الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
صراع الهوية : -نحن- و -هم-
مضر خليل عمر
2025 / 5 / 10مواضيع وابحاث سياسية

الانسان بطبيعته يحب نفسه ، ويراها افضل من غيرها ، و يبرر ذلك بشتى الوسائل والافكار والتنظيرات . ولا ينحسر ذلك بالفرد بذاته ، بل بالمجموعة ، على اختلاف انواعها و تشكيلاتها و مسمياتها (عرقية ، قومية ، دينية ، طائفية ، مهنية ، اجتماعية ، سياسية ، .... الخ) . ومن ابرز مؤشرات السعي للتميز هي عملية البحث عن الهوية وتشكيلها ، هوية : "انا" و " هو " ، و-او ، هوية "نحن" و "هم" . ولعل المشاكل والصراعات الدائرة على سطح الكرة الارضية ومنذ بدء الخليقة تتمثل في عقدة نحن والاخرون ، فكل يحاول الهيمنة و السيطرة على الاخرين وسلبهم ممتلكاتهم وهويتهم بشتى الوسائل والطرق ، المقبولة و المرفوضة اصلا . وقد كتب التاريخ بصيغة (نحن و هم) ، لذا نجهل الكثير من الحقائق التي طمست عمدا . فنحن (العرب) وهم (الاخرون) ، ولكن ، من هم اولئك الاخرون ؟ ما هي طبيعتهم ؟ وماهو سبب عدائهم لنا ؟ هل بسبب ما نملك من ثروات مخزونة على الارض التي نسكنها ؟ ام لامور تتجاوز ذلك ، لتصل الى سمات هويتنا ؟ ام تخوفا من انتقال القطب الحضاري نحو الشرق وما يتبعه من مواقف سياسية واقتصادية ؟
لعل تسليط حزمة ضوء على هوية العالم الغربي تساعد في كشف بعض الحقائق التي قد يجهلها الكثيرون . فشعوب غرب اوربا (بالذات) تمتاز بالغطرسة و سيادة الانا المقيتة . تسود بينهم مكابرة : الانكليزي لا يتحمل الفرنسي ، الفرنسي ينظر بريبة للالماني ، للالماني نظرة دونية للايطاليين ، و الايطاليين يتكبرون على الاسبان ، وهكذا . ورغم هذا وجدوا طرقا منوعة للتلاقي والتعاون الاقتصادي والسياسي والعلمي لمواجه الاخر (الاتحاد السوفيتي سابقا و الاسلام حاليا) . نقل المهاجرون الاوربيون عقدتهم هذه الى العالم الجديد (امريكا الشمالية : الولايات المتحدة و كندا) ، والى استراليا و نيوزيلندا و جنوب افريقيا . وتعاملوا مع الامم والبلدان التي استعمروها بمنتهى القسوة و الجشع ، وما كتبوه عنها كان بعين غربية لا ترى الا مصالحهم الانية و المستقبلية (تاريخيا وجغرافيا وفكريا) .
ازداد الامر سوء مع الثورة الصناعية ، وتركزها في غربي اوربا والولايات المتحدة ، مما عمق الاطماع في خيرات البلدان الاخرى و رسم سياسات استراتيجية بعيدة المدى لاستغلال الاخرين ابشع واقذر استغلال . و وجدوا من يساعدهم في تحقيق اطماعهم ومساعيهم من مشردي اليهود و تنظيمات باطنية (الماسونية و الصهيونية و غيرها) و استأجروا خونة وعملاء قذرين يبيعون الاهل و الوطن من اجل الفتاة التي يرموها لهم بكل احتقار وازدراء . ولعل وعد بلفور و تشكيل دول في منطقة الشرق الاوسط ، و استحداث مناطق حياد بينها لتكون مسمار جحا (قنبلة موقوتة) ، وما قامت به مس بيل و اعوانها و تحركات لورنس في المنطقة تفتح عيون من لا يرى ابعد من ارنبة انفه .
تفاقم الامر واصبح عصيا بخروج الشركات من قمقم دولها لتكون عابرة للحدود بادئة مرحلة جديدة : العولمة الاقتصادية والثقافية والسياسية . واصبح المال و الاعلام و ادعياء الدين وحكام الدول اللقيطة ادوات تنفيذية لانضاج السياسات التي رسمت من قبل و لتصبح واقعا مفروضا على الشعوب ، بما فيها الغربية نفسها . بعبارة ادق الصراع العالمي الان في اوسع واعمق ما وصل اليه عبر التاريخ . فله اوجه عديدة ، تبعا لسمات الهوية ، فهو : متحكم ماليا ، مسيطر اعلاميا ، ممثل بحكومات لا حق لها باتخاذ ابسط القرارات لصالح شعوبها ، مثيرا للتفرقة بجميع انواعها و الوانها ، دافعا للهجرة و النزوح الفردي و الجمعي ، مذيبا للثقافات المحلية باسم احياء التراث بلباس العولمة ، نشر للشتات ومثيرا للنعرات بجميع انواعها ومستوياتها.
تحت غطاء العولمة ، ترد صراعات قديمة قابلة للتجديد و تلبس اثوابا اخرى وتحت مسميات جديدة : الصراع الديني ضد الاسلام : (يهودية – اسلامية) ، (مسيحية – اسلامية) ، (طائفية : سنة - شيعة ) ، الصراع القومي (عرب ، اكراد ، تركمان ، امازيغ) . يوصل هذا الى فكرة : ان هويتي تتسم بكوني عربي ، مسلم ، اقطن في ارض الرافدين (المليئة بالخيرات المعدنية والتاريخية ، وهي منطقة صراع عبر التاريخ) فان الاخرين بالنسبة لي يفترض انهم : (الراسمالية بقيادتها الماسونية – الصهيونية) ، (اليهود ، المسيحيون ، الاديان والمجاميع الاخرى التي لها موقف من الاسلام تاريخيا ) ، (القوميات الاخرى التي تشاركني الارض و التاريخ و المصاهرة) . فهل الامر هكذا فعلا ؟ ام ان هذه تخوفات لا مبرر لها ؟
ولكن ، وقبيل الاجابة ، من الجوهري النظر الى الواقع الراهن و استطلاع شخصية الاماكن و المجاميع وما كانت عليه ومقارنته مع الامر نهاية الالفية الثانية . الامر لا يرتبط بالشرق الاوسط وحده ، فالمرجل بدأ بالغليان و التخوف من ثورة عارمة لا رادع لها في عقر دار الغرب المتسلط نفسه . فالصراعات الداخلية تتفاقم يوما بعد اخر ، وتعالج عادة باثارة مشاكل خارجية ، واستحداث وقائع هوليوودية مثل (11-9) لاشغال شعوبهم بها وتوجيه الانظار ، عالميا ، الى الاسلام و المسلمين و جز صوف الحكام وتعريتهم امام الانظار . ويبدو ان ممثليهم في المنطقة اصبحوا عاجزين فعليا عن تنفيذ ما يطلب منهم ، لذا ، فالدخول شخصيا لايجاد المخرج اصبح ضرورة تتطلبها الانفاس الاخيرة . فالصراع متعدد الاوجه والاسباب و المقاصد و التسميات ، ومواجهته امر لا مناص منه ، والله ولي المؤمنين .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان.. هل يمكن نزعه؟ | #ستوديو_

.. دبابات الاحتلال تستهدف قسم الجراحات التخصصية في مستشفى العود

.. لحظات تشكل إعصار في ولاية ألاباما الأمريكية

.. القناة 14 الإسرائيلية: إلقاء 3 عبوات ناسفة باتجاه الجيش الإس

.. أزمة مياه في أم درمان إثر اسهداف محطات الكهرباء.. ما القصة؟
