسطينية:
رغم أهمية الرؤية الاستراتيجية، تواجه القيادة الفلسطينية عدة تحديات معقدة:
• الانقسام الداخلي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
• الضغوط الإقليمية والدولية التي تعيق اتخاذ قرارات سيادية حاسمة.
• الاحتلال الإسرائيلي وسياساته التوسعية.
• الحصار المالي والاقتصادي المفروض على الشعب الفلسطيني.
لكن رغم هذه التحديات، تظل القدرة على بلورة رؤية موحدة وشاملة ممكنة، إذا توفرت الإرادة السياسية وتغلبت المصلحة الوطنية على الحسابات الفصائلية الضيقة.
 القيادة في زمن الحرب – بين الصمود والتخطيط:
القيادة الفلسطينية اليوم مطالبة بأكثر من مجرد الصمود؛ هي مطالبة بإعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني ضمن استراتيجية مقاومة مدروسة، تستند إلى:
• إدارة الصراع لا الانجرار إليه وفق شروط العدو.
• التخطيط لما بعد كل مواجهة عسكرية، من إعادة الإعمار إلى توثيق الجرائم إلى تدويل المطالب الفلسطينية.
• إشراك الكفاءات الفلسطينية في الداخل والشتات في عملية اتخاذ القرار.
وأخيراً وليس بآخر في زمن الحرب، لا بد للقيادة الفلسطينية من أن تكون بوصلة توجه النضال الوطني نحو التحرير، لا أن تبقى رهينة اللحظة أو رادات الفعل. الرؤية الاستراتيجية هي الضمان الحقيقي لصمود الشعب الفلسطيني وتقدم قضيته العادلة، وهي ما يميز بين القيادة التي تصنع التاريخ وتلك التي تستهلكه.

كاتب وباحث في الشؤون الاقتصادية والإدارية / فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكرير البترول-: وحدات الإصلاح تنقي البنزين من الشوائب والأم


.. السعودية وأميركا.. اتفاقيات اقتصادية ضخمة خلال زيارة ترمب لل




.. 80 عاما من العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية جمعت السعودية وا


.. هل تجنب العالم أزمة اقتصادية بعد الإتفاق الأمريكي الصيني ؟




.. هل تجنب العالم أزمة اقتصادية بعد الإتفاق الأمريكي الصيني ؟